تعديل في الموقف الأميركي و«حزب الله» بلا «بارافان»

وليد شقير

يسود انطباع في بعض الأوساط السياسية اللبنانية أن موقف الإدارة الأميركية ليس سلبياً حيال الحكومة اللبنانية الجديدة وأنها لم تعتبرها عدائية في شكل سافر، لأنها تضم وزراء لهم سيرة معقولة على رغم أنها حكومة “حزب الله” وقوى 8 آذار، ومن لون واحد.

بعض المراقبين الذين يتسقطون المواقف الخارجية من تطورات الوضع اللبناني الداخلي عن قرب يعتبرون أن هذا الانطباع لا يعني أن واشنطن عدلت سياستها حيال لبنان وأنها مثل سائر المجتمع الدولي تنتظر ما يكرره جميع السفراء والموفدين الذي يزورون لبنان، بأن على الحكومة أن تبرهن جديتها في تنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية والهيكلية قبل أن تتوقع مساعدة إيجابية ومالية من الخارج.

ظهر في مرحلة ما من تفاقم المأزق اللبناني منذ انطلاق الانتفاضة الشعبية واستقالة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري أن ما يهم واشنطن في الدرجة الأولى هو تشديد العقوبات على “حزب الله” لإضعافه، حتى لو أدى ذلك إلى تأثر الاقتصاد اللبناني، وأنها لا تكترث لما يجره ذلك من تدهور وفوضى في أوضاعه، وأن هذا التوجه يشكل موضوع خلاف بينها وبين الدول الأوروبية.

إلا أن مصدراً ديبلوماسياً أوروبياً يقول إن الجانب الأميركي عدل من وجهة نظره هذه، من زاوية اقتناعه مع الجانب الأوروبي بوجوب تجنب ذهاب الأمور نحو الفوضى في لبنان. لم يأت عدم الاكتراث الأميركي بدايةً بتشكيل الحكومة البديلة في لبنان نتيجة عدم ممانعته بحصول فوضى وإغراق “حزب الله” فيها فقط، بل جاء نتيجة انشغال إدارة الرئيس دونالد ترامب بالوضع الإقليمي والمواجهة مع إيران أيضاً. إلا أن المصدر الديبلوماسي إياه يعتقد أن واشنطن عادت وعدلت من موقفها ورأت أنه من الأفضل قيام حكومة في البلد وتجنب المزيد من الفوضى واقتنعت بحجة دول أوروبية القائلة إنّ قيام حكومة جديدة أفضل وأن الفوضى إذا وقعت يستفيد منها “حزب الله”.

إقرأ أيضاً: إيران: نحو نظام الحزب الواحد

ويسارع المصدر الديبلوماسي إلى التعليق على الانطباعات اللبنانية بأن الجانب الأميركي ينظر بإيجابية إلى بعض الوجوه في الحكومة بنفي أي إيحاء بأنه قد يكون لعب دوراً في ترجيح أو تفضيل هذا الوزير أو ذاك. فالتواصل بين الديبلوماسيين الغربيين في لبنان أظهر أن واشنطن لم تقحم نفسها في ذلك للسبب المذكور: الأولوية في مرحلة التأليف كانت لاهتماماتها الإقليمية فقط. وبالتالي يجب عدم إعارة أهمية إلى هذا الإسم أو ذاك على أنه إشارة إلى أخذ رأي واشنطن في الاعتبار. كما أن المصدر نفسه يرى أن التعديل في الموقف الأميركي نحو خيار تأليف حكومة لا يعني أن واشنطن ستتساهل إزاء أي موقف من الحكومة أو من الحزب أو أي فريق يمس المصالح الأميركية في لبنان والمنطقة. ففي هذه الحال ستكون رد فعل الأميركيين عنيفاً جداً ويفترض بالمعنيين أن يأخذوا هذا الأمر بجدية وعدم الانجرار إلى أي مغامرات. لكن هذا لا يمنع أن واشنطن ستواصل تقديم المساعدات للجيش اللبناني وبعض المساعدات الأخرى.

يلفت المصدر الديبلوماسي الأوروبي في المقابل إلى أنه بصرف النظر عن الموقف الأميركي، فإن “حزب الله” أمام تحدي تمكين حكومة الرئيس حسان دياب من أن تنجز شيئاً عملياً وملموساً في ما يخص إنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية، بعدما صارت الحكومة “مسمية” عليه وعلى قوى 8 آذار.

لم يعد بإمكان “الحزب” ومعه حركة “أمل” أن يتلطيا وراء “البارافان” (العازل أو الحاجب)، الذي شكله الرئيس الحريري لهما في الحكومة السابقة، والذي كانا يعتبرانه نوعاً من الغطاء لهما. في رأي المصدر الديبلوماسي أن الحزب بات مكشوفاً ويتولى هو إدارة اللعبة الحكومية، التي توجب عليه المساهمة جدياً في إيجاد الحلول الفعلية للأزمة الاقتصادية، وبات صعباً على قادة الحزب أن يقولوا إن سياسات سابقة سببها. فهم صاروا في موقع من سيخضع للحساب أمام ناسه وبالتالي يفضل إنجاز شيء ما في هذه الحكومة”.

السابق
هل قلدت شاكيرا ميريام فارس؟!
التالي
الانتخابات الإيرانية تحتدم.. صراع أجنحة وتخبّط في التحالفات