المؤتمر الوطني لمنتدى المسؤوليّة الاجتماعيّة الدينيّة.. «معًا ننهض بالإنسان»!

مؤتمر طرابلس

عقد منتدى المسؤوليّة الاجتماعيّة الدينيّة مؤتمره الوطني الأول جامعًا حوالي 300 مشارك(ة) من مختلف المناطق والطوائف اللبنانيّة، وبحضور لافت من قبل فعاليّات طرابلس والشمال الدينيّة والاجتماعية، تحت عنوان “معًا ننهض بالإنسان”، وذلك يوم السبت 29 شباط في معرض رشيد كرامي الدوليّ في طرابلس.

إقرأ أيضاً: بعد عظته الداعمة لسليماني.. «مؤتمر المسيحيين العرب» يدين القس نصير!

شهد المؤتمر إطلاق شرعة المنتدى التي حددت رسالته بالآتي: “نعمل معًا على تعزيز الوحدة في التنوّع والتضامن الإنسانيّ والتنمية المستدامة، عبر بناء جسور التواصل والتعاون بين مختلف مكوّنات المجتمع وتعزيز ثقافة الانتماء الوطنيّ الجامع، والانفتاح على الاختلاف والتعدّدية الثقافيّة والدينيّة والسياسيّة، والشهادة لدور المؤمنين والمؤمنات الفاعل في خدمة الإنسان والوطن”.

تخلّل المؤتمر عرض المبادرات المنفذة ضمن أعمال المنتدى ونشاطاته على مستوى لبنان، وهي: فيلم “محاور” عن طرابلس من تنفيذ بلال حجازي، وهو يبرز عمل أبناء المدينة في خدمة السلم الأهلي، والتضامن الإنساني؛ ومبادرة برنامج “موزاييك” الترفيهي على إذاعة الفجر بإشراف أيمن المصري، والذي يعزز الوعي بثقافة التنوّع والقيم المشتركة؛ ومبادرة الكتابة الإعلاميّة في الشأن الديني ومواجهة خطاب الكراهية من تنفيذ محمد العرب؛ ومبادرة منصّة “طايفة” على فايسبوك بإشراف علي عبّاس وتنفيذ مجموعة من الناشطين، وهي تعمل على تفكيك الأفكار المسبقة والصور النمطية على مستوى الثقافة الشعبية، وقد جرى اختيارها المبادرة الفائزة، حيث وصلت إلى أكثر من 4 ملايين مستخدم وأثارت تفاعلًا لافتًا.

كما جرى عرض 3 أفلام قصيرة من سلسلة “شو قصتك” على موقع “تعددية”، لإبراز قصص ثلاث شخصيات فاعلة في مواجهة التطرّف، وإبراز التنوّع وتثمينه، وهم الإعلامية تانيا عوض غرة، والرياضي إسماعيل أحمد، والشيخ فراس بلوط.

أعلن المنتدى عن إستراتيجيته للمرحة القادمة، وهي تستند إلى تعزيز العمل في المناطق عبر لجان محليّة مشتركة، قدّم منسّقوها خططهم المستقبلية. ففي الشمال، سوف يجري العمل على إنشاء لجان مشتركة تعمل على التوعية على مقتضيات العيش معًا خاصة في المناطق النائية، ومعالجة رواسب الحرب الأهلية. أما لجنة شمال جبل لبنان فقدمت مشروع تشكيل مجموعة للتواصل بين المجموعات الدينية في المنطقة وبناء الجسور فيما بينها وكسر التباعد والعزلة التي يعاني البعض منها. وفي جنوب جبل لبنان اختارت اللجنة العمل على أنشطة تطال العائلات من مختلف الطوائف لتعزيز البعد المجتمعي لمسار المصالحة الوطنيّة.

واختارت لجنة البقاع بدورها مشروع تنظيم زيارات متبادلة بين قرى المنطقة المتنوّعة ضمن سياحة دينيّة للتعريف بالمقامات المتنوّعة ورمزيتها لدى كل مجموعة، مع فيلم وثائقيّ يبرز هذا التنوّع. وفي بيروت سوف تركّز اللجنة على العمل الاجتماعي من خلال لجنان طلابيّة مشتركة. وسوف تقوم لجنة الجنوب بإنشاء أكاديميّة للتربية على المواطنة تشمل ندواتٍ وورشٍ وبرامج ثقافيّة وتربويّة وتوعويّة.

وكان المؤتمر قد افتتح بكلمة من رئيس مؤسّسة أديان الراعية للمنتدى، الأب فادي، عرض فيها أهداف المنتدى وسبب اختيار طرابلس كمكان لانعقاد مؤتمره الوطني الأول، جاء فيها:

“معًا ننهض بالوطن!”

هو إعلانُ التزامٍ مشتركٍ يجمع 118 عضوًا في منتدى المسؤولية الاجتماعية الدينية، قد توافدوا إلى طرابلس مع ممثلين عن جماعاتهم من كل مناطق لبنان، من الجنوب والبقاع والجبل وبيروت والشمال.

إنّه فعل إيمان في زمن الشدّة بأن رجاءَنا لا يخيب، لأننا نستمدّه من الله المعين الرحمن الرحيم، ومن قناعتنا بمسؤوليتنا كمؤمنين للسعي المستمر، مهما قست الظروف، لنشر الخير والمحبة والرحمة والصلاح بين العالمين.  

واعتبر ضو إنّ انتماءَنا إلى هذا المنتدى يُعبّر عن وعينا المشترك بأننا مسؤولون كمؤمنين ليس تجاه الله وحسب، بل تجاه الناس أيضًا. إذ جاء في الحديث النبوي الشريف: “أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ”، والناس كلّهم عيال الله. والسيد المسيح اختصر الدين بوَصيتين: أحبب الله من كل قلبك، وأحبب قريبك كنفسك. وعندما سأله بعضهم من هو قريبي؟ وفي السؤال رغبة في التحيّز والتمييز والإقصاء، أجاب المسيح بمثل “السامري الصالح” الشهير، الذي عنى به: قريبي هو الآخر المختلف عنّي، وهو خاصة المظلوم الذي يحتاج إلى أن أتضامن معه وأساعده.

لذلك، نحن موجودون هنا في منتدى المسؤولية الاجتماعية الدينية باسم أبهى تعاليم أدياننا، وباسم عزيمتنا للاسهام معًا ومع جميع المواطنين، للنهوض بالوطن من جميع كبواته، لكي يكون للجميع حياةٌ كريمة، وعدالةٌ مستقيمة، وعيشٌ مشترك يجمعنا في عائلة وطنيّة واحدة.

وقال ضو أن اختيار طرابلس لعقد المؤتمر فيها هو “لنشكر هذه المدينة باسم لبنان واللبنانيين على ما هي عليه، من مدينة للعلم الذي يقف سدًّا منيعًا أمام الجهل والتطرّف؛ ومدينة للعلماء الذين ينشرون رسالة الأخوة والمحبة والتضامن والسلام بين جميع الناس.

إنّ لفي الإعلام والصور النمطيّة عن طرابلس محاور تجعل من الإخوة والجيران والمواطنين متقاتلين، وهم تجمعهم الحاجة إلى عدالة اجتماعية وعيش كريم. أما لدينا، فطرابلس هي مدينة محاور التلاقي والتضامن والمحبة والعنفوان، والصوت المشترك في وجه الظلم والفساد”.  

وتابع ضو: نحن هنا لأننا نرفض المنطق الطائفي الذي يريدنا أن نرى في الآخر منافسًا لنا على خيراتنا، ولا نقبل أن نتحوّل إلى لاهثين وراء حصص تتلوّن بألوان طوائفنا ومذاهبنا، وفي النهاية لا ننال منها سوى فتات متساقط عن موائد المستفيدين الحقيقيين منها. وحتى الفتات في هذه الأيام اصبح بعيدًا عن منال الناس الذين أُشبعوا استهزاءًا بكراماتهم.

إننا هنا ومعًا، لنعلن بأن المنطق الإيماني يختلف عن المنطق الطائفي الفئوي، ولا يتعارض بل يتكامل مع المنطق الوطني. إيمانُنا، على اختلاف أدياننا ومذاهبنا، يدفع بنا للعمل معًا كإخوة من أجل المصلحة الوطنية المشتركة. فكما جاء في وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعها البابا فرنسيس مع إمام الأزهر الشيخ أحمد الطيب: “يحملُ الإيمانُ المؤمنَ على أن يَرَى في الآخَر أخًا له، عليه أن يُؤازرَه ويُحبَّه.”

إنّ المبادرات التي قام ويقوم بها أعضاء المنتدى، والتي سوف نرى نماذج منها في لقائنا اليوم، هي خير دليل على أنّ نعمة الإيمان لا تنفصل عن خدمة الإنسان وتحقيق الخير العام.

فالخيار ليس بين الوطن من جهة والدين والطائفة من جهة أخرى. الخيار هو بين سجن الذات في فكر منغلق أو قلب خائف أو جماعة منعزلة من جهة، ومن جهة أخرى الانخراط مع الآخرين والتعاون معهم للنهوض بالمجتمع والوطن لصالح الجميع، وبالتالي عيش إيماننا حقًّا كرحمة للعاليمن وكرسل محبة للأمم أجميعن.

إن الشرعة التي يطلقها المنتدى اليوم ويوقّع أعضاؤه عليها هي خير تعبير عن هذه القناعة. وإن المواطنة الحاضنة للتنوّع هي الطريق المشترك للالتزام الفعلي والعملي في هذه الشرعة وعيش المسؤولية الاجتماعية الدينية.

فعِبر هذا الالتزام تمرّ المواطنة في كل القلوب والعقول والبيوت والشوارع والمساجد والكنائس… وبمرورها تطرد كل جراثيم التطرف والكراهية، وتكشف كل مكايد الطائفية والفساد، وتعلن من خلالنا بأنّه:

بالمحاصصات نفتقر أمّا بالتضامن فنغتني،

وبالخلافات نسقط أمّا بالتضامن فننهض معًا بالوطن.

السابق
«سيّدة الجبل» يُهاجم أداء السلطة بإدارة ملف «الكورونا»: الحاكم الفعلي قابع في الضاحية!
التالي
بعد إتهام الكاظمي بقتل سليماني.. جهاز المخابرات العراقي يرد!