حارث سليمان يُفنّد أسباب أزمة لبنان: نظام «ليبرالي – ميليشياوي» سيء!

حارث سليمان

واضعاً الإصبع على الجرح ومفنداً للبّ الأزمة اللبنانية، تطرّق الكاتب السياسي حارث سليمان الى سبب الأزمة التي تعصف باللبنانيين المتمثلة بنظام “ليبرالي – ميليشياوي سيء”، متحدثاً عن “إقتصاد الخوة” الذي حكم لبنان طيلة السنوات الماضية وإنعكس على قطاع الإتصالات والمستشفيات الحكومية وغيرها، كما وقارب سليمان ما بين النظام الليبرالي في الخارج الذي يهدف للربح، والميليشياوي في الداخل المبني على “توزيع المغانم”، ولم ينسَ سليمان التحدث عن أهمية الثورة اللبنانية المطلبية التي إنطلقت في 17 تشرين أول معتبراً أنها يجب أن تكون “ثورة وعي” على كافة الصعد.

إقرأ أيضاً: حارث سليمان يحذر من الوضع الإقتصادي: لبنان خسر وظيفته وثقة العالم

وفنّد سليمان الأزمة، في حوار مطوَّل أجراه معه الإعلامي فادي شهوان، في حلقة بيروت اليوم، على محطة الـmtv، بتاريخ (10/3/2020)، تحت عنوان: “قراءة في أسباب الأزمة الحالية في لبنان” على الشكل التالي:

س: سأبدأ الحلقة استناداً إلى قراءتك المنشورة تحت عنوان: “قراءة في ضرورة الثورة اللبنانية وإنجازاتها وآليات إستدامتها”؛ وفيها تتحدّث عن سنوات عجاف؛ وهناك قراءات، متعددة، وتحليلات متعددة ظهرت أيضاً، حول ذلك، لا سيما من بعد نشوء الوضع الماليّ والسياسيّ والنقدي الذي وصلنا إليه، اليوم، وهناك إجماع على أن هذا الوضع، لم يبدأ البارحة، بل بدأ منذ 30 سنة…

ج: بل لقد بدأ هذا الوضع منذ 50 سنة.

س: خمسون سنة؟! جيِّد، فلماذا بدأ هذا الوضع منذ 50 سنة، لا منذ 30، ولماذا هو لم يبدأ اليوم مثلاً؟

ج: إن هذا الوضع قد بدأ وقتما قالوا للميليشيات، بأن عليها أن تدخل في جهاز الدولة، يعني وقتما بدأت الميليشيات تسيطر على موارد البلاد، وعلى مرافئ البلاد، طبعاً، هذا النزف، في أوّله، يكون محمولاً، أي يكون تأثيره بسيطاً، ثم يتفاقم تدريجياً، وبالتالي، في لبنان هناك مدرستان: مدرسة تقول: إن الليبرالية هي التي أوصلتنا إلى هذا الوضع، وبالتالي فالحل هو بإسقاط سلطة رأس المال، بإسقاط الطغمة المالية… إلخ، والشباب اليساريون هم من يتحدثون بهذه الطريقة.

ومدرسة ثانية تقول: إن الميليشيات هي التي سببت كل هذه الكارثة التي وصلنا إليها. والحقيقة هي أننا في لبنان، لم يكن عندنا سلطة ليبرالية، أي لم يكن عندنا نظام اقتصادي ليبرالي، فقط. إذ كان هناك ليبرالية اقتصادية في لبنان، لكن كان هذا النظام الاقتصادي الليبرالي، يتشارك مع “نظام خُوَّة”، يعني، مثلاً، في أنظمة الحكومات الأمنية، مثل سوريا الجزائر، رومانيا، بوليفيا، فنزويلا، ماذا يفعل هذا النظام؟ إن أصحاب السلطة القمعية (أمراء الجند أو الجيش)، يفرضون خُوَّة على الاقتصاد.

أي أنهم هم يقودون عملية الثروة داخل السلطة. لهم يد في صنع الثروة، يستعملون السلطة من أجل صناعة الثروة، وبالتالي، يأخذون “خُوَّة”. هم ليسوا طرفاً في عملية الإنتاج، في أي حقل من الحقول الإنتاجية. ولكن في كل العملية الإنتاجية، فإن أمراء الجُند أي المستبدين، أي السلطات الأمنية، تأخذ حصة، من عائد الاقتصاد الحقيقي. وفي لبنان كان هناك شراكة بين نوعين من المسألة: صحيح أنه كان في لبنان اقتصاد يقولون عنه، إنه “ريعي”، وهو كانت له رسمة ريعيّة، يعني كان في نوع من الاقتصاد الريعي، ولكن الليبرالي الذي يتشارك مع “اقتصاد الخوّة”. وهذا أسوأ.

س: عندما نقول: “اقتصاد الخوّة”، هل يعني ذلك أن دخول الميليشيات في الدولة هو الذي فرض خُوّة على مال الدولة؟

ج: إنه اقتطع قطعة من الدورة الاقتصادية، مثلاً: اليبراليون في بريطانيا، يعمدون إلى إنشاء مستشفيات حكومية، ويحوّلونها إلى مؤسسة حكومية لكنها تعمل بحسب النظام الخاص (نظام الشركات الخاصة). فماذا تفعل هذه المؤسسة؟ إنَّ من شروط إقامتها، حتى لو كانت ملكيّتها تابعة للدولة، إنها تعمل كقطاع خاص، يعني أن هدفها الرِّبح، يعني يجب ان تربح. فالمؤسسات العامة بالنظام الليبرالي، تربح، بينما المؤسسات العامة بالنظام الميليشياوي، تخسر، لأن أموال مؤسسات النظام الميليشياوي، تذهب “توزيع مغانم”.

المؤسسات بالنظام الليبرالي، تربح، بينما تلك بالنظام الميليشياوي، تخسر، لأن أموال مؤسسات النظام الميليشياوي، تذهب “توزيع مغانم”

كما وأشار سليمان إلى أن “ما حصل في القطاعات اللبنانية (كقطاع الخلوي، وقطاع المستشفيات الحكومية، وسواهما)، إنما يدل بوضوح، على أسوأ أنواع الأنظمة الاقتصادية، وهو الذي يتمثّل في كون القطاع الاقتصادي اللبناني مؤلفاً من نصفين: نصف ليبرالي ونصف ميليشياوي أو طوائفي. وبعد شرح مطوّل ومسهب لما حصل في لبنان، في هذا الإطار، أكد سليمان على أن هذا الزواج البشع بين الليبرالية وبين الطوائفية أو الميليشياوية في لبنان، هو الذي أوصلنا إلى هنا أي إلى الكارثة التي نعيشها اليوم)”.

وشدَّد سليمان على “وجوب استقلالية القضاء اللبناني بالكامل، لافتاً إلى أن أحد أهم شعارات ثورة 17 تشرين 2019، هو يجب ان تدعم الثورة التشكيلات القضائية المستقلة”.

أين الثورة؟

س: تقول إن الثورة يجب أن تدعم التشكيلات القضائية المستقلة، لكن، السؤال اليوم، أيُّ ثورة، وأين الثورة؟

ج: هناك أناس يعتقدون أننا إذا “نزلنا” إلى الشارع مائة ألف أو مائتي ألف شخص، مثلاً، فذلك يعني أنه توجد ثورة، وإذا “نزَّلنا” ألفي شخص، مثلاً، فإن هذا العدد لا يُشكّل ثورة، أو أن الثورة لم تعد موجودة، لكننا نقول: الثورة، أصلاً ليست بالحشد، والحشد هو فقط لأخذ الاستفتاء، أي لتأخذ الثورة استفتاء لتقول، من خلاله، إن الناس مع مطالبها ومع قضيَّتها المحقة.والثورة أخذت الاستفتاء، وظهرت النتيجة ونالت الثورة الاستفتاء، المرجوّ، وليس هذا فحسب، بل إن السلطة الفاسدة والفاشلة، اعترفت بأحقيّة مطالب هذه الثورة فإذاً نتائج الاستفتاء ظهرت جليّة، واليوم، إن الثورة هي بالوعي، فثمّة أربعة مرتكزات للوعي القائم الآن عند الناس (في لبنان، في مختلف أماكن مجالاتهم الحياتيّة كافة). وهذه المرتكزات هي: دولة مدنيّة؛ ولا عُنف؛ والخروج من عباءة الزعيم؛ وإدانة الفساد كجريمة.

مرتكزات ثورة 17 تشرين هي: دولة مدنيّة ولا عنف والخروج من عباءة الزعيم وإدانة الفساد كجريمة

وختم سليمان: “هذه السلطة الفاسدة في لبنان، ليس لديها أي مبدأ على الإطلاق، وهذه هي بالضبط مشكلتنا معها وحتى نستطيع مواجهتها يجب علينا رؤية المفيد”.

السابق
فوضى على طائرة الـ«MEA».. مسافرون من تركيا يرفضون النزول في مطار بيروت!
التالي
إصابات «الكورونا» الى إرتفاع.. اليكم تقرير مستشفى الحريري!