«حزب الله» يُنفذّ أخطر «أجنداته» السياسية و المصرفية والشعبية!

الثورة
يُدخل "حزب الله" لبنان في أجندة داخلية سياسية و أمنية و"عسكرتارية"و إقتصادية مالية ذات امتدادات إقليمية، يعمل على تنفيذ بنودها "الهدامة" بكل الوسائل المتاحة لديه، بدءا من مباركة عهد "قوي" على أخصامه السياسيين لا عليه بالطبع، إتيانه بحكومة محكومة يتحكم بها كما يشاء.

سلاح حزب الله الذي أضاع بوصلة المهمة التي وُجد من أجلها، وأدخله في “لعبة الأمم” وزج بيئته في “بازارات” داخلية يبيع ويشتري بها بحسب الطلب، يستعيد أخطر وجوهه وأشكاله وتقمص على هيئة البترودولار وشهره بوجه اللبنانيين.

“التقية” السياسية

وتمادى في ممارسة الشيئ ونقيضه معتمداً “التقية” السياسية و”المصرفية” والشعبية. والمشهد الذي برز في المناطق اللبنانية ولا سيما مناطق نفوذ “حزب الله” في اليومين الماضيين، يعكس حالة غضب من ازمة انفلات سعر الصرف بطريقة جنونية، ادت الى حال من الهلع حيال فقدان معظم اللبنانيين من قيمة ما يمتلكون من عملة وطنية، والغضب من اداء السلطة تجاه ضبط سعر الصرف وتداعياته على لقمة العيش.

والارباك الذي ادى الى اغلاق العديد من المؤسسات التجارية ابوابها، بسبب عدم قدرتها على تحديد اسعار بضائعها، للمستهلكين بسبب ارتفاع سعر الدولار من دون سقف.

“حزب الله” محرك مجموعات الخميس!

لا شك أن ما اثار انتباه اللبنانيين ليل الخميس – الجمعة، ان التحركات الاحتجاجية هذه المرة انتقلت الى الضاحية الجنوبية ومناطق عدة في الجنوب وفي بعلبك والهرمل، في مشهد يذكر بالايام الاولى من انتفاضة ١٧ تشرين.

وهو ما دفع الكثير من المراقبين الى القول ان “حزب الله” هو من يقف وراء تحريك الشارع في هذه المناطق وليست تحركات عفوية، لا سيما ان الشعارات التي رفعتها مجموعات خرجت من الضاحية الجنوبية في إتجاه وسط بيروت، وغيرها من مناطق خارج النفوذ المباشر لـ”حزب الله”، رفعت شعارات تدين الطائفية وربما هي نفسها من كادت ان تفتعل ازمة مذهبية في بيروت وعين الرمانة، قبل ايام اي السبت ٦/٦ بسبب الشعارات المذهبية والطائفية المستفزة والتي لاقت استنكارا لبنانيا عاما.

لا شك ان “حزب الله” كان يدير جزءا مهما من هذه المجموعات التي خرجت الى الشارع، لكن مسارعة “حزب الله” لتقدم صفوف الاحتجاجات عبر مجموعات هو من يقوم بتوجيهها وتلقينها الشعارات المدروسة والمحددة، كانت خطوة “المُكره لا البطل” الذي اشعل نار الاحتجاج.

ففي نهاية نهار الخميس المنصرم، كان تجار الضاحية الجنوبية، بدأوا باغلاق متاجرهم، وانفلات سعر الصرف، احدث صدمة في الشارع، وكانت الناس في حالة غضب وهي ترى كيف يجري افقارها ونهبها مجددا، عبر تجميد الودائع قبل اشهر، وعبر انهيار سعر الصرف في ذلك اليوم، والذي انعكس شللاً على الحركة الاقتصادية ومزيدا من الازمة المعيشية.

“حزب الله” ساير الاحتجاجات وادارها!

مسارعة “حزب الله” الى ادارة الاحتجاج ومسايرته، يعكس تراجع القدرة التي كانت لديه في ١٧ تشرين، في ضبط الاحتجاجات ومنع بيئته من تنظيمها، هذا ما حصل في منتصف تشرين الاول عندما طلب امين عام “حزب الله” من مناصريه عدم المشاركة في الاحتجاجات والخروج من الساحات، وهذا ما كشفته عملية اقتحام واستباحة تجمع المحتجين في النبطية قبل اشهر، والهجومات المتكررة على المعتصمين في وسط بيروت، وحرق الخيم،  وغيرها ما جرى في بعلبك ومدينة صور وفي الهرمل وغيرها من المناطق التي تخضع لنفوذ “حزب الله” المباشر ولحركة أمل.

ماذا عدا مما بدا لماذا بات “حزب الله” منظما للاحتجاجات في الشارع بعدما كانت محرمة في بيئته؟

مع دياب انتهى الالتباس وبات اي لبناني يدرك بلا تردد ان “حزب الله” هو الحاكم الفعلي للبنان

لا شك ان “حزب الله” شجع في السابق التظاهرات الاحتجاجية ضد حاكم مصرف لبنان وضد المصارف، ولكن لم نشهد اي تعرض لمصرف في الضاحية الجنوبية حيث معقل “حزب الله” ومركز قيادته، بينما شهدنا مثل هذه الاحداث في بيروت وفي مناطق عدة.

وهذا ان دل على شيء فكان يعكس عملية ابتزاز لحاكم مصرف لبنان المسؤول اسوة باطراف السلطة عما وصل اليه الوضع المالي من تدهور مريع، كما المصارف ولكن تبقى المسؤولية الاولى على السلطة السياسية التي لم تعترض على سياسة الحاكم، بل كانت الموجه له في كل خياراته الاستراتيجية على صعيد تثبيت سعر الصرف

مع حكومة الرئيس حسان دياب التي شكلها “حزب الله” بعدما رفض الرئيس سعد الحريري العودة الى رئاسة الحكومة الا بشروط منها ان لا يشارك “حزب الله” فيها، بات الجميع امام الحقيقة العارية، هي ان “حزب الله” هو الحاكم الفعلي، واذا كان وجود الحريري في رئاسة الحكومة قد خفف من هذه الحقيقة، فمع الرئيس دياب انتهى الالتباس وبات اي لبناني يدرك بلا تردد ان “حزب الله” هو الحاكم الفعلي للبنان.

مسؤولية الحكم

هذا ما جعل “حزب الله” امام معضلة جديدة، لم يعد قادرا على التنصل من هذه الحقيقة، وان قالها فلم تعد مقولته تؤخذ على محمل الجدّ، وسلوكه في الشارع اليوم، هو استعراض فائض القوة لديه، في مسار يتسم بالارباك والعجز ولا يتصل باداء سياسي مدروس، يبتغي من خلاله التخلص من المأزق الذي يعيشه لبنان ويعاني منه هو بالذات.

اليوم “حزب الله” لم يعد قادرا ان يتنصل من مسؤولية الحكم، ولا من تبعات العقوبات التي كانت الحكومات السابقة تشكل متراسا له، اليوم بات هو متراس الحكومة المتشبث بها، بعدما ادرك ان فرص تشكيل حكومة جديدة تأتمر به بات مستحيلا، وان احدا لن يقبل بهذه المهمة بشروط “حزب الله”، الا اذا كان نسخة طبق الأصل عن رئيس الحكومة الحالي حسان دياب.

التغير الاستراتيجي في ادارة السلطة اليوم بالنسبة لـ”حزب الله” ترتبط بأمرين مستجدين في ادارته السياسية للشأن اللبناني منذ ما بعد اتفاق الدوحة ٢٠٠٨، هما: اولا، ان “حزب الله” يعاني من حصار مالي واقتصادي يبدأ من حصار ايران ومن التضييق الاميركي عليه في العراق، ومن تراجع غير مسبوق لملاءته المالية.

ثانيا، وجد “حزب الله” نفسه  اليوم اكثر من اي وقت مضى مجبرا على حماية ليس الحكومة فحسب، بل حتى شبكة حلفائه بكل ما يقتضيه ذلك من تعويض التهديدات الخارجية لحليفه الوزير السابق جبران باسيل ولحليفه الرئيس نبيه بري وغيرهم من احزاب قوى ٨ اذار وبعض الجماعات التي ربطت شريان حياتها به او بما يوفره من مصالح داخل الدولة التي تكاد تعلن افلاسها.

ابتزاز سلامة!

بهذا المعنى يمكن فهم لماذا كان التركيز على حاكم مصرف لبنان من قبل المتظاهرين الذين دفعهم حزب الله لتقدم التظاهرات في مناطق نفوذه، لم يعد من مسؤول يمكن ان يحمله حزب الله المسؤولية، فهؤلاء اما حلفاء له او من الخصوم الذين يخضعون له ويسايرون سلطته.وحتى حاكم مصرف لبنان الذي قدم الخدمات واستجاب لما طلبه حزب الله ولا يزال يفعل ذلك، ومنها استجابته اخيرا لضخ الدولار الى الصرافين، لا سيما تلك الكتلة النقدية المحدودة التي تتأتى من شركات الأموال كال omt وامثالها، وهو مبلغ يقدر بنحو ٦٥ مليون دولار شهريا تصل الى خزينة مصرف لبنان.

اقالة سلامة ليست واردة في حسابات “حزب الله”، ذلك ان اقالته تفقد “حزب الله” الخصم الذي تحول الى مشجب تعلق عليه كل الخيبات والفشل السياسي والاقتصادي، فاي حاكم جديد سيكون اقل طواعية لمطالب “حزب الله” وسياسته.

العملة الخضراء ليست في يد حاكم مصرف لبنان، والسوق اللبناني وحتى السوري، بات مستعدا لابتلاع اي مبلغ بالدولار، بسبب انعدام الثقة بالعملة الوطنية من قبل المواطنين وبسبب حاجة السوق السوري الى الدولار في ظل العقوبات الاميركية التي يتعرض لها النظام.

يدرك “حزب الله” ان المشكلة ليست حاكم مصرف لبنان، لكنه بسبب حاجته الملحة للدولار ولو الفتات منه، يدفعه الى الضغط على الحاكم من اجل ضخ العملة الخضراء، وهي لن تحل المشكلة، قد تعين حزب الله لأيام او اسابيع، لكن المشكلة باتت اعمق من ذلك بكثير.

فلبنان الذي استسلم للفساد الى حد سرقة اموال المودعين، هو عرضة لنوع من العزلة العربية والدولية التي افقدته فرص العون والمساعدة، وهو امام انعدام الثقة من قبل الشعب بالسلطة، ومن قبل العالم به، ما يجعل مما تبقى من احتياط مالي بالعملة الصعبة في المصرف المركزي مرشحة لأن تتبخر كلما طولب المصرف المركزي بضخها في السوق وللصرافين، علما ان تلبية حقوق المودعين اولى وتؤدي نفس النتيجة.

اقالة سلامة ليست واردة في حسابات “حزب الله” لان اقالته تفقد الحزب الخصم – المشجب الذي يعلق عليه كل الفشل

التخبط الذي يعيشه حزب الله في خياراته اللبنانية والخارجية، سيدفعه اكثر الى الاستثمار في فوضى الشارع، وفي محاولة الدفاع المستميت عن الحكومة ورئيسها، وفي الذود عن حلفائه الذين لوحت واشنطن بمعاقبتهم، وسيكون لبنان ازاء هذا السلوك المتخبط، امام مزيد من الانهيار والتراجع نحو العجز والفقر واستفحال الأزمات، وسط لا مبالاة دولية ولا عربية باتت تسرب ان لا خلاص للبنان قبل سقوط منظومة الحكم القائمة بقوة “حزب الله”.

السابق
الجنوب يجدد إنتفاضته من صيدا الى حاصبيا..إنتخابات مبكرة وإسقاط الحكومة وسلامة!
التالي
إعطاء «العلم والخبر» وسحبه ليس من صلاحيات محفوظ..«إعلاميون من أجل الحرية»: ممارساته بوليسية!