الرأي الفقهي في زمن جائحة كورونا…

كورونا
في ظل التباس الآراء الفقهية على بعض المكلفين حول أحكام التعامل مع جائحة ڤايروس كورونا، أحببنا أن نستوضح الرأي الفقهي الديني من الفقه الجعفري وفق فهم الدكتور الشيخ إبراهيم العاملي ، فكان هذا الحوار الفقهي العلمي مع سماحته..

السؤال الأول: فضيلة الدكتور هل يجوز اتهام بعض الجهات بتصنيع ڤايروس كورونا الوبائي، أم أنه مرض طبيعي من الله تعالى؟

– بسم الله الرحمن الرحيم ..بداية .. الداعي لست خبيراً استخباراتياً لأعلم ما جرى في الكواليس في القضية من احتمال أن يكون ڤايروس كورونا الوبائي مصنَّعاً من البروتينات الصناعية وما شاكل، ولا وقفت على معلومات طبية وكيميائية وبيولوجية مؤكدة يمكن القطع أو الظن المعتبر بها باتهام هذه الدولة أو تلك أو هذه الجهة أو تلك بتصنيع هذا الڤايروس، فحتى الآن القضية لا تعدو بحسب المعلومات المتوافرة لدينا، لا تعدو أن تكون في إطار الاتهامات والاتهامات المتبادلة بين الدول والجهات .. وعليه فلا يُجاز اتهام أحد بتصنيعه ما لم يثبت ذلك بدليل يحسن الركون إليه .. على قاعدة قوله تعالى: (( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا))، وقوله سبحانه: ((قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين))، وقوله عز وجل: ((اعدلوا هو أقرب للتقوى))، فهذا هو فقه ديننا، فحتى الآن المؤشرات التي نفهمها بالدليل هي كون هذا الڤايروس من صنع الطبيعة وقام بتطوير نفسه جينياً في السنوات الأخيرة.. والله العالم..

السؤال الثاني: هل يجوز نشر الأخبار غير المؤكدة وغير الموثقة حول هذا الڤايروس؟

-تعم الفوضى على مواقع التواصل الاجتماعي في هذا الخصوص ، فنسبة الأخبار غير العلمية وغير الدقيقة وغير الموثقة عالية جداً، ولا يُجاز نشر هذه الأخبار ما لم يكن الإنسان من الخبراء أو أخذها من خبراء ثقاة.. لأنه في حال عدم ذلك قد ينقل خبراً خاطئاً فيتسبب بموت إنسان أو إمراضه ، فيكون عليه إثم ذلك وتبعاته الدنيوية والأخروية ، كما أن أخبار التهويل التي ينشرها البعض لها أضرار معنوية نفسية وتنعكس على قوة المناعة الطبيعية عند الناس فتُضعفها ، وهذا حرام بلا إشكال ، فإخافة المؤمن وإيذاء المؤمن وإضرار المؤمن – بل الغير مطلقاً – هو من كبائر الذنوب المنصوصة ، وتؤيدها قاعدة الحديث النبوي : ” لا ضرر ولا ضرار في الإسلام ” ..

اقرأ أيضاً: فروة الرأس لم تسلم من «كورونا».. فما هو الحل؟

السؤال الثالث: هل يجوز مخالطة الناس دون ارتداء الكمامات واعتماد الوسائل الوقائية؟

الجواب : بما أن هذا المرض من الأوبئة الخفية التي قد لا تظهر لها عوارض ولا تظهر بفحص ال PCR من أول مرة .. لذلك فاحتمال أن يكون المُخَالَطون والمُخالِطون مصابون به وهذا وارد ومحتمل .. وهذا ضرر يجب دفعه عند المتشرعة وعند العقلاء لقاعدة : ” وجوب دفع الضرر المحتمل ” الأصولية التي هي من المستقلات العقلية التي يستقل العقل بالحكم بها والشرع يُمضي حكم العقل في المستقلات العقلية فلا تحتاج هذه الأحكام للرجوع إلى الشارع للأخذ بها .. وبناءً على ذلك فيجب عند المخالطة اعتماد الوسائل الوقائية المتاحة والممكنة والمتوافرة والمقدور عليها والمستطاعة من التباعد الجسدي ووضع الكمامات وواقي الوجه ولبس القفَّازات وتعقيم اليدين والملابس والمآكل والمشارب وأماكن الجلوس وما شاكل بالمواد والطرق التي يقررها الخبراء من الأطباء والاختصاصيين في الأمراض المُعدية والجرثومية بحسب اختلاف درجة الخطورة من المخالطة .. وهذا كما قلت : واجب شرعاً وعقلاً ، ولا يُجاز التهوان والاستخفاف بذلك ، والمتهاون والمستخف مأثوم شرعاً بلا شك لكونه يستخف بأرواح الآخرين وبالإضرار بالغير وهو ما ثبتت حرمته بإجماع الفقهاء ..

السؤال الرابع: لو خالط الإنسان من ثبت إصابته بالمرض أو من يحتمل إصابته ما هو تكليفه الشرعي في هذه الحالة؟

-في هذه الحالة يجب عليه البقاء في الحجر الصحي لمدة أربعة عشر يوماً وهي المدة التي قررها الخبراء، ولا يُجاز له مخالطة الناس قبل ذلك، ولو خالف الحكم الشرعي وخالط في مثل هذه الحالة فعليه الإثم لمخالفته القواعد الشرعية الفقهية والأصولية والعقلائية العقلية التي ذكرناها.. ولو كان بسبب المخالطة مُتسبِّباً بنقل الڤايروس لأحد من الناس فإن الفقهاء أفتوا بوجوب أن يُعالج من تسبب بنقل العدوى إليه، ولو مات من نقل العدوى إليه فعليه دفع ديته إلا أن يعفو أولياء الميت.. والحمد لله في لبنان الدولة تتكفل بمعالجة المصابين وتتحمل هموم الموتى بهذا الڤايروس، وهذه من النعم التي ينبغي أن يشكرها اللبنانيون وهي تُسجَّل من إيجابيات الدولة اللبنانية والنظام اللبناني..

السؤال الخامس: لو توصل أحد لإيجاد لَقاح لهذا الوباء هل يجوز له احتكاره وبيعه بأسعار خيالية؟

 -لا يُجاز ذلك..

السابق
جنبلاط يدق ناقوس الخطر: المواجهة الاميركية – الايرانية ستطول.. ماذا عن لبنان؟!
التالي
فلويد ليس وحيداً.. العنصرية تدفع عائلة سيمبسون لهذا القرار!