ماذا تعني ولادة تجمّع سني ضد سلاح «حزب الله»؟

رضوان السيد

حملت إطلالة الدكتور رضوان السيّد بالامس “مفاجأة” إذا صح التعبير ، عندما أعلن عن ولادة “التجمع الوطني الاسلامي اللبناني” الذي يأتي على خلفية قرار “مجموعات من الكهول والشبان معظمهم من أهل السنّة” كما قال .وهذا التجمع الذي ستتبلور معالمه قريبا، يضع في طليعة اهدافه مواجهة ما أسماه السيّد “راديكالية شيعية في لبنان يقودها حزب الله ، وأيضا مواجهة “راديكالية مسيحية بقيادة الجنرال عون والتيار الوطني الحر”.فهل من ابعاد لهذه الخطوة على مسرح الاحداث في لبنان اليوم؟

كان لافتا في  المؤتمر الصحافي الذي عقده السيد  وواكبته “النهار” ،قول صاحب المناسبة انه لم يتواصل مسبقا مع الاوساط العربية وتحديدا مع المملكة العربية السعودية في الاقدام على خطوة الاعلان عن ولادة التجمّع الجديد.وربما يذهب البعض الى التكهن بأن هذا التوضيح يأتي تفاديا لإحراج قد يسببه إنتساب هذه المبادرة الى بعد عربي في مرحلة يسدوها الغموض داخليا وخارجيا.

اقرأ أيضاً: لمن الغلبة في إيران: للجيش أم لـ«الحرس الثوري»؟

وبدا السيّد حريصا على عدم إشهار الخصومة مع الطبقة السياسية السنيّة الرسمية التي تربطها بأحد مكوناتها الرئيس فؤاد السنيورة صلة تفاهم .في وقت لم يخف السيد سابقا مواقفه المنتقدة لإبرز شحصيات هذه الطبقة الرئيس سغد الحريري . لكن “النهار” علمت ان السيّد الذي يقف منتقدا للحريري لا يقيم أية علاقة مع شقيق زعيم “تيار المستقبل” السيد بهاء الحريري الذي بدأ تحركا مناهضا للتيار في الاسابيع الاخيرة .وربما من وجهة نظر السيّد ان بهاء يقف على يمين شقيقه رئيس الحكومة الاسبق فيما يتعلّق بسلاح “حزب الله” وهو سلاح يعتبره بهاء سلاح مقاومة.

المسار الذي سلكه التحضير لولادة التجمع بدأ منذ اعوام ،أي منذ إحتلال بيروت في 8 أيار 2008 ، ثم  الاطاحة بحكومة الرئيس الحريري الاولى عام 2011 في عملية قادها “حزب الله” ، ما الحق مهانة ، ليس بقوى 14 آذار التي كانت تعتبر تلك الحكومة ترجمة لإنتصارها النيابي عام 2008 ، بل ألحق أيضا مهانة بطائفة رئيس الحكومة الذي كان ولا يزال ، الاكثر تمثيلا لطائفته ، وصولا الى نتائج انتخابات عام 2018 .وقبل هذا التاريخ وبعده ، تقع في هذا المسار جريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري التي وصلت المحكمة الدولية التي نشأت لمحاكمة المتهمين بإرتكابها الى نهاية الطريق.وكان من المتوقع الاعلان عن نشوء “التجمع الوطني” في منتصف أيار الماضي تزامنا مع لفظ المحكمة حكمها النهائي في الجريمة ، في خطوة ارادها اصحاب التجمع تأكيدا على صلة “حزب الله” بالجريمة من خلال إتهام عناصر تابعة له بإرتكابها ، وفي الوقت نفسه التأكيد على ان سلاح الحزب لا يزال يمثل عقبة امام إنفاذ حكم العدالة الدولية في الجريمة.لكن ظروف وباء كورونا الذي كان السبب المعلن وراء تأجيل قرار المحكمة ، أرجأ ايضا ولادة التجمع.

تطبيق القرار الرقم 1559 الذي دعا منذ العام 2004 الى نزع سلاح الميليشيات وتحديدا سلاح “حزب الله” بإعتباره الميليشيا الوحيدة التي بقيت محتفظة بسلاحها فيما عمدت سائر المليشيات بعد اتفاق الطائف عام 1989 الى تسليم اسلحتها ، لا بد من النظر اليه اليوم كنقطة تحوّل في مسار الاحداث الداخلية.فقبل الاعلان عن ولادة “التجمع الوطني” هذا الاسبوع ، كانت لافتة التظاهرة التي نفّذها  ناشطون في عطلة نهاية الاسبوع تحت عنوان المطالبة بتنفيذ القرار الدولي.ومن اللافت في هذا السياق ان مطلب تنفيذ القرار 1559 بدأ يأخذ طريقه الى ميدان تحرّك 17 تشرين الاول الماضي الذي يجري التحضير لإستئنافه على نطاق واسع السبت المقبل.وإذا كان هذا التحرّك حمل عنوانا اجتماعيا كي يتم وفق تصوّر رعاته الاصليين تحاشي الانقسام السياسي ، فإن تطور الاحداث يظهر ان فترة السماح لهذا العنوان قد شارفت على النهاية ، نظرا لإستحالة الفصل ما بين هو سياسي وما هو إجتماعي بسبب ظهور معضلة نفوذ “حزب الله” وسلاحه على رأس اولويات العقبات التي تحول دون الانتقال الى مرحلة الحلول الناجعة لإزمات لبنان.

ما بدأ يجري التحضير له في صيدا وطرابلس معا يوم الجمعة هذا الاسبوع يؤكد ان الصراع على سلاح “حزب الله” قد بدأ.ففي صيدا يتحضّر الموالون للحزب تحت عنوان “صيدا تنتفض”  وذلك من اجل الرد على اسماه هؤلاء “دعوات مشبوهة صدرت عن قوى سلطوية وطائفية لتنظيم تظاهرات يوم السبت المقبل تحمل في عناوينها استهدافاً لسلاح المقاومة”في المقابل ، وجهت مجموعة جديدة في الحراك تحمل رقم “128” دعوة الى “وقفة إحتجاجية” في ساحة النور بطرابلس بعد ظهر الجمعة للمطالبة بتطبيق القرار 1559 تحت عنوان “لا للدويلة داخل الدولة لا للسلاح غير الشرعي”.

الى أين تتجه التطورات هذا الاسبوع؟من الصعب الاجابة الان على هذا السؤال .لكن ما هو معروف هو ان البلاد غرقت في مستنقع ازمة أشد وأدهى من تلك التي بانت الخريف الماضي.وما يجري تداوله حاليا وراء الكواليس بشأن تغيير الحكومة التي يرأسها الدكتور حسّان دياب ، يعبر عن ازمة اكثر من تعبيره عن حل.وقد يكون إشهار مذهبية التحرّك في موضوع القرار 1559 يدلّ على إحتدام الصراع الذي لم تنفع معه مقاربات وسطية جرى اعتمادها حتى الان.

يقول وزير سابق له متابعات واسعة في الشأن العام ل”النهار” ان ازمة لبنان هي وطنية بإمتياز لإن اللبنانيين قاطبة اليوم في مركب واحد إذا ما غرق سيغرقون جميعا .أما إظهار مذهبية الازمة فلن يقدم ولا يؤخر بإعتبار ان مشكلة لبنان الاصلية اليوم هي في إستمرار مشروع فئوي يمثله “حزب الله” ادى من خلال نسخته الايرانية  الى نزاع مذهبي على امتداد العالم الاسلامي. لكن ذلك لا يمنع من وجود ظلم لحق بالطائفة السنيّة في هذا البلد بسبب تمادي الحزب في ممارساته التي وصلت الى حد إجتياح كافة مناطق “السنّة في لبنان تحت عنوان “سرايا المقاومة”.

ان اجرس الخطر الاشد تقرع فهل من آذان تتنبه  وتتدارك؟

السابق
فضائح وتنفيعات ومكاسب مادية.. هل تكافح الحكومة كورونا بـ«الواسطة»؟
التالي
في كفرعبيدا.. تسجيل اصابة بـ«كورونا» وفحوصات للمخالطين!