حارث سليمان لـ«جنوبية»: شروط سياسية «لصندوق النقد» على علاقة بـ«حزب الله»!

حارث سليمان
معارض سياسيّ لبناني، أستاذ جامعي في علم الكيمياء في الجامعة اللبنانية، أحد أركان الإعتراض الشيعي في لبنان، أسس وانضم إلى عدد من الحالات الإعتراضية في بيروت، منها تجمّع لبنان المدني، إضافة الى حركة التجدد الديموقراطي التي أسسها الراحل نسيب لحود، له عدد من المواقف البارزة ضد الثنائية هو الدكتور حارث سليمان.

في لقاء “جنوبية” مع الدكتور حارث سليمان، ردا على سؤال حول الموقفين المتناقضين لـ”حزب الله” من الصندوق النقد الدولي، قال “في الوضع الراهن لم يعد التساؤل حول قبول لبنان التعاون مع الصندوق النقد الدولي أو عدم التعاون مع الصندوق النقد الدولي. والسؤال المطروح اليوم هو هل يقبل الصندوق النقد الدولي بمد يد التعاون للبنان في ظل ظروف الأزمة الإقتصادية والكساد العالمي الذي سببته جائحة كورونا؟”.

سلسلة شروط سياسية

و شرح “ما قبل شهرين كان صندوق النقد الدولي مُلزما، كون لبنان عضو في هذا الصندوق بأن يُقرض لبنان حوالي 3 مليار دولار، وهي واجبات الصندوق طبقا لأنظمة الصندوق الداخلي، يمكن تقديمها للبنان كدين مشروط بسلسلة شروط بنيوية قبل أن تكون سياسية ولها علاقة بملاءة النظام المصرفي اللبناني، هذه المبالغ التي سيقدّمها الصندوق النقد الدولي يجب أن يتأكد أن الحكومة، بسياستها المالية والإقتصادية، ستكون بعد فترة 5 إلى 7 سنوات تستطيع أن تفي الدين. وهذا ما يجري إذا فرضنا أن الصندوق النقد الدولي ليس عليه تأثيرات سياسية”. 

مهارة  دعاء كميل أو الصلاة في الجامع تختلف عن إدارة العمليّة الصحيّة

“سادر” أصبح من الماضي

و”لكن، برأيه، هناك شروطا سياسة للصندوق النقد الدولي على علاقة بموقع لبنان السياسي والجيوسياسي، والعقوبات الدولية والموقف الأوروبي والخليجي من حزب الله، ومن حكومة حسان دياب. حتى الآن رئيس الحكومة لم يستطع زيارة أية دولة عربية أو أوروبية، ولم يقم بأيّ اتصال خارجي يمكن من خلاله أن يلقى دعما دوليّا وما كان يقال عن أموال (سادر) أصبح من الماضي، ولم يعد ثمة امكانية لإحياء (سادر) أصلا”. ولفت سليمان “أن يكون الرئيس نبيه بري مع الصندوق النقد الدولي والشيخ نعيم قاسم ضده يتحفّظ عليه، والسيد حسن يقول إنه يمكن التعامل مع الصندوق النقد الدولي إذا كان التعامل معه دون شروط هذا كلام يصرف في حارات القرى الشيعية حول عنتريات لا قيمة لها”. و يسأل “هل يرضى البنك أن يُعطينا أموالاً بمعزل عن موقف أيّ شخص من الثنائية الشيعية، فهذه الأمور أصبحت بعد كورونا غير قابلة للتحقيق. والآن حكومة حسان دياب أمام حائط مسدود على المساعدات الدوليّة سواء كانت من صندوق النقد أم من صناديق عربية كانت اعطت لبنان الكثير من المساعدات خلال 30 سنة ماضية أو من المشروع الأوروبي كـ(سادر) الذي كانت ترعاه فرنسا”. 

لا مساعدات

وأكد سليمان أن “المرحلة هذه لا تتحمل ترفا سياسيا ومزايدات سياسية، بل هناك احتمال واحد ألا يتلّقى لبنان أية مساعدات سواءً أرادت الثنائية ذلك أم لم ترد، سواء أراد الرؤساء ذلك أم لا. لا مساعدات للبنان في ظل هذا الوضع المركّب من انهيار اقتصادي، وبحسب ما اوردت لجنة (لازار) حين قالت إن ذلك غير مسبوق في تاريخ الكرة الأرضيّة”.

حكومة حسان دياب أمام حائط  مسدود بخصوص المساعدات الدوليّة

وتابع “في الأرجنتين، والبرازيل، وقبرص، وبوليفيا، واليونان، لم تجتمع كل هذه الأزمات دفعة واحدة، ولكن في لبنان اجتمعت كل الأزمات. العالم كله في أزمة، ونحن في أزمة أخرى، حيث جائحة كورونا جففت السيولة في كل دول العالم، ولو أرادت أية دولة مساعدتنا فلن تستطيع ذلك، لأن اولوياتها هي مواجهة الكساد والبطالة وانخفاض سعر البترول، وكل من كان يمكن أن يساعدنا يعيش اليوم أزمة تمنعه من ذلك، لأننا لسنا الأولوية لديه”.

حرص “حزب الله” على الحكومة

وعن سرّ التناقض في التعامل مع حكومة حسان دياب بين طرفيّ الثنائية؟ وحول  سبب تركيز  الرئيس نبيه بري على الحكومة والخطة الإقتصادية، بينما يرّكز حزب الله على حاكم مصرف لبنان، يكشف سليمان أن “هذا الأمر له علاقة بطبيعة تكوين حركة أمل من جهة، وطبيعة تكوين التيار الوطني من جهة ثانية”.

وتابع شارحا “حركة أمل تقوم على فرض خوّة على مؤسسات الدولة وعائداتها ويجري تمويل “أمل” بعناصر التمويل والعائدات من خلال السيطرة على مفاتيح أساسية كمجلس الجنوب، والريجي، ومصالح المياه، وشرطة مجلس النواب، ومداخيلها ذات علاقة بالمؤسسات العامة ككازينو لبنان. وبالتالي هي جزء من حركة أمل، إضافة إلى حصتها من التلزيمات في الجامعة اللبنانية عبر شركة (دنش) وتلزيمات ناصر الخرافي في المطار وغيرها”

خوّة حركة أمل

وأكمل سليمان بالقول “هذه الأبواب تمّكن حركة أمل من فرض خوّة على الدولة واقتطاع مالية الدولة، والتيار الوطني يريد القيام بذلك، وطبعا حركة أمل قامت بتوزيع منهوباتها على مدى 35 سنة، بينما التيار بدأ متأخرا، فهو يريد خلال 13 سنة أن يحصّل خوّة ينافس فيها حركة أمل على ما حصلته خلال 35 سنة. وبالتالي شهية التيار يجب أن تنافس ما جمعته الحركة ولذلك هذا باب من أبواب التناقض بين الحركة والتيار بالسيطرة على حكومة حسان دياب”.

والتيار أيضا…

ومن جهة أخرى، يؤكد أن “التيار يريد أن يحتكر الحصة المسيحية كاملة بعد خروج القوات اللبنانية من الحكومة، وهو يعتبر نفسه الممثل الوحيد للمسيحيين في الحكومة، وهذا يأتي على حساب الحليف التاريخي لنبيه بري أي سليمان فرنجية، وبالتالي هناك سببين للخلاف مع جبران باسيل ومع الحكومة، أولا لحماية حصة حركة أمل، وبالتالي لحماية حصة سليمان فرنجية من الحصة المسيحية في التركيبة والمغانم والسلطة”. ويفصح عن أن “المسألة الثانية هي أن حزب الله لا يريد أن يجافي كل من جبران باسيل وميشال عون رغم أنه يرضى بطوق الحماية الذي يفرضه بري حول فرنجية ومصالحه”.

حزب الله يريد الابقاء على الحكومة

أن “حزب الله أشد حرصا على الحكومة لأنها تشكّل غطاء سياسيا له، ولأنه بانفراط عقد هذه الحكومة يستطيع نبيه بري أن يحفظ خط الرجعة بإعادة سعد الحريري والقوات اللبنانية الى الحكومة، بينما حزب الله لا يملك هذه القدرة على ذلك، وأيّ انفراط لحكومة دياب اليوم سيعني الذهاب إلى حكومة لا يشترك فيها حزب الله، وستكون نتيجته سلسلة من التعقيدات السياسية التي لها علاقة لبنان بالخليج وأوروبا. وبالتالي حزب الله أشد حرصا على بقاء الحكومة”. 

وأردف “بري يريحه أن يكون لديه شركاء في الحكومة غير جبران باسيل كوليد جنبلاط وسعد الحريري بينما يتعبه التعامل مع باسيل، وبالتالي حزب الله يريد الإبقاء على هذه الحكومة، فلا ينتقدها بفجاجة، أو أن يفرط انعقادها”. وتابع “وهو يوّجه سهامه إلى المصارف وإلى رياض سلامة، لأن هذه المصارف تطبق العقوبات الأميركية على الحزب، وبالتالي هي تلتزم العقوبات، وهو يعتبر أن هذه المصارف لم تقدّم له أية تنازلات بما يؤهله لتخطي الأزمات وطرق التعامل مع العقوبات، وبالتالي لديه ثأر وحقد على حاكم مصرف لبنان وعلى المصارف التي ادرات الظهر له، واقفلت حسابات كوادره، وهو يحاول أن يصوّب البوصلة تجاه حاكم مصرف لبنان والنظام المصرفي اللبناني”. وأضح بخصوص إسلوب تعاطي طرفي الثنائية مع الأهالي بخصوص المساعدات أن “إدارة ملف كورونا على مستوى وزارة الصحة حتى الان مقبولا، رغم الهفوات والعنتريات، فالنظام الصحي اللبناني يعمل رغم الجائحة والأزمة”.

استعراض 

واستدرك سليمان بالقول “لكن الثنائيّة الشيعية جنّدت بطريقة استعراضية أجهزتها الطبية والكشفية وبعض البلديات. حتى الان هذه السلسلة من المؤسسات لم تقم بما يجب أن تقوم به، ويغلب على أعمالها استعراض القوة من السيارات والملابس، والمتطوعين. نرى صورا للاستعداد، لكن لا فعالية لتقديم هذه الخدمات وكأننا في استعراض ميداني صحي”.
وأكمل عرضه بالقول “هناك صورا كثيرة لمراكز حجر صحي لأناس مشتبه باصابتهم الذين لا يمكن أن يكون وجودهم جماعيّا، لأن المصاب سينقل العدوى لمن هو موجود معه، علما أن من يريد أن يجهز حجر صحيّ، عليه أن يجهّز غرفا منعزلة ومنفردة، لكل شحص على حدى، وفي الحالات القصوى يكون الحجر الجماعي على مستوى العائلة الواحدة فقط”. أما على صعيد اجراءات البلديات، فقد “قامت برش المبيدات الخاصة بالمزروعات والنباتات على طرفي الطرقات، وهذا يعكس جهلا كبيرا كونها تقتل الحشرات، فهي لا علاقة لها بالفيروسات. وكل ما جرى من تعقيم للمباني والشوارع لا علاقة له بالجائحة”. 

حزب الله أشد حرصا على الحكومة لأنها تشكّل غطاءً سياسياً له

اختلط الحابل بالنابل

وبرأيه “لقد اختلط الحابل بالنابل، وليس ذلك إلا استعراض، وبالتالي لابد من اعادة امساك الملف من قبل مختصين، وليس حجاج حركة أمل، ولا حجاج حزب الله، فليس من يملك مهارة  دعاء كميل أو الصلاة في الجامع، يملك مهارة إدارة العملية الصحيّة”.

وكشف أنه “ما إن قررت الدولة المساعدات للذين لم يعد لديهم مورد رزق في ظل الحجر المنزلي، حتى انبرى هؤلاء في كل قرية إلى استغلال الموقف عبر تعبئة استمارة وهميّة لأنصارهم من أجل نهب المساعدات، وإما لدفع الناس للتبرع ولتقديم مساعدات عينية من المقتدرين في البيئة الشيعية، والهدف منها اعتبار الجائحة موسما للترّبح كموسم حرب تموز حيث استأثر مسؤولو حركة أمل وحزب الله بالمساعدات وموسم لجني المكاسب على حساب الناس، في ظل هذا النشاط الصاخب لتوزيع المساعدات، وفق تفكير خاطىء، مع غياب تام لتنظيم عملية التبضع ودخول وخروج الناس من الدكاكين حيث اسستحدث عند مفرق كل قرية مركزا لديه ميزان حرارة، وكأن الأمر يتلخص بسد الطرقات بالأتربة والحواجز الإسمنتية وأخذ حرارة الداخلين”.وختم أنه “لا فائدة من كل هذا الاستعراض التشبيحيّ، لمحاربة الوباء في حين أن جزءًا كبيراً من هذا النشاط سيساهم في انتشار الوباء، ومطلوب اعادة النظر بكل هذه الإجراءات  في القرى، وتسليم الأمر إلى اصحاب الإختصاص والأطباء الحقيقيين”. 

السابق
اوروبا في عين الاعصار.. «الصحة العالمية» تحذر من الأسابيع المقبلة!
التالي
لا خبز خارج الأفران بدءاً من هذا اليوم!