«عائشة أم المؤمنين» ضحية «الغوغاء المذهبية»!

خندق حزب الله أمل
نقلت وكالات الانباء امس عن مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو تظهر قيام مجموعات بترديد هتافات مسيئة لزوجة النبي محمد عائشة، ردّدها محتجون شيعة ردا على تظاهرات شعبية أُشيع انها طالبت بنزع سلاح حزب الله أمس السبت.

عائشة هي ثالث زوجات الرسول محمد وإحدى أمهات المؤمنين، والتي لم يتزوج امرأة بكرًا غيرها، وهي بنت الخليفة الأول للنبي محمد أبو بكر.

هذا ما تخبرنا عنه كتب التاريخ والسيرة النبوية الشريفة، كما تضعنا بصورة اول فتنة دموية في التاريخ الاسلامي، وهي معركة الجمل التي كانت عائشة طرفا فيها والامام علي بن ابي طالب الخليفة الرابع الطرف الاخر، ونشبت بعد قتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان ومبايعة الامام علي بالخلافة، فاسفرت المعركة عن سقوط آلاف القتلى من المسلمين .

عائشة بين فقهاء المذهبين

لاحقا ربطت احداث تاريخية اسم السيدة عائشة بالفتن المذهبية مع رواسب اثار معركة الجمل عند الشيعة وإبراز أحقية موقف الامام علي،  وكذلك مع ظهور الروايات السنية التي تتحدث عن مكانة عائشة ووالدها “ابو بكر” لدى بعلها النبي محمد الذي رآها في المنام قبل زواجه بها حسب تلك الروايات، وكان لها  منزلة خاصة في قلبه لانها كانت الاصغر والأجمل من بين نسائه، و”قد سُئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الناس أحب إليك يا رسول الله؟ قال: عائشة قال فمن الرجال ؟ قال: أبوها”. ومنها ما قاله فيها الأحنف بن قيس: سمعت خطبة أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، فما سمعت الكلام من في مخلوق أحسن ولا أفخم من فَيّ عائشة”، ومنها أن أكابر الصحابة كانوا يسألونها عن الفرائض: “كانت عائشة رضي الله عنها من أفقه الناس، وأحسن الناس رأيًا في العامة. وقال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: ما أشكل علينا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حديث قَطُّ، فسألنا عنه عائشة -رضي الله عنها- إلا وجدنا عندها منه علمًا”. وقال عروة بن الزبير بن العوام: “ما رأيت أحدًا أعلم بالحلال والحرام، والعلم، والشعر، والطب من عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها”.

ما رأيت أحدًا أعلم بالحلال والحرام، والعلم، والشعر، والطب من عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها

بالمقابل فان فقهاء الشيعة الذين أقروا لعائشة بلقب ام المؤمنين وبحصانة هذا اللقب من الخطايا الاخلاقية المزعومة ومنعوا غوغاءهم من سبها، وقفوا عند هذا الاقرار، وافقوا الفقهاء السنة وأوجدوا لأمّ المؤمنين (افقه نساء الارض واحب نساء الرسول اليه) الاعذار، ومنها “حسن المقصد وانها لم تخرج بجيشها الى البصرة لمقاتلة علي أو النكوث عن بيعته، وإنما للإصلاح ومعاقبة المفسدين الذين قتلوا عثمان”.

إقرأ أيضاً: «نرفض إرهاب الأزعر نصرالله».. وسم يجتاح «تويتر»!

عائشة وغوغاء الشيعة والسنة

بعد قرون ظهر اسم السيدة عائشة في منتصف القرن الرابع للهجرة عندما كثرت الفتن بين غوغاء السنة والشيعة في بغداد، وكان العراق يتأرجح حكمه بين البويهيين الشيعة والسلاجقة السنة، ويقول تاريخ ابن الكثير: “في عام 363 في عاشوراء وقعت فتنة عظيمة ببغداد بين السنة والشيعة، فعمد جماعة من اهل السنة اركبوا امرأة جملا وسموها عائشة، وتسمى بعضهم بطلحة وبعضهم بالزبير وقالوا: نقاتل اصحاب علي. فقُتل بسبب ذلك من الفريقين خلق كثير ونهبت الأموال”.

تنوعت مصادر الإساءة للسيدة عائشة، منذ  حادثة الافك التي ذكرها القرآن وحتى عصرنا الحالي رغم اجماع فقهاء الشيعة على تحريم الاساءة لها

بالمقابل تنوعت مصادر الإساءة للسيدة عائشة، منذ  حادثة الافك التي ذكرها القرآن وحتى عصرنا الحالي رغم اجماع فقهاء الشيعة ومجتهديهم في مواقع رسمية ومرجعيات دينية عربية وفارسية على تحريم الاساءة للسيدة عائشة وللصحابة وللشيخين ابو بكر وعمر، فان غوغاء الشيعة الذين افتعلوا في زمن ولاية الفقيه الايرانية صراعاً  لغرض تقسيم المقسم في العالم العربي، عن طريق استغلال السيدة عائشة التي اصبحت احدى العناوين الصارخة للنزاع السني الشيعي عبر التاريخ، وما شتم عائشة الذي سُمع امس في احد الفيديوهات في احد احياء العاصمة بيروت بحمأة الصراع الطائفي في بلاد الأرز، سوى استمرار لوظيفة زرع الفتن السياسية بين المذهبين الاسلاميين على مرّ التاريخ.

السابق
أسطورة محسن إبراهيم
التالي
توتر في طرابلس.. مسيّل للدموع والقاء حجارة!