الكاظمي يكظم الغيظ إيرانياً.. و ينفتح سعوديا!

مصطفى الكاظمي رئيس الحكومة العراقية
اغتيال الباحث والصحافي هشام الهاشمي يكشف أسباب التطورات الإقليمية والدولية التي جاءت بالكاظمي رئيساً للحكومة العراقية.. فما هي هذه الأسباب؟

لم يكن من السهل سريعاً فهم المتغيرات الإقليمية والدولية بدقة التي أتت بمصطفى الكاظمي رئيساً للحكومة العراقية الجديدة ، إلا ان سير التطورات والأحداث بدأ يتكشف عن الأهداف الحقيقة وراء هذه الإستدارة، وآخرها اغتيال الباحث والصحافي هشام الهاشمي في العراق مطلع الشهر الجاري، الذي وصفه العديد من المراقبين بأنه رسالة تهديد الى رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، وترقب الكثيرون ردة فعل من الكاظمي اتجاه الميليشيات العراقية التابعة لايران، فاغتيال الهاشمي المقرب من الكاظمي، ادرج في سياق المواجهة بين الاخير والميليشيات التي تتبع ايران بعدما اعلن الكاظمي انه عازم على انهاء ظاهرة السلاح خارج سلطة الدولة.

كثر من المراقبين العراقيين اصيبوا بخيبة من ردة فعل الكاظمي التي بدت اقل مما كان متوقعا تجاه رسالة قتل الهاشمي، بل وصفت من البعض بانها اعلان عجز او استسلام، طالما انه لم يقم باي خطوة تظهر انه قادر على جلب القتلة او المتهمين بالقتل الى العدالة.

التحديات التي تواجه حكومة الكاظمي التي وصفت بانها حكومة مؤقتة، تمهد لانتخابات نيابية مبكرة، تتركز اليوم في عنوانين: الأول، ترسيخ سلطة الدولة والذي تمثل بسعيها الى الامساك بالمعابر الحدودية ولا سيما ايران وتركيا وسوريا، والقرار الذي صدر اخيرا عنها تجاه منع الظهور المسلح غير الشرعي. اما الثاني، فهو اعادة الاعتبار لمسار النهوض المالي والاقتصادي في دولة باتت موازنتها بالكاد تكفي لدفع رواتب الموظفين والعاملين في القطاع العام.

من هنا يمّم الكاظمي وجهته نحو السعودية، التي كان وزير ماليته قد زارها قبل اشهر، وتلقى العراق اثرها مساعدة مالية شكلت رسالة ود ودعم للعراق، ويبدو اليوم ان زيارة الكاظمي المرتقبة في وقت قريب جدا كما نقلت وسائل اعلام سعودية، لتستكمل خطة التعاون ومساعدة العراق على الخروج من ازمته المالية والاقتصادية.

لا يخفى ان الكاظمي الذي يحظى بدعم اميركي، لم يصل الى السلطة من دون تسليم ايراني، ترجم بقبول الاحزاب الموالية لها بتوليه رئاسة الحكومة

ولا يخفى ان الكاظمي الذي يحظى بدعم اميركي، لم يصل الى السلطة من دون تسليم ايراني، ترجم بقبول الاحزاب الموالية لها بتوليه رئاسة الحكومة ولو كرها او على مضض.

في السعودية تبدو صورة الكاظمي ايجابية في اروقة الديوان الملكي، وهي مسبوقة بعلاقات كانت نشأت من تعاون وتنسيق بين اجهزة المخابرات السعودية والعراقية، حين كان الكاظمي على رأس الجهاز العراقي قبل توليه رئاسة الحكومة.

زيارة الكاظمي للسعودية بذاتها تعبر عن محاولة لاعادة التوازن داخل السلطة العراقية بعد اغتيال الهاشمي

زيارة الكاظمي للسعودية بذاتها تعبر عن محاولة لاعادة التوازن داخل السلطة العراقية بعد اغتيال الهاشمي، فهي تؤكد ان الكاظمي ذو الخبرة الامنية، يحاول مواجهة خصومه الميليشيويين على طريقته، ولن يستدرج الى مواجهة ميدانية يقرر توقيتها خصومه، فهو اكتشف ان حجم اختراق ايران للمؤسسة العسكرية الرسمية لا يستهان به، وان التغييرات التي قام بها على صعيد رؤساء الاجهزة والمسؤولين الامنيين، لا تتيح له الاطمئنان الى ولاء المؤسسة العسكرية والامنية الكامل لسلطته.

الرد السياسي والاقتصادي وسيلته التي تتمثل بالتوجه الى السعودية، وهي رسالة تبقى محل ترقب، خصوصا ان “المملكة” التي ابدت استعدادا لدعم مشروع الدولة العراقية، شديدة الحذر من ان تذهب جهودها سدى على هذا الصعيد، اي انها لن تبادر في فتح كامل ابوابها لدعم العراق، اذا لم يكن ذلك في سياق مشروع الدولة وليس مشروع الميليشيات.

المملكة غير معنية بالمعادلات السياسية والحزبية الداخلية في العراق، وليست مهتمة بطبيعة النظام، بقدر التركيز على قيام الدولة

من هنا وجهت المملكة رسائل مباشرة وغير مباشرة للمعنيين في العراق، مفادها ان المملكة غير معنية بالمعادلات السياسية والحزبية الداخلية في العراق، وليست مهتمة بطبيعة النظام، بقدر التركيز على قيام الدولة في العراق، وهي تبدي استعدادها من اجل فتح ابواب للمستثمرين السعوديين من اجل القيام باستثمارات كبرى، سواء في قطاع النفط والبنية التحتية والتجارة، لكن ذلك لن يقوم ولن يستقيم في ظل غياب دولة فعلية.

زيارة رئيس الحكومة العراقية الى الرياض، محل ترقب وهي تكتسب اهميتها في هذه المرحلة، في كونها تتيح للكاظمي ان يعزز سلطته الداخلية من خلال ما يمكن ان يحققه من رؤى ومشاريع اقتصادية عبر البوابة الأهم على هذا الصعيد اي السعودية. في المقابل فان الرياض تستقبل رئيس حكومة عراقية مطمئنة لخياراته السياسية، وهي ستظهر هذا الاهتمام من خلال الاتفاقيات التي ستبرم بين الطرفين، منها ما هو عاجل، ومنها ما هو رهن المسار السياسي والاقتصادي داخل العراق، ومدى الاستعداد الايراني للانكفاء بعدما اودت سياستها تجاه هذا البلد بالعديد من فرص نهوضه، والتي اثبتت الوقائع انها لن تتحقق من دون علاقات عراقية وثيقة مع واشنطن والرياض، وبالتأكيد ايران ، لكن ايران الدولة وليس ايران الحرس الثوري.

السابق
مُرافق كنعان يتداول بالدولار بصورة غير شرعية.. ما الحقيقة؟
التالي
اللبنانيون يلهثون.. و«العشاء خبّيزة»!