قراءة في معارك شمال سوريا.. وتداعياتها..

معارك شمال سوريا لا زالت مشتعلة بقوة في مخالفة واضحة لاتفاقي سوتشي واستانة، بين دول التحالف الثلاث (روسيا وتركيا وايران).. والتي تعهدت مجتمعة بالعمل على حل المسألة السورية سلمياً، بعيداً عن العنف… الصراع اندلع بعنف بعد ان فتحت الميليشيات الايرانية هذه الجبهة بهدف انهاء وجود قوى المعارضة التي تحظى بحماية ورعاية تركية.. بالمناسبة فإن روسيا شجعت ايران على اطلاق شرارة هذه المعارك ولكن لاسباب مختلف عن تلك الايرانية:

ما هي الاسباب التي دفعت بايران الى اشعال فتيل الصراع المسلح:

  • لاحظت ايران ان تركيا ابتعدت عن حلف الناتو وان االعلاقات الاميركية – التركية في ادنى مستوياتها
  • كذلك تعاني تركيا من اوضاع اقتصادية متعثرة نتيجة الضغوطات والعقوبات الاميركية المحدودة حتى الان..
  • تزايد الترابط الاقتصادي بين تركيا وروسيا عقب افتتاح خط الغاز الروسي الى تركيا اضافةً الى تطور التبادل التجاري بين البلدين والهدف هو الوصول الى تبادل تبلغ قيمته 100 مليار دولار سنوياً
  • ازداد الدور التركي في ليبيا عمقاً وجديةً، ومشاركة مقاتلين سوريين في معارك ليبيا كان اشارة الى ان تركيا تسحب المقاتلين السوريين الى خارج منطقة الصراع على الساحة السورية الى دول اخرى وليبيا اهمها.. مما يعني خفض عدد المقاتلين السوريين على الساحة السورية مما يؤدي الى ضعف قدرة هذه الفصائل على المواجهة
  • تعتبر ايران ان وجود اكثر من 4 مليون مواطن سوري في منطقة ادلب يشكل خطر ديموغرافي على مشروعها للهيمنة على سوريا “الاموية” كما تراها.. فوجدت الفرصة سانحة لطرد وتهجير المواطنين السوريين الى تركيا ومنها الى اوروبا..
  • اعتبرت ايران ان وجودها على الحدود التركية – السورية رسالة بالغة الدلالة .. اذ تصبح القوات الايرانية والميليشيات الايرانية تحيط بالحدود التركية من جهة ايران التي تملك حدود مشتركة مع تركيا وكذلك من الجانب السوري.. كما يجعل من الاوراق الايرانية للتفاوض مع روسيا على دورٍ اكبر على الساحة السورية اكثر جدية وموضوعية..
  • تراجع الحضور الايراني على الحدود الجنوبية لسوريا مع فلسطين المحتلة (اسرائيل).. دفع ايران الى محاولة تعزيز وجودها على الحدود السورية مع تركيا.. حتى تبقي على حضورها ودورها في سوريا..
  • كذلك فإن ايران ترغب في اضعاف بل في انهاء الدور التركي في سوريا لاسباب طائفية ومذهبية..

الاسباب الروسية لاشعال هذا الصراع من جديد كان لها اسباب اخرى:

  • لا يمكن ان تطلق ايران شرارة المواجهة المسلحة دون موافقة روسية، لذلك فإن الصراع اندلع بغض طرف روسي بل وبموافقة ايضاً..وبغطاء جوي في بداية اندلاع المعارك..
  • المواجهة بين تركيا وايران، تجعل من روسيا وسيطاً بين الدولتين، بعد اعلان اردوغان ان لا مشكلة بين تركيا وروسيا في سوريا، وكذلك تقدمت ايران باقتراح عقد اجتماع ثلاثي لحل المشكلة بشكل هاديء..واكدت امتناعها عن الرد بالمثل على الجيش التركي..
  • اعتمدت روسيا في كافة المعارك على الساحة السورية على الجيش الايراني والميليشيات الايرانية والمؤيدة لها، واكتفت بتامين الدعم والغطاء الجوي لها.. حتى ان هذه المعارك كانت ولا زالت تمول من قبل ايران
  • اعتبرت روسيا ان الصراع المسلح سوف يضعف قوى المعارضة وكذلك الميليشيات الايرانية وخاصة حزب الله الذي تكبد خسائر جسيمة
  • الدمار الذي لحق بالالة العسكرية للقوى الايرانية كان هائلاً مما يضعف من دور ايران على الساحة السورية
  • رغبت روسيا في تخفيف دور الشريك التركي والحد من حضوره على يد الميليشيات الايرانية ودون مواجهة مباشرة مع الطيران او المستشارين الروس..طمعاً من روسيا في الامساك بالملف السوري بكامله والتخلص من الحليفين المؤقتين (تركيا وايران)..

رد الفعل التركي على هجوم الميليشيات الايرانية

  • التفاهم التركي – الروسي غير المعلن كان ينص على تراجع قوى المعارضة عن الطرق الرئيسية والذي تحتاجه روسيا لوصول مراقبيها ومستشاريها العسكريين الى حلب سواء من اللاذقية او من دمشق..
  • تجاوز الميليشيات الايرانية للتفاهم واحتلال المزيد من الاراضي احرج تركيا وتعهداتها
  • ضغط النزوح السوري اربك الحسابات التركية وتجاوز قدرة تركيا على الاستيعاب وتقديم الخدمات اللازمة لهؤلاء النازحين المظلومين..
  • الغارة التي استهدفت قافلة عسكرية تركية وسقوط قتلى وجرحى باعداد كبيرة احرج القيادة التركية ودفعها للرد بقوة وعنف غير مسبوق
  • كان لا بد للرئاسة التركية التصرف بقوة لتجنب المساءلة الشعبية واستيعاب حالة الغضب ولارضاء الشعب التركي الذي شعر بالمهانة من عنف هذه الضربة وارتفاع الخسائر البشرية لذلك تضمنت البيانات التركية تفاصيل عدد القتلى من الميليشيات الايرانية وتلك المؤيدة للنظام وعدد الاليات المدمرة والاهداف التي تم تدميرها…

الخلاصة

مع تطور المعارك وغياب الطيران الروسي عن ساحة المعركة وتردد روسيا او تلكؤها عن دعم الميليشيات الايرانية والمسارعة الى تحديد موعد اللقاء بين بوتين واردوغان في 5/3/2020 ممكن ان نستخلص التالي:

  • ادركت ايران وميليشياتها انها بدون الغطاء الجوي الروسي لا تستطيع مواجهة قوات المعارضة السورية فكيف بالجيش التركي..
  • لا يمكن لهذه الميليشيات ان تحتفظ بالمواقع والقرى والبلدات التي سيطرت عليها دون الدعم الجوي الروسي
  • دخول الجيش التركي في ميدان المعركة بشكل محدود كان مؤشراً على خطورة المرحلة وتزايد مخاطر اندلاع مواجهة مباشرة بين تركيا وروسيا جواً ومع الميليشيات الايرانية براً.. وهذا ما تجنبته روسيا بقوة وكذلك تركيا التي اكتفت بالقصف الجوي من داخل الاراضي التركية او باستخدام المسيرات او الطائرات دون طيار…والمدفعية بعيدة المدى والصواريخ..
  • ادركت تركيا انها لا يمكن ان تبتعد عن حلف الناتو والولايات المتحدة وان امكاناتها على مواجهة هجمات جوية وصاروخية عبر الحدود محدودة، لذلك سارع اردوغان الى طلب دعم اميركي ومن حلف الناتو وبالتحديد وتضمن طلبه صواريخ باتريوت ومنظومات دفاع جوي…
  • رفضت الولايات المتحدة دعم تركيا لتؤكد لها ان استمرار وجود تركيا ضمن حلف الناتو وخضوعها لسياسته ضمانة استقرار لها وليس العكس..
  • الموقف الاميركي هذا اكد لروسيا ان المطلوب منها هو التفاهم مع تركيا وتحجيم الدور الايراني في شمال سوريا كما يجري في جنوبها على يد الطيران الاسرائيلي بغض طرف روسي…
  • الخسائر الفادحة التي منيت بها الميليشيات الايرانية جعل من دورها موضع تساؤل لدى بيئتها ومؤيديها وزرع حالة من الشك وعدم الثقة بين ايران وروسيا…
  • تركيا شددت من ضرباتها للحفاظ على هيبتها ودورها في شمال سوريا ولتاكيد قوتها العسكرية ولتبيت نفوذها وتحسين شروط التفاوض قبل الخامس من هذا الشهر آذار/مارس.. اي يوم اللقاء بين الرئيسين التركي والروسي

هذا اللقاء المنتظر من المحتمل ان ينتهي في حال عقده الى بداية تفاهم على حل سياسي يبدأ مع اعلان وقف اطلاق النار وتثبيته وتاكيد التعاون بين الجيشين الروسي والتركي وابعاد الميليشيات الايرانية عن الحدود مع مزيد من تحجيم للدور الايراني في سوريا وهذا ما تخشاه ايران التي تعاني من صعوبات اقتصادية وازمة سياسية وتفشي وباء الانفلونزا على اراضيها…(كورونا)….مع عدم قدرتها على اغضاب روسيا او استعداء تركيا..؟؟؟ وايران التي عملت على تدمير سوريا وتهجير شعبها سوف تكون الخاسر الاكبر على الساحة السورية..؟؟؟؟

السابق
الازمة المالية تابع.. 800 مؤسسة سياحية أقفلت وصرف 25 ألف عامل!
التالي
ردا على دياب.. «حركة المبادرة الوطنية»: على السلطة ان ترحل!