هل لحزب ولاية الفقيه شرف تحرير القدس؟

مقولة أطلقها القائد التاريخي للمقاومة ضد الكيان الصهيوني في المنطقة السيد المغيب موسى الصدر مخاطباً بها رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الرئيس الراحل ياسر عرفات حين قال له : ” إعلم يا أبا عمار .. إن شرف القدس يأبى أن تتحرر إلا على أيدي المؤمنين الشرفاء ” ، ولقد كان السيد المغيب دارساً للتاريخ والجغرافيا والديموغرافيا والعقيدة والدين حين أطلق هذه الكلمة ، كما أنه أطلقها من منطلقات دراساته القرآنية والفقهية.

وأمام ما نراه في سلوك عناصر وأفراد ومسؤولي ومناصري حزب ولاية الفقيه في لبنان، وما نلتمسه من هؤلاء من تجاوزات ومخالفات وتقصيرات وأخطاء وفسق وعدوان على الصالحين والشرفاء وطعن في العلماء الفضلاء والفقهاء الأتقياء، وما ينتهجونه من مناهج لمواجهة من يخالفهم الرأي من أنواع التهم والمفتريات والدعايات والإشاعات وأنماط الأذى التي ولَّدت وتولد الكراهية لنهجهم يوماً بعد يوم ، حيث لم تعد ورقة مقاومتهم تحتمل التمسُّح بها لستر كل العورات، فأمام كل هذا الواقع الفاسد في الاجتماع والدين والاقتصاد والمال والسياسة والعلائق والروابط حين يكرمون الفاسق ويهينون العلماء العدول لأجل تحقيق مآربهم ومطامعهم الدنيوية الفانية الزائلة، ويقربون ويحترمون من ليس من أهل الدين والتدين على المؤمن المتدين والتقي لا لشيء سوى موافقة الهوى السياسي والحزبي.

ازدراء رجال الدين المستقلين

فكم من عالم ديني قطعوا رزقه للسيطرة والنفوذ في الدوائر الضيقة لحسابات انتخابية وتسلطية، وقد قُدِّر عدد العلماء الشيعة المستقلين الذين كانت لهم تجارب مع هذا الحزب وعانوا من ويلاته في لبنان على هذا الصعيد بأكثر من نصف المعممين الموجودين على الساحة الشيعية اللبنانية، وقد بدأوا بمواجهة تداعيات ظلمهم للعلماء من خلال محاولاتهم لتنفير الناس من كل السلك العلمائي عبر مساعيهم لنفي العلماء عن الساحة السياسية والاجتماعية خوفاً من تأثيرات ذلك على الواقع الانتخابي في الاستحقاقات الانتخابية الماضية والحالية والمقبلة.

ونلحظ ذلك بوضوح في جرأة وقلة احترام كوادرهم للعالم الديني غير الحزبي من خلال طريقة التعاطي والتعامل وطبيعة الألفاظ التي يستخدمها هؤلاء عند مخاطبة العالم الديني الحر المستقل، فأقصى ما قد يقولون له عبارة : ” شيخ ” في أدبيات خطابهم ، ولا يتنازلون لعبارة : ” سماحة ” أو ” فضيلة ” أو ” مولانا “، هذا فضلاً عن عدم إعطاء العالم المستقل لقب ” العلامة ” أو ” حجة الإسلام والمسلمين ” أو ” آية الله ” أو ” آية الله العظمى ” أو ” المرجع الديني ” أو ” الإمام ” في أقصى الأحوال مما يحتكرونه لأصنامهم من الحزبيين الفارغين على كل المستويات !

فحزب ولاية الفقيه بعد المراقبة والمتابعة الدقيقة لسلوكياته الاجتماعية والأخلاقية يعاني من ثقافة تجاهل علماء الدين والمتدينين الواقعيين من المؤمنين الشرفاء الأتقياء العدول غير الحزبيين على حساب احترام الفاسق والفاجر وغير المتدين لأسباب انتخابية وسياسية وسلطوية ونفوذية – وفي أكثر الأحيان مالية واقتصادية – وذلك طمعاً في الاستيلاء والسيطرة على ما تبقَّى من مقدرات الطائفة الإسلامية الشيعية في لبنان بعدما جلبت لهذه الطائفة سياسات عناصر ومسؤولي ومناصري والمتحالفين مع حزب ولاية الفقيه جلبت للشيعة كل الفقر والعوز بسبب مناهج هذا الحزب في التحالف السياسي والتفاهم الاستراتيجي مع الفاسدين والناهبين لحقوق الشعب!

اقرأ أيضاً: تعرّفوا بالصور على «زهرة المدائن»: «القدس» عاصمة «فلسطين» شَاء من شَاء وأبى من أبى!

حزب الله اسير اطماعه واسرائيل تصول وتجول

فقد تشرد بسبب هذا النهج أكثر أبناء الشيعة اللبنانيين في القارات الخمس بحثاً عن أسباب العيش وسد الحاجات، في حين نجد على مقلب آخر أبناء مسؤولي هذا الحزب ينعمون برفاه العيش وفخامة المتطلبات وأفره السيارات والعقارات ويختصون بأجمل النساء وبذخ الإنفاق حتى في ظل الظروف الحالية المعيشية والاقتصادية والمالية والنقدية الصعبة التي يعيشها لبنان واللبنانيون عموماً والشيعة اللبنانيين بوجه الخصوص، وما وصلنا إليه اليوم في هذه الأيام المريرة ساهم حزب ولاية الفقيه في الوصول إليه بحصة كبيرة بل الحصة الأكبر كونه الحزب الأقوى على الساحة اللبنانية من خلال إمكاناته وتحالفاته وارتباطاته المحلية والإقليمية !

لكل هذا، فإن شرف القدس يأبى على أن يكون هؤلاء من يُحرر هذا البيت المقدس ، ولهذا فإن عملية استبدال الله تعالى لهؤلاء قد بدأت في الأفق حين نرى صفقة القرن تمر بإعلان القدس كاملة عاصمة للدولة العبرية، ونرى توسع الكيان الصهيوني ميدانياً في الجولان والضفة الغربية وعالمياً من خلال تصدير الغاز للأردن ومصر وسائر الصناعات والزراعات والتقنيات للدول العربية والإفريقية وبقية دول العالم !

هذا وسلاح الجو الصهيوني الحربي والاستطلاعي يسرح ويمرح بشكل شبه يومي، فتارة يقصف هذا السلاح في سوريا وأخرى في السودان وغيرها رغم وجود منظومة الصواريخ الدفاعية الروسية الصنع والتواجد العسكري الصاروخي الإيراني المتقدم والفعَّال، وهو يصول ويجول بشكل شبه يومي فقط الأراضي اللبنانية بطائرات الاستطلاع والطائرات الحربية الأمريكية الصنع – خصوصاً فوق ضاحية بيروت الجنوبية – رغم كل شعارات المقاومة والتهديدات التي يطلقها حزب ولاية الفقيه ومن ورائه أسياده، وهو مما يطرح عشرات – بل مئات وآلآف – عمليات الاستفهام حول حقيقة وطبيعة الصراع مع العدو الصهيوني في حسابات حزب ولاية الفقيه وفريقه وحلفائه وداعميه .

السابق
زيارة سرية لنصرالله الى طهران.. مرحلة ما بعد سليماني!
التالي
الصراع بين أنصار «الثنائي الشيعي» يتوسّع.. جريحان في شحور الجنوبية!