نهج عمره سنوات.. هكذا تغلغلت ايران في المجتمع الشيعي اللبناني!

ايران

لم يكن نشوء “حزب الله” وتحوّله الى قوى أساسية في لبنان صدفة، انما كان نهجا ايرانيا عمره سنوات. وهنا نبذة تاريخية عن طبيعة العلاقة بين شيعة لبنان وايران، وكيف تغلغلت ايران في المجتمع الشيعي اللبناني.

العلاقة بين شيعة لبنان وإيران قديمة جدا تمتد إلى القرن الخامس عشر ميلادي حينما نجحت الدولة الصفوية في تعزيز مراكز حكمها في الأقاليم الفارسية ذات الغالبية السنّية وإجبار سكانها على اعتناق المذهب الشيعي، الذي أضحى فيما بعد الدين الرسمي للبلاد. عندها كان هناك حاجة ماسة لرفد المناطق المستسلمة للطغيان الصفوي المستجد بأئمة شيعة ينشرون التشيع في طول البلد وعرضها. وبما أن حاضرة جبل عامل (جنوب لبنان) كانت في القرن الخامس والسادس عشر تزخر بكبار العلماء والمحققين الشيعة، كان من الطبيعي أن تقوم الدولة الصفوية بإغوائهم وجعلهم يهاجرون للعمل والإسترزاق فيها.

دور علماء الدين


بقي علماء الدين الشيعة على تواصل مستمر مع ”أخوانهم“ الفرس، يروحون إلى إيران ويرجعون منها إلى بلدهم الأم تماما كما يحصل اليوم مع المغتربين اللبنانيين المنتشرين في بقاع الأرض، الذين يعملون ويكدون ويجتهدون في بلاد الغربة ليعودوا بعدها إلى موطنهم الأصلي يقضون ما تبقى لهم من سنوات مع أهلهم وربعهم ومن يحبهم ويحبون. وهناك المئات، أو حتى الآلاف، من الأشخاص الذين بقوا في تلك البقاع وانتشرت سلالاتهم فيها حتى أضحوا فرس ولم يعد يربطهم ببلدهم الأم أي وثاق يذكر. هذا ما حصل مع عائلة الإمام موسى الصدر الذي هاجر أحد أجداده إلى إيران من عشرات السنين وبقي فيها حيث أنجب سلالة كبيرة عدد كبير منها أفرادها إتجه إلى العمل في حقل الدين والتدريس وتجارة التنباك والسجّاد.

اقرأ أيضاً: خامنئي يشيد بالرد الايراني «الناجح»: «حزب الله» هو يد لبنان وعينه!

العلاقة بين شيعة إيران وشيعة لبنان هي علاقة وثيقة ومتينة وقديمة جدا


إذن، نستطيع الجزم بأن العلاقة بين شيعة إيران وشيعة لبنان هي علاقة وثيقة ومتينة وقديمة جدا، عمادها رجال الدين الكبار ممن كان لهم صولات وجولات في المدن الشيعية المقدسة كقم وأصفهان ومشهد والريّ وتبريز وغيرها حيث تنتشر العتبات الشيعية المقدسة والشهيرة. وأن تلك الكوكبة من رجال الدين الشيعة كان لهم إمتداداتهم العائلية داخل مدينتي قمّ والنجف الشيعيتين حيث كان أولادهم وأقاربهم وأصدقائهم يدرسون ويعملون بجدّ واجتهاد. وهذا كله كان عاملا مسهّلا لانتشار الفكر الخميني حتى قبل نجاح الثورة الإسلامية في إيران، وبخاصة بين أوساط المتدينين الشيعة المتزمتين في كل من العراق ولبنان حيث التواجد الكثيف للحوزات والحلقات والمدارس الدينية الإثنا عشرية. فلما بانت بشائر النصر الخميني كانت الساحة الدينية الشيعية جاهزة لتلقف تلك الظاهرة الثورية بكل المعايير ورفدها بالعنصر الشيعي، المأوزم تاريخيا، والمستضعف من قبل الأنظمة العربية الحاكمة في حينها.

بدأت طلائع حزب الله في التواجد العلني في القرى والمدن ذات الإغلبية الشيعية. ومع تلك الطلائع، بدأت صحيفة ”العهد“ بالإنتشار بين العامة على حساب جريدة ”النداء“ الشيوعية، وراحت المساجد والحسينيات تزدان بصور الخميني وموسى الصدر. وهذا الإخير لم يكن له أي تواجد يذكر في قريتنا، لا على المستوى الفكري ولا السياسي أو التنظيمي. هذا التمدد السريع لأصحاب الذقون والأكمام الطويلة والسلام عليكم أتى على حساب شعبية وسلطة الحزب الشيوعي اللبناني في القرى المعروفة بقوة اليسار فيها، مثل أنصار وكفررمان وكفرتبنيت ودير الزهراني، وغيرها من القرى الكبيرة في منطقة النبطية.

السابق
للجوع حسابات أخرى
التالي
بري يدعو الحكومة الى الاعمال بدلا من الاقوال: غادري محطّة الانتظار!