«حزب الله» يتسلق «قمة» النظام اللبناني على «حبل» ماروني.. ويستريح!

باسيل حزب الله عون
يتسلل "حزب الله" تحت جنح المظلومية الشيعية بالشكل والمارونية بالفعل، إلى تكريس نظام حكم يليق بولاية الفقيه ومتفرعاته و مظلته على "الولايات" الدينية والسياسية في بلدان "المحور" و"الهلال الشيعي"!

لطالما أطلق “حزب الله” طلقات تحذيرية من الكلام التهديدي الجدي و لوح وتوعد به عن “المؤتمر التأسيسي”، وذلك كلما انحشر في زاوية سياسية أو أمنية أو عسكرية فيما مضى، او أحب أن يُعلم الخصوم السياسيين بحجمه المذهبي والطائفي و السياسي و العسكري، والذي بالطبع ينطوي على دلالات “إنقلابية” على الطائف ومفاعيله.

اما اليوم فقد انقلبت الآية، و سحب “حزب الله” المؤتمر التأسيسي من التداول، لكون وضع النظام اللبناني بتركيبته الحالية، هي بمثابة “سدرة المنتهى”، وما كان يُقاتل من أجله جاءه على طبق من ذهب، رئيس جمهورية  ماروني مكبل إيرانيا و سوريا، و رئيس حكومة سني تابع لهذا النظام بكليته لا حول ولا رأي ولا قوة، و رئيس مجلس، شيعي حليف يتفق معه استراتيجياً على أهمية هذه التركيبة التاريخية. 

ما كان يُقاتل من أجله حزب الله جاءه على طبق من ذهب، رئيس جمهورية ماروني مكبل إيرانيا و سوريا، ورئيس حكومة سني تابع لهذا النظام و رئيس مجلس شيعي حليف يتفق معه!

إذا يعتبر “حزب الله” ان الوضع السياسي والدستوري والقانوني كما هو عليه اليوم في لبنان، هو النموذج الأفضل والملائم له لأسباب موضوعية وعملانية ابرزها:

 ‏اولا، يتيح له الوضع القائم ادارة البلد بشكل شبه كامل من دون ان يتحمل تبعات قانونية او دستورية.

 ‏ثانيا، الصيغة الحالية انطلاقا من امتلاكه مع الرئيس نبيه بري التمثيل النيابي والوزاري الشيعي، ان يكون في الحدّ الأدنى صاحب حق “الفيتو” حيال اي مرسوم وحتى مشروع قانون او قرار يمكن ان يصدر عن مؤسسات الدولة اللبنانية

 ثالثا، توفر له هذه الصيغة عمليا الابقاء على سلاحه حيناً باسم المقاومة والدفاع عن لبنان، واذا اختلت هذه المعادلة، يستحضر التمثيل الشيعي ليبرر وجود السلاح باعتباره دفاعاً عن الشيعة الذين اهملتهم الدولة ولم تدافع عنهم كما يجب منذ نشاة لبنان، وفي البقاع دفاعا عنهم في مواجهة الارهاب.

إقرأ أيضاً: «عشرينية التحرير».. ينتهي الإحتلال ويبقى السلاح وتستمر الوصاية!

رابعا، وفّرت القوة العسكرية للحزب  مع استحواذه على التمثيل الشيعي، الاتيان برئيس جمهورية، واقرار قانون انتخاب سمح له بخرق الطوائف والمذاهب الأخرى، وتحت راية قانون انتخاب تغنى به اكثرية القيادات المسيحية، انطلاقا من مقولة يعطي للمسيحيين قدرة على التحكم بانتخاب ممثليهم، والذين شكّلوا عملياً رافداً لدعم النظام الذي يديره “حزب الله”.

خامسا، اظهرت الوقائع في ظل استعادة التمثيل المسيحي قوته في الرئاسة وفي الحكومة وفي الادارة، على صعيد التمثيل السياسي والعددي، ان “حزب الله” قادر على التحكم برئاسة الحكومة وفي استيعاب شبه كامل للتمثيل الدرزي.

حزب الله المتخوّف من إنتفاضة 17 تشرين!

هذه بعض معالم تجعل من تمسّك “حزب الله” بالصيغة القائمة ونظام السلطة، امرا لا شك فيه، بل يقاتل في سبيل الدفاع عن هذه الصيغة التي تتيح له تفسير العيش المشترك بما يناسبه، و”التوافق” بما يلبي مصالحه، ويجعله من اكثر الرافضين في المسّ بمواقع مسيحية داخل الدولة، طالما انه يجد من القوى المسيحية من لا يريد غير هذه المواقع والمناصب بمعزل عن مضمون الدولة.

لذا، كان حزب الله ولا يزال متخوفاً من انتفاضة ١٧ تشرين، فقط لأنها مشروع ينطوي على ضرب منظومة المحاصصة المؤسسة عمليا، على صيغة التقاسم الطائفي في كل شيء، فعمليا ايضاً امكنه استخدام مقولة حقوق الطوائف وحصصها لضرب الدولة واضعافها. و السيد حسن نصرالله كان واضحاً في توصيفها اخيرا كمؤامرة اسرائيلية، متخليا اليوم عن كل الاتهامات التي ساقها في السابق رئيس “الحزب التقدمي الإشتراكي” وليد  جنبلاط و رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع و الرئيس سعد الحريري وغيرهم ممن شكلوا تيار ١٤ اذار.

حزب الله لا يزال متخوفا من انتفاضة ١٧ تشرين، فقط لأنها مشروع ينطوي على ضرب منظومة المحاصصة المؤسسة عمليا!

  ليس خافيا ان شعار استعادة حقوق المسيحيين الذي رفع من شعبية رئيس “التيار الوطني” جبران باسيل، لم يستفز “حزب الله”، بل هو من شجعه على هذا النهج، وعندما انهارت شعبية الرئيس  ميشال عون وباسيل، اثر الانتفاضة كان “حزب الله” اكثر القلقين على انفراط سلطته، لذا هو اليوم منشرح من جهد باسيل في محاولة احياء خطاب الخوف المسيحي وشعار الفيدرالية، واشد انشراحا لزحطة المطران الياس عودة حيال قضية تعيين محافظ بيروت برعاية نائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي و رئيس الحكومة حسان دياب. وهو على الأرجح، المستفيد الأول من نقل الصراع من خانة سلطة وانتفاضة الى خانة الطوائف والمخاوف من المسّ بحقوقها التي باتت تختصر بوظيفة.

ويبدو جلياً ان المشكلة في البلد اليوم ليست شيعية كما يحب البعض ان يصف، الشيعة مصادرون من النموذج الايراني بالسلاح وبوهم القوّة، المشكلة هي مسيحية اذا كنا نتناول المسألة الطائفية، فالسياسيون المسيحيون والكنيسة على وجه العموم، كشفوا عن نقطة ضعف جوهرية، تتمثل في التمسك بشكل النظام على حساب مضمون النظام والدولة، حزب الله التقط هذه النقطة واستثمرها ولا يزال.

و يقع في هذا الإطار، الطلب من المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، ان يهدد بتغيير النظام الذي يُعتبر “حزب الله” اول المستفيدين منه، فيما المفارقة تبرز في ان المسيحيين هم من يقدم نفسه على انه المتضرر من تغييره، وهذا ان دلّ على شيء فهو يدل على فراغ سياسي وحضاري هائل في الوعي اللبناني عموما والمسيحي خصوصا، تجاه لبنان من حيث الدور والوظيفة، ولجهة الرؤية لمستقبل الدولة ودور المسيحيين فيها على ابواب المئوية الثانية وفي ظل الانهيار الذي وصل لبنان اليه.

 صحيح أن تغيير النظام وتطويره امرً لا مفر منه، وتطبيق كامل بنود اتفاق الطائف يجب ان يكون مطلباً ملحاً، ولكن هذا بالضرورة يتطلب الوعي ان دور الطوائف لا يجب ان يخل بقيام الدولة المدنية بما هي دولة قانون ومؤسسات فوق الجميع.

و لا بد من ملاحظة ان المسيحيين في لبنان باسم “حماية النظام والصيغة” الذي يديرهما “حزب الله” من الداخل ومن خارجهما، والمسيحيين في سوريا باسم حماية المسيحيين السوريين في ظل نظام الأسد، يقفون اليوم للدفاع عن نموذجين غارقين في الاستبداد، والقتل والدمار وفي الانفصال عن المحيط العربي والعالم.

يريد “حزب الله” مجدداً ابقاء، بل انعاش المتاريس الطائفية، بين المسلمين والمسيحيين، بين مختلف الطوائف، وحتى الشيعة وغيرهم!

يريد “حزب الله” مجدداً ابقاء، بل انعاش المتاريس الطائفية، بين المسلمين والمسيحيين، بين مختلف الطوائف، وحتى الشيعة وغيرهم ومن هنا ياتي الايعاز لشخص المفتي الممتاز لرفع السيف على النظام، ذو دلالة بأن من يطالب بالانقلاب ليس حزب الله بل موقع شيعي ديني رسمي، بينما “حزب الله” سيخرج لاحقاً ليطمئن المتخوفين المسيحيين انه لا يتبنى هذا الكلام بل يمقته…ويجب التذكير ان نصرالله نفسه قالها مؤخرا وفي اكثر من خطاب، انه لا يريد المسّ بقواعد النظام، بل هو يحميها ولكن بناء على فلسفته وتفسيراته التي يجاريه بها اكثر مما توقع من القيادات المسيحية.

مواجهة خطاب قبلان الذي هو خطاب تهويلي من قبل الثنائية الشيعية وفي سبيل تجديد دورها وترويجه لبنانيا، تتطلب الدفع نحو تبني مطالب تطوير “النظام” والتغيير في نظام السلطة، الى الحدّ الأقصى وسيكتشف الجميع كيف ان “حزب الله” سيهب من اجل الدفاع عن الرئيس المسيحي القوي ب”حزب الله الشيعي”.

السابق
بالفيديو.. سيدة تصرخ بوجه مفتي طرابلس: أين أموال الأيتام وأنت تركب سيارة فاخرة؟!
التالي
لبنان.. المقاومون «الحقيقيون» في صلب «17 تشرين»