لن أقبل بأنْ أجوع: مَن له أذنان سامعتان فليسمعْ

الجوع

كتب عقل العويط في جريدة النهار اليوم: يوم 14 كانون الثاني 2020، كتب أحدهم في “موقع النهار الألكتروني”، ما يأتي: “أنا جائع”. فلم يرتجف أحد. ولم يلتفت أحد.
ثمّ كتب في 15 كانون الثاني 2020، أي في اليوم التالي، “أنا جائع ونحن جائعون”، لعلّ أحدهم يرتجف، أو يلتفت. فلم يرتجف أحد. ولم يلتفت أحد.
بعد قليل، ربّما الآن، قد يخرج أحدهم على الناس شاهرًا “سيفه”، مستشهدًا بقولةٍ للإمام عليّ (نهج البلاغة، الحكمة 46)، مهدِّدًا متوعّدًا،: “إحذروا صولة الكريم إذا جاع، واللئيم إذا شبع”.

اقرأ أيضاً: حكومة مستقلّين… من دون مستقلّين

إفهموا جيّدًا: من لا يرتجف أمام الجوع، فسينبري أمامه، من حيث لا يدري، مَن يرجّفه ترجيفًا بسبب هذا الجوع.
وقد لا يكتفي بالترجيف.
إفهموا جيّدًا: لا تمتحنوا جائعًا. إيّاكم أنْ تمتحنوه. وخصوصًا إذا كان صاحب كرامةٍ وأنفةٍ وإباءٍ ورأسٍ مرفوع.
أخاطب الجميع بلا استثناء.
“بلا استثناء”، تعني “بلا استثناء”.
كلّ مَن يتغاضى، كلّ مَن يتغافل، كلّ مَن يوهم نفسه بأنّه غير معنيٍّ بهذا التحذير، فليتحمّلْ مسؤوليّة تغاضيه، وتغافله، وإيهام نفسه بما ليس وهمًا بل حقيقة.

التأجيل جريمة.
لمَن لا يعرف عواقب التأجيل المجرم، يجب أنْ يسأل عن العواقب.
يجب أنْ يسأل عن العواقب. وفورًا.
يجب: وبسرعة. وبسرعة. وبسرعةٍ أسرع من العصف المقيم في ظهرانينا، في القلوب، وعلى أكفّ الأيدي. وحيث لا أحد يعرف من أين يأتي عصف الضربات.
النار قويّة، أنبّه. تحت الرماد. فوق الرماد.
الجمر لا يهادن. ولا يؤمَن شرّه. فلا تلعبوا بجمر النار. مَن يلعب بجمر النار، نارُهُ ترتدّ عليه.
ترتدّ النار عليه، وعلى كلّ مَن يعنيهم الأمر، من قريبٍ، ومن بعيد.
لا تلعبوا مع الكرامات. إيّاكم أن تلعبوا مع الكرامات.
أصحاب الكرامات لا يمكن أنْ يناموا على ضيم.

وإذا هم لم يناموا، فإنّهم لن يتركوا أحدًا ينام على مخدّةٍ آمنةٍ، أو مطمئنّةٍ، أو حالمة.
هذا كلامٌ موجَّهٌ إلى الجميع.
إلى الذين في السلطة. في الحكومة. في المصارف. في الإدارات. في المؤسّسات. في المعامل. في المصانع. في القطاع العامّ. في القطاع الخاصّ. وحيثما تدعو الحاجة.
وهو موجَّهٌ إلى الذين ينامون على مخدّاتٍ وثيرة.

لن نقبل بأنْ نجوع.
لن نقبل بأنْ نبيع كراماتنا، ولا أنْ نسخّرها، ولا أنْ نتاجر بها، ولا أنْ نقايض بها لقمة الخبز، وأقساط المدارس والجامعات، وعلبة الدواء.
لن نقبل بتصريف كراماتنا في بيوت الصلف الرسميّ وغير الرسميّ.
ينبغي لعبارة “لن” أنْ تكون مفهومةً من الجميع.
اللهمّ، إنّي قد بلّغتُ، علنًا، وعلى رؤوس الأشهاد.
مَن له أذنان سامعتان، فليسمعْ.

السابق
بالرغم من تشكيل الحكومة.. سندات لبنان تهوي بشكلٍ حاد!
التالي
مجلس الجنوب يتنصّل من الإعتداء على ناشطين: «لم نكن نعلم»!