إيران: نحو نظام الحزب الواحد

احتجاجات في ايران

تسعى وتعمل القيادة الخامنئية بقوة لكي تحفز احتفالات الثورة الايرانيين على استعادة روحهم الثورية، ودفع الناخبين الايرانيين للمشاركة بكثافة بالاقتراع في 21 شباط الحالي في الانتخابات التشريعية تأكيدا لاستمرارية وحدة الشعب الايراني في مواجهة “الشيطان الأكبر “الذي يحاصرهم ويعمل على بث الفرقة بينهم من خلال المقاطعة والعقوبات والحصار…

بعد أربعين عاما على الثورة التي قادها الامام الخميني، من ضمنها ثلاثة عقود من السلطة المطلقة للمرشد آية الله علي خامنئي ، فقدت الثورة زخمها، وتكفي قراءة الدعوات الكثيرة والمكثفة من المرشد او الرئيس حسن روحاني لإن يثبت الشعب الايراني لنفسه وللعالم أنه بخير ويقاوم وسيقاوم، إلا أن الثورة التي قام بها الإمام الخميني “مريضة”، وعلاجها ليس سهلاً لأن المفروض ان يلعب المعالج اي المرشد دور “الطبيب” لكن المرشد هو نفسه الذي سبب المرض، وهو مصر على متابعة ما قام به على أساس إن ما يقوم به هو العلاج الممكن.

اقرأ أيضاً: الولاء السياسي لإيران.. والعيون على أموال السعودية!

يصر المرشد خامنئي على متابعة تنفيذ الاستراتيجية التي وضعها مع الجنرال قاسم سليماني رغم مقتله وذلك بنقل الحروب بعيدا عن الحدود الايرانية حتى ولو انتج ذلك إسقاط شعاري الامام الخميني: الاول “لا شرقية ولا غربية ” حيث اضطر للتحالف مع روسيا حيث الان يقول “القيصر “بوتين الامر لي، والثاني “لا سنية ولا شيعية ” حيث خندق الاحقاد اصبح عميقا كما لم يكن من قبل. ولعل أخطر ما حصل باسم القدس ان الجنرال سليماني حول الطريق بعيدا جدا عن القدس باتجاه باب المندب وجعل من صواريخها الممنوحة الى الحوثيين سلاحا تدميرا واستنزافها للسعودية بالرجال والمال إلى درجة أن الرئيس دونالد ترامب لا يريد انتهاء الحرب في اليمن طالما انه لم يحقق ما يامل به ويحقق أهدافه تماما كما حصل في الحرب بين العراق وايران.

في هذا الوقت تواجه إيران استحقاقا مهما وخطيرا وذلك في 21 من هذا الشهر وهو الانتخابات التشريعية وفي الوقت نفسه انتخاب نصف أعضاء مجلس الخبراء الذي ينتخب او يقيل المرشد وهو امر لم يمارسه هذا المجلس أصلاً. المأزق الكبير في هذا الاستحقاق أن السلطة جعلت من الانتخابات مثالا لديموقراطيتها في المنطقة علما ان هذه الديموقراطية بقيت معاقة أو مشلولة الى درجة ان من انتخب في السنوات الماضية خصوصا من الرؤساء لم يتمكنوا من تنفيذ سياستهم او مشاريعهم الإصلاحية حتى ولو كان الرئيس من الإصلاحيين وأبرزهم محمد خاتمي. وما ذلك سوى لأن المرشد أبقى الكلمة الاخيرة وقد اسقط بيده هذه الديموقراطية عندما أمر بتزوير الانتخابات حتى يعاد انتخاب احمدي نجاد ولينهي رفيق دربه هاشمي رفسنجاني الذي صعد على كتفيه، أو يحجبه عن واجهة الحياة السياسية كما حصل مع الشيخ مهدي كروبي وايضا مير حسين موسوي الذي نجح بتجاوز الأزمة الاقتصادية أثناء الحرب العراقية الإيرانية… أخطر ما في الاستحقاق هذه المرة ان المرشد لم يكلف نفسه الانتظار حتى يأمر بتزوير الانتخابات لذلك عمد الى شطب كل التيار الإصلاحي والمعتدل من الانتخابات إلى درجة أن محمد عارف اختار عدم الترشح وكذلك علي لاريجاني ،بهذا ضمن مجلسا من المتشددين وأعضاء خاضعين لخياره في مجلس الخبراء…

بعد شطب المعتدلين والاصلاحيين تبلور احتمال خطير يؤكد للايرانيين قبل الاخرين ان هذه الانتخابات مجرد توقيع شعبي على بياض وباختصار شديد انها كل شيء سوى انها انتخابات . لذلك اضطر الرئيس حسن روحاني الى المناشدة غير المباشرة للمرشد فقال: “اتركوا الانتخابات لتكون انتخابات تنافسية… دعونا نطمئن الناس أن نظامنا ليس نظام حزب واحد”. وتوجه مباشرة للشعب الايراني بقوله : يجب أن نبقى متحدين … لا تديروا ظهوركم للانتخابات ” …

أما المرشد اية الله خامنئي الذي يبدو انه تلقى تقارير عن خطورة الوضع وإمكانية أن تتحول نتائج الانتخابات الى اكثر من عود ثقاب تشعل الشارع مع تعمق الازمة الاقتصادية والمعيشية يوميا وتبذير الأموال على الخارج خصوصا وان شعار “لا سوريا ولا غزة نحن نحب ايران “ما زال سيد الشعارات، الإعلان عن بناء آلاف المدارس والمنازل في سوريا في وقت مازالت فيه المنازل والمدارس التي دمرت في الزلازل والفيضانات مهدمة او متضررة وبلا تعويضات للسكان الايرانيين. لذلك كله فانه عمد ربما لاول مرة الى مناشدة الشعور الوطني.

لدى الايرانيين بدلاً من التزامهم الاسلامي والثوري كما اعتاد للاقتراع فقال: “على كل من يحب ايران ويحرص على أمنها ان يشارك في الانتخابات التشريعية”.

السؤال الطبيعي الآن: ماذا سيفعل المرشد إذا لم يأت الشعب الايراني بكثافة مليونية الى صناديق الاقتراع ؟ هل يلغي الانتخابات ونتائجها ؟ صعب جدا لأنه يدين نفسه بنفسه … هل يُزوْر الأرقام ومن الطبيعي لن يصدقه احد ويكون الوضع مثلما حصل في العام 2009 وبشكل اخطر لانه ليس الأول؟ الخسارة مؤكدة حتى ولو نجح في اخماد التحرك لان الشرخ هذه المرة اكبر وأعمق بكثير من السابق وكل ذلك في ظل إمكانية “سورنة ” إيران … والخطر هذه المرة أن المرشد غير من تركيبة النظام فأضعفته بدلا من تقويته ، من ذلك أنه عمليا اضعف البازار بحيث فقد من قوته وأهميته الشعبية والحركة الشعبية وعمل على دعم ثنائية طبقة وشرائح من قادة “الحرس الثوري “اغتنت من انخراط الحرس في الاقتصاد ومصالحه وطبقة من المعممين اصبحوا اصحاب مصالح وأموال …

الخوف على ايران من اميركا ودونالد ترامب محدود رغم الحظر لأنه لن يهاجمها عسكريا ،الخوف الحقيقي أصبح من داخلها على داخلها…

السابق
«ديوانيات أسبوعية» صيداوية تناقش المشاريع التنموية في المدينة
التالي
الأوضاع المعيشية غائبة عن البيان الوزاري.. الأولوية للـ«المقاومة» والنازحين!