الحكومة: نجحت في «الخطي» الاميركي وتستعد لـ«الشفهي» الفرنسي؟

حكومة حسان دياب

فيما تستعد حكومة الرئيس حسّان دياب هذا الاسبوع لإنجاز بيانها الوزاري ، على ان تمثل الاسبوع المقبل على أساسه  أمام مجلس النواب لنيل ثقته، تتجمع معطيات تشير الى ان هناك عملا متواصلا كي تنال الحكومة الثقة الخارجية على ثلاثة مستويات: أميركية ، فرنسية وعربية.فما هي هذه المعطيات؟

في معلومات لـ”النهار” ان الفترة  التي تلت  الثاني والعشرين من الشهر الماضي ، تاريخ تشكيل الحكومة الجديدة ، تميزت بتثبيت قواعد التعامل مع المؤسسات الرئيسية التي يقع على عاتقها إدارة البلاد ، أيا يكن سكان المقرات الرئاسية الثلاثة.وقد سارع الرئيس دياب الى إرسال الاشارات التي تؤكد إستمرارية الاستقرار في هذه المؤسسات وتحديدا حاكمية مصرف لبنان وقيادتي الجيش والقوى الامن الداخلي. وليس سرا القول، ان الولايات المتحدة الاميركية ، سواء في عهد الادارة الحالية أو التي سبقتها، حرصت على هذا الاستقرار ربطا ببرنامج الدعم المستمر الذي كان ثابتا حتى في الاوقات التي كانت إدارة الرئيس ترامب تعلن فيها  عن تقشف في برامج مساعداتها في مختلف أنحاء العالم. وهكذا ، نجحت الحكومة ببعث رسالة “حسن نوايا” الى واشنطن، ما يحسب على رصيدها الاولي التي ستمضي به قدما في المرحلة المقبلة.

إقرأ أيضاً: حكومة.. إفقار الفقراء!

وتقول اوساط نيابية ل”النهار” ان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ،بدا في الاونة الاخيرة أكثر ثقة في التعامل مع الملف المالي بعد مرحلة من الاضطراب . وفي آخر إطلالات سلامة الاعلامية ،بدا هادئا في توصيف آفاق المرحلة الحالية للوضع المصرفي، فأبلغ قناة “فرانس 24″ قائلا:”    نحن في منطقة اوضاعها صعبة . نهاية هذه الازمة لها جانب سياسي لا علاقة لي به. ولها جانب دعم من المجتمع الدولي بشكل أو بآخر ،لإرسال سيولة الى البلد بما يعطي الثقة ،وعودة السيولة الموجودة بالمنازل او المتاجر  الى المصارف ،فيعود عندئذ لبنان يتحرّك كما كان تاريخيا فيمارس عملية الصيرفة بكل حرية.”

مسودة  البيان الوزاري تم نشرها ، فيها محطات تتصل برؤية الحكومة حول كيفية النهوض بقطاعات تمثل “الرجل المريض” في المالية العامة، وفي مقدمها قطاع الطاقة.ووفق هذه المسودة  ، هناك تركيز على الذهاب الى تأليف الهيئات الناظمة التي بقيت حبرا على ورق طوال الاعوام التي أمسك بها “التيار الوطني الحر” بهذه القطاعات ، وخصوصا الكهرباء.ونبهت اوساط واسعة الاطلاع الى ان هناك محاولات لم تتوقف حتى الان ، كي لا تبصر هذه الهيئات النور إلا بعد إفراغها من فعاليتها كي تبقى الصلاحيات بيد الوزير المعني ، كما هو الحال الان ، الامر الذي يتعارض جذريا مع متطلبات مؤتمر “سيدر”.وفي رأي هذه الاوساط ، ان هذه المحاولات لن تصل الى مبتغاها بسهولة نظرا الى الحاجة الملحة الى منح الحكومة الثقة الدولية المطلوبة كي تنفتح نوافذ الدعم الذي تعثر طوال الفترة التي أمضتها حكومة الرئيس الحريري الاخيرة في السلطة.وخلصت هذه الاوساط الى القول أن النفوذ  الذي كان يتمتع به فريق رئيس الجمهورية ميشال عون كما كان أيام الرئيس الحريري تراجع الان في الوقت الراهن ، وهذا ما سيظهر جليا  في الاسابيع المقبلة.

ولعل من الدلائل الى ان هناك تغييرا بدأ يظهر في نفوذ فريق الرئاسة الاولى ، هو الاطلالة الجديّة للديبلوماسية اللبنانية على يد وزير الخارجية ناصيف حتي الذي عرف كيف يخاطب نظرائه العرب في القاهرة قبل أيام ،ما لم يكن يعرفه سلفه جبران باسيل. ففي كلمته ، أثبت الوزير حتي إحترافه عندما قال :”المطلوب منا ، ونحن في البيت العربي … أن نعمل على تحصينه جميعا..”.وفي رأي مراقبين ، أن باسيل لو كان لا يزال وزيرا للخارجية ،لما تردد في إعتماد نبرة التوبيخ للعمل العربي المشترك ، كما تفعل طهران اليوم.

ماذا عن مقولة ان حكومة الرئيس دياب ، هي حكومة “حزب الله”؟  في تقدير مصادر ديبلوماسية ان هذه المقولة ما زالت في محلها ، مع ملاحظتها ان الحزب ، كما يبدو لم يعد في محله إذا صح التعبير,أي  في الموقع الذي كان فيه طوال المرحلة التي كانت فيه الحكومات تأتي على أساس مراعاة التوازن بين نفوذ إيران وبين مصالح لبنان العربية وفي مقدمها علاقته التاريخية مع المملكة العربية السعودية. لكن، وبعد إقصاء الحريري عن السراي ، على رغم تمثيله الواسع لطائفته ، صار لزاما على الحزب ان يسعى  الى توازن جديد ، هو هذه المرة ما بين طهران والغرب.

من المفيد متابعة المواقف التي يطلقها “حزب الله” يوميا ، كي يمنح الحكومة الجديدة الدعم اللازم. وبالامس ، صرّح نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم قائلا: “نحن نتأمل أن تكون هذه الحكومة خطوة مهمة على طريق الاستقرار السياسي والاستقرار الاقتصادي. يجب أن نعمل معها وأن نعطيها الفرصة المناسبة”.أما عضو المجلس المركزي في الحزب الشيخ نبيل قاووق فقال  أن “المؤشرات والأجواء محليا ودوليا في انطلاقة الحكومة ايجابية وفي مسار تصاعدي”. مع الاشارة الى ان الشيخيّن قاسم وقاووق لم يأتيا على ذكر موضوع فقرة المقاومة في البيان الوزاري.

هل يرتبط سلوك “حزب الله” الحكومي بسلوك إيران نفسها في المنطقة بعد مقتل قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الايراني الجنرال قاسم سليماني؟ من المؤشرات المؤيدة لهذا الارتباط ، تعامل طهران حاليا مع تشكيل الحكومة العراقية .فهي منحت مباركتها تکليف محمد  توفيق علاوي تشکيل  الحکومة هناك. ومن اللافت ان الاخير ، مثل رئيس الحكومة في لبنان، آت من عالم الاكاديمية الاميركية. فهو تخرّج في قسم الهندسة المعمارية بكلية الهندسة في الجامعة الأميركية ببيروت، وعاش ما بين بريطانيا ولبنان.

بالعودة الى لبنان  ، يبدو ان حكومة دياب قد إجتازت “الامتحان الخطي” في الاختبار الاميركي الاولي، وهي ذاهبة الان الى “الاختبار الشفهي”  الفرنسي بعد نيلها الثقة كي تسلك الطريق الى مؤتمر “سيدر” المقفل حاليا.فهل ستنجح؟ انه السؤال المهم جدا اليوم؟

السابق
رئيس «الصحة العالمية» يسعل.. ويبرر ضاحكاً: «لست مصابًا بكورونا»!
التالي
هذا ما جاء في مقدمات نشرات الاخبار المسائية لليوم 4/2/2020