بين «الإدارة 06» و «الوحدة الحمراء»..عين إيران على أفغانستان!

طالبان

في وقت تخطط فيه إيران للرد على مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني من قبل الولايات المتحدة، يجب على الولايات المتحدة ألا تتجاهل احتمال تحول أفغانستان إلى مسرح قد تعمد فيه إيران إلى استعراض عضلاتها، حسب ما يقول تقرير نشره موقع “ذا هيل” الأميركي.

وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، حذر من أن إيران تحاول تقويض المحادثات الأميركية مع حركة طالبان التي ترمي لانسحاب واشنطن.

تقرير ذا هيل حذر من تبعات هذا الانسحاب، وذكر أن من شأنه التحضير لحملة معادية للولايات المتحدة في أفغانستان.

لا يعد دور طهران في أفغانستان سرا، فلطالما جذبت إيران البلاد ضمن دائرة تأثيرها من خلال بناء علاقات متعدد الأوجه مع الجماعات السياسية والمسلحة.

إقرأ أيضاً: بعد فشله في القضاء على الإنتفاضة العراقية.. تناقضات الصدر تفضحه!

سياسة طهران المعادية للوجود الأميركي في أفغانستان، التي تعد عنصرا أساسيا في العلاقات الإيرانية الأفغانية، قامت تدريجيا بتحويل أفغانستان إلى أرض للمنافسة.

ورغم أن مقتل سليماني ساهم في تحجيم النشاطات الإيرانية في الشرق الأوسط، إلا أن الوضع الإيراني في أفغانستان قد يستفيد مما حصل، بالأخص بعد استلام نائب سليماني، إسماعيل قاآني مهامه.

لواء فاطميون

ويعود تدخل قاآني في أفغانستان منذ الثمانينيات، وكان المهندس الأساسي وراء تدريب وتوجيه الميليشيات الأفغانية المسلحة، من بينها فصائل طالبان والخلايا المتشددة، إضافة إلى لواء “فاطميون”، كما نشط قاآني في الحصول على دعم سياسي لهذه الجماعات بين قادة الفصائل البارزة في أفغانستان.

وتعمل إدارة ضمن فيلق القدس، معروفة باسم “الإدارة 06″، بالمساعدة في الجهود السياسية والبرلمانية في ما يخص الوجود الإيراني في أفغانستان، ويشرف المرشد الأعلى علي خامنئي على هيئة أخرى مختلفة كليا اسمها اللجنة المشتركة للعمليات الخاصة، والتي تحدد الخطوط العريضة للسياسات.

ولسنوات وقفت هذه الجهات عائقا أمام البعثة الأميركية في أفغانستان من خلال تغذية وإنماء التنظيمات المعارضة للولايات المتحدة معززة التفرقة السياسية والعرقية بين الجماعات الأفغانية من خلال رعاية قادة الفصائل.

والأهم من ذلك كله، فإن اختراق فيلق القدس لعناصر طالبان ودعمهم فصائل الحركة، من بينها “الوحدة الحمراء”، قد هدد وجود طالبان، فقد زودت إيران طالبان ببنادق للقناصة ومعدات موجهة بالليزر ونظارات للمراقبة الليلية وطائرات مسيرة صغيرة للتجسس إضافة إلى معدات للاتصالات، واستفاد عناصر طالبان من تدريب تلقوه من مئات الخبراء العسكريين الإيرانيين.

وفي الوقت ذاته حسنت طهران علاقتها مع قيادات طالبان، على عكس ما شهده الطرفان في التسعينيات، عندما قاربت إيران الدخول في حرب ضد طالبان بسبب معاداة الأخيرة للشيعة. إذ بدأ رجال الدين الشيعة في إيران بإظهار استعدادهم العمل مع قادة التنظيمات السنية المتشددة، مثل حماس في الأراضي الفلسطينية، وبنت اتصالات سياسية ذات مستوى عال مع قادة طالبان.

دعم إيراني لطالبان

ويدعم النظام الإيراني الشورى شمالي أفغانستان وقد سمح للحركة بتأسيس مركز للقيادة والتحكم في مدينة مشهد الإيرانية، حيث تتحكم طهران بالشورى في مشهد.

وفي 2016، قتلت طائرة مسيرة أميركية زعيم حركة طالبان الملا أختر منصور في بلوشستان جنوب غرب باكستان خلال عودته من إيران.

إضافة إلى كل ما سبق تمكن فيلق القدس من خلق نسخة أفغانية من حزب الله اللبناني بشكل ميليشيات “فاطميون” أعضاؤها من إثنية الهزارة الشيعية الأفغان ومن 1.5 مليون لاجئ أفغاني في إيران. آلاف الأفغان عادوا إلى بلادهم بعد أن شاركوا لسنوات للدفاع عن المصالح الإيرانية في سوريا.

إيران شجعت أيضا القادة الأفغان على تبني خطابات معادية للولايات المتحدة، إذ أظهرت اتصالات أميركية مسربة أن إيران شجعت السياسيين الأفغان على استخدام نقاط معادية للولايات المتحدة في خطاباتهم تحت قبة البرلمان، حسب “ذا هيل”.

ورغم أن إيران وقعت اتفاقية أمنية مشتركة مع أفغانستان عام 2013، إلا أنها عارضت العلاقات الأفغانية الأميركية.

وبشكل مشابه لما حدث في العراق، بمطالبة البرلمان العراقي سحب القوات الأميركية من البلاد، قد تحفز إيران على تشجيع وكلائها الأفغان في سبيل تحقيق نتيجة مماثلة في أفغانستان، كي يتلاشى أي دعم لوجود القوات الأميركية في البلاد وفي توقيت لا يعود لها.

ولا شك في أن إيران تحبذ تصدير مفاهيم “الثورة الإسلامية”، ليس عبر الشرق الأوسط فحسب، بل أيضا إلى أفغانستان وصولا إلى آسيا الوسطى.

ضرب اهداف اميركية

وقد يلجأ مؤيدو الانسحاب الأميركي من أفغانستان إلى استخدام قدرة إيران على ضرب أهداف أميركية كحجة لدعم أفكارهم، لكن شبكة إيران من الوكلاء الأفغان وعلاقاتها مع فصائل طالبان واحتمال توسع نفوذ لواء “فاطميون” في حال الانسحاب الأميركي، كلها أسباب تدعو إلى مواصلة الوجود العسكري والاستخباراتي الأميركي في أفغانستان.

واستنتج التقرير أن مخاطر نمو التأثير الإيراني في أفغانستان حقيقية، ومن المرجح أن تقوم طهران بتعديل قوانين النزاع وأن ترفع من دعمها الخطير لفصائل محددة من طالبان، بالأخص شبكة “حقاني”، لتضم قسما مخصصا لصواريخ أرض – جو.

ومن الناحية التكتيكية، يمكن لطهران استغلال المقاتلين الموقوفين عن المشاركة في لواء “فاطميون”، والذين انضموا إلى القوات الأفغانية، كي يوجهوا بنادقهم صوب القوات الأميركية.

ومن المتوقع أن تزيد خطورة الشبكات المنظمة الإيرانية التي تشرف على تهريب المخدرات والأموال والمعادن النادرة عبر الحدود، ومن الأرجح أن يرتفع التمويل الإيراني للجامعات ووسائل الإعلام الشيعية والمنظمات الخيرية لتوسعة الصورة الناعمة التي تحب طهران رسمها.

وهذه الجهود تعد تحديا أكبر أمام الأولويات الأميركية في أفغانستان، من بينها احتمال عودة تنظيم “الدولة الإسلامية” الإرهابي للنمو في حال رحيل القوات الأميركية.

السابق
«العُمرة»… أعلى طموحات رئيس حكومة لبنان
التالي
هذا ما جاء في مقدمات نشرات الأخبار لليوم 08/02/2020