هل سيندفع «حزب الله» قريباً لتحرير السجناء والموقوفين في لبنان؟

عامر فاخوري

ربما لم يمرّ “حزب الله” في تاريخه بتجربة مماثلة كتلك التي يمرّ بها حاليا من بسبب تداعيات حكم المحكمة العسكرية الذي قضى بتخلية آمر معتقل الخيام إبان الاحتلال الإسرائيلي للجنوب عامر الفاخوري. فقد ضجّت بيئة الحزب بهذا الحكم، غير مصدّقة بما حصل، بالتوازي مع ما الانتفاضة التي شهدتها سجون رئيسية، طالب فيها السجناء وذووهم بـ”المعاملة بالمثل” أي إطلاقهم.فالى أين ستمضي هذه القضية في المدى المنظور؟

في الساعات الماضية ،إنتشر على عدد من مواقع التواصل الاجتماعي تسجيل لرجل من البقاع الشمالي يدعى  أبو علي زعيتر يقول فيه :”أطلب من أهل كل سجين، وكل واحد له ولد بالحبس، يحطّ علم أميركا عباب بيتو أو عالبراندا ،لأنو صار ترامب بيقدر يعملنا عفو، والزعما عنّا بلبنان ما خرجّن يكونوا زعما….”وهذا التسجيل هو عيّنة من ردود فعل واسعة تشمل القوى المؤيدة تقليديا للحزب والقوى المعارضة له على السواء. ومن هذه الردود ما صدر عن  اوساط إعلامية  حليفة للحزب فقالت: “الحدث الصادم كان فوق طاقة اللبنانيين على الاستيعاب… إنه بلا شك صفعة معنوية للمقاومة وبيئتها! “لكن ثمة إجماع غير معلن في هذه الردود على ان إطلاق الفاخوري، ما كان ليحصل من دون ضوء أخضر يعطيه “حزب الله”. وفي إعتقاد اوساط شيعية محايدة تحدثت اليها “النهار”، أن الحزب لم يكن يتوقع أن تكون هناك  ردة فعل كما حدث  على قرار المحكمة العسكرية، بإعتبار أن البلاد منغمسة الى أبعد حدود في قضية وباء الكورونا، ولن يكون لديها متسع من الاهتمام بقضية أخرى.

اقرأ أيضاً: «حزب الله» والفاخوري وأُذن الجرَّة

أما وجاءت “حسابات الحقل” غير متطابقة مع “حسابات البيدر”، كما يقول المثل، سارع الحزب الى إحتواء ردة الفعل. وكان لافتاً، بحسب هذه الاوساط، مسارعة مجلس الوزراء في جلسته الاخيرة الى ملاقاة إنتفاضة السجون بقرار ورد في مقررات الجلسة وهو: “تمت الموافقة على مشروع قانون معجل يرمي إلى إعفاء المحكومين الذين أمضوا مدة العقوبة المنزلة بهم ولا يزالون في السجن لعدم تسديد الغرامة المحكومين بها”.

ليست هناك معطيات وافية حول من سارع الى ملاقاة الغضب على إطلاق الفاحوري من خلال حثّ مجلس الوزراء على  إعداد مشروع القانون المعجّل المشار اليه. لكن الظروف تفيد ان “حزب الله” هو القوة الدفع الرئيسية الان لمواجهة تداعيات قرار المحكمة العسكرية. وعليه، تؤكد اوساط نيابية بارزة لـ”النهار” ان مجلس النواب سيسارع الى فتح أبوابه لإقرار مشروع القانون المعجل  الخاص بالمحكومين وغيره من المشاريع المعجّلة التي تحضّرها الحكومة في مواجهة الازمة المالية. وربما ستأتي هذه الخطوة بمثابة “ترضية” للجمهور الغاضب على إمتداد لبنان تقريبا ، على الرغم من خصوصية غضب كل منطقة على حدة.

أين القضاء المتصل بقضايا السجون والمخافر التي تحوّلت مستودعا لالاف الموقوفين بسبب عجز السجن عن إستيعاب المزيد، وهو أمر يكتسب بعدا جديدا بسبب مخاطر الاصابة بفيروس الكورونا في كل البيئات المكتظة كما هو الحال اليوم في السجون والمخافر على السواء؟ في معلومات لـ”النهار” من اوساط محامين ، ان الذعر الذي تسبب به الفيروس ، لاقاه بعض القضاة بالانكفاء على رغم قيام دوائر قصر العدل بعمليات تطهير صحية واسعة في هذه القصور.وأعطت هذه الاوساط أسم أحد هؤلاء القضاة الذي يتابع مئات  الدعاوى  لكنه يحجم عن العمل الاستثنائي لبتها نتيجة مخاوفه من الفيروس. وأوضحت هذه الاوساط ان من بين  الذين يقبعون في السجون ما نسبته 10 في المئة فقط ممن إرتكبوا جرائم قتل .كما ان المخافر المكتظة تعاني من نقص فادح في الامكانات من بينها عجزها عن توفير الطعام للموقوفين ما يستدعي بذويهم او معارفهم إحضار الواجبات اليومية لهم.وهناك من الموقوفين من ليس له من يوفر لهم الطعام، كحال الموقوفين السوريين الذين يتم إحتجازهم بسبب مخالفة شروط الاقامة والعمل، ما يضطرهم لتوسل الطعام من غيرهم من الموقوفين. وتعترف هذه الاوساط ان هناك إنفلاتا أخلاقيا في اوساط الموقوفين بسبب الضغوط الهائلة التي تعانيه المخافر.

في سياق متصل، كان لافتا البيان الذي صدر عن المكتب الاعلامي لوزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي وجاء فيه:”تزامنا مع بدء انتشار بعض الحالات المصابة بفيروس كورونا في لبنان، وبتوجيهات من وزير الداخلية والبلديات، اتخذت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي سلسلة من الاجراءات والتدابير الوقائية لمنع تفشي الفيروس وحرصا على سلامة السجناء وذويهم وحفاظا على العناصر الأمنية المولجة حمايتهم وذلك في السجون اللبنانية كافة لا سيما سجن روميه المركزي كونه يستوعب العدد الأكبر من السجناء…”
في المقابل، وفي مذكرة صادرة عن محافظ بعلبك-الهرمل بشير الخضر في 17 الجاري وجهها الى وزارة الداخلية والبلديات جاء فيها: “حيث انه يوجد عشرات آلاف  مذكرات التوقيف بحق أشخاص من منطقة البقاع الهرمل،وحيث أنه في حال إلتقاط أي من المطلوبين لفيروس الكورونا ، فإن هذا الامر يحول دون توجهه الى الى المستشفيات المختصة خوفا من إلقاء القبض عليه، ويحول دون تلقيه العلاج اللازم.وحيث ان هذا الامر قد يؤدي أيضا الى نقل الفيروس الى أفراد أسرته ومحيطه ويساهم في زيادة عدد المصابين به ،وعليه نلفت عنايتكم الى هذا الامر ، آملين بالتفضل بما ترونه مناسبا”.

في إتصال أجرته معه “النهار”، يقول رجل الدين الشيعي البارز محمد علي الحاج العاملي: “هناك حديث يرويه الشيعة عن الامام علي عليه السلام، ويرويه السنّة عن الخليفة عمر بن الخطّاب كرّم الله وجهه ، وهو من المرويات الاسلامية: “لا يقطع السارق أيام المجاعة “.والان في ظروف إستثنائية ،حيث لا عدالة إجتماعية ولا حقوق للناس، تعطّل الحدود، مثلما يشير اليه المحافظ خضر.وهناك كلام كثير حول مدى شرعية التعقبات بحق الناس حاليا”.

بناء على ما سبق، يرى المتابعون لملف السجناء والموقوفين، ان هناك شيء ما يجري تحضيره. وربط هؤلاء بما أقدمت عليه الجمهورية الاسلامية بالامس حيث قال الناطق باسم القضاء الإيراني غلام حسين إسماعيلي، إن السلطات في بلاده، أفرجت بصورة موقتة عن نحو 85 ألف سجين، بينهم سجناء سياسيون، وخمسون في المئة منهم احتجزوا ل”أسباب أمنية”. وأضاف أنه تم اتخاذ إجراءات احترازية في السجون لمواجهة تفشي الفيروس.

هل يشهد لبنان خطوة مماثلة؟ لا شيء يحول دون ذلك نظرا للروابط بين البلديّن بفعل نفوذ “حزب الله” الذي سيبدو مع خطوة كهذه”بطل تحرير المحكومين والموقوفين” في زمن الكورونا وغيرها؟

السابق
بعد تخطي إصابات «كورونا» الـ 18 ألف.. اجراءات احترازية في ايران!
التالي
طقس بارد وماطر.. متى ينحسر المنخفض الجوي؟