الأزمات المعيشية تحاصر اللبنانيين وتفاقم معاناتهم.. انقطاع شبه دائم للكهرباء وتقنين للمياه والوقود

فقر

أزمات بالجملة عصفت باللبنانيين منذ بداية العام الجديد، ربما أكثرها قساوة، انخفاض ساعات التغذية بالكهرباء في معظم المناطق، لا سيما في الشمال وبيروت، وليس أقل منها أهمية انقطاع المياه عن جزء كبير من اللبنانيين وفقدان مادة الغاز الضرورية للتدفئة من الأسواق اللبنانية.

فمنذ أيام، تعاني معظم المناطق من تقنين قاس للكهرباء، لا سيما في الشمال والعاصمة بيروت، ما تسبب بموجة غضب لدى عدد من الشبان في طرابلس، قاموا باقتحام مركز شركة كهرباء قاديشا في منطقة البحصاص أول من أمس، وسط إجراءات أمنية مشددة. كما اعتصم محتجون أمام شركة كهرباء لبنان في بيروت والشمال والجنوب أمس الخميس، اعتراضا على تراجع ساعات التغذية، فيما طالب البعض بالتوقف عن دفع الفواتير إلى حين حل الأزمة.

إقرأ أيضاً: الدولار يرتفع وقدرة الشراء تنخفض.. متى ثورة التفليسة؟

تقول إيناس: «منذ أيام وأنا أصعد 8 طوابق لأصل إلى منزلي سيراً على الأقدام بسبب انقطاع الكهرباء الدائم في بيروت»، فيما يقول علي إنّ «عائلته اضطرت إلى إضاءة الشموع في أكثر من ليلة بسبب ارتفاع ساعات تقنين الكهرباء في الأيام الماضية، وهم ليس لديهم اشتراك مولد كهربائي».

ويلقي غالبية الممتعضين من هذا الواقع اللوم على التيار الوطني الحر الّذي تسلم وزراء محسوبون عليه وزارة الطاقة خلال العقد الأخير، إذ ينتقد البعض التبريرات الملازمة لكل حدث مماثل. لكن وزيرة الطاقة والمياه ندى البستاني بررت هذا التقنين بالقول إنّه نتيجة عدم إمكانية تفريغ بواخر الفيول على شواطئ لبنان بسبب سوء أحوال الطقس.

ووعدت البستاني بعودة التغذية الكهربائية تدريجياً إلى ما كانت عليه قبل العاصفة، ابتداء من يوم غد السبت، بعد أن تفرغ البواخر حمولتها من المحروقات، لافتة إلى أنّ مؤسسة كهرباء لبنان وحتى آخر فبراير (شباط) المقبل، ستتمكن من تغذية بيروت الإدارية بمعدل 16 إلى 21 ساعة يومياً وخارجها بمعدل 8 إلى 10 ساعات، وذلك في حال استقر الإنتاج على قدرة 1500 ميغاواط لأن المؤسسة بعد ذلك بحاجة إلى اعتمادات عام 2020، الواردة في مشروع الموازنة للاستمرار في التغذية.

وللمفارقة، فإنّه في فصل الشتاء، الّذي تتساقط فيه كميات كبيرة من الأمطار في لبنان يضطر الناس لشراء المياه بعد أنّ انقطعت مؤسسة مياه لبنان عن إيصال المياه إلى معظم بيوت بيروت. تقول نجوى، وهي من سكان منطقة الحمرا في بيروت: «بقينا 5 أيام بلا مياه. أمس تمت التغذية لساعات قليلة قبل أن تنقطع مجدداً». وتقول السلطات إنّ السبب هو العطل الّذي طرأ على محطات توريد المياه في أكثر من منطقة من لبنان.

في هذا الوقت، تلوح في الأفق أزمة غاز، بدأت معالمها بالظهور خلال الأيام القليلة الماضية؛ حيث تهافت اللبنانيون على شراء الغاز في صيدا والنبطية والقرى المجاورة لهما، وقد شهدت نقاط بيع وتعبئة عبوات الغاز ازدحاماً ملحوظاً بسبب الهلع من فقدان هذه المادة من السوق، لا سيما أنّها مادة حيوية تستخدم في التدفئة في ظل الطقس البارد الّذي يعيشه لبنان.

ويقول جورج قسطنطين، وهو أحد وكلاء توزيع الغاز في بيروت، لـ«الشرق الأوسط» إنّ «شركات الغاز تمارس تقنيناً على تسليمهم المادة، فلا تعطيهم حاجة السوق وإنما مقداراً قليلاً منه، وصل إلى النصف تقريباً، وقد بدأت بهذا التقنين قبل أسبوع تقريباً من نهاية العام المنصرم، بحجة عدم وصول البواخر الناقلة للغاز بعد»، هذا ويتم تداول معلومات عن أنّ هناك توتراً بين أصحاب شركات تعبئة الغاز والموزعين أدى إلى تقليص كميات قوارير الغاز بالجملة، لأنّ الأولى تريد زيادة أرباحها ليس أكثر.

في المقابل، تتفاقم معاناة اللبنانيين المعيشية يوماً بعد يوم، بسبب غلاء المعيشة، لا سيما ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الجنوني. وبحسب رئيس جمعية المستهلك زهير برو، فإنّ غالبية الأسعار ارتفعت في لبنان بمعدل 100 في المائة بسبب الأزمة النقدية، بينما قلة قليلة من السلع انخفضت بمعدل 10 أو 20 في المائة».

ويلفت برو إلى أنّ «الارتفاع الأكبر في الأسعار هو على السلع الغذائية»، و«حتى السلع المدعومة، أي الدواء والمحروقات والطحين، ارتفعت أسعارها أيضاً، لأن هذه القطاعات محتكرة من كارتلات وترفع الأسعار بطرق ملتوية»، علما بأنه بحسب البنك الدولي فإنّ الأسعار في لبنان هي أغلى بنسبة 30 في المائة من أي بلد في المنطقة.

وفي هذا السياق، كشف الباحث في الدولية للمعلومات، محمد شمس الدين، أن 55 في المائة من الشعب اللبناني يعد فقيراً، وأنّ ربع الشعب اللبناني دخله لا يؤمن له الغذاء و30 في المائة منه دخله يؤمن له الغذاء من دون الاحتياجات الأخرى مثل الاستشفاء وغيرها.

إلى جانب هذه الأزمات، برزت في الآونة الأخيرة مخاوف أخرى لدى اللبنانيين، منها الحديث عن شح مادة المازوت في الأسواق وفقدانها في الفترة المقبلة جراء عدم توفر الدولار وارتفاع سعر صرف الليرة، علما بأن الشركات المستوردة للنفط طمأنت اللبنانيين في بيان يوم أول من أمس، بأنّ هناك كميات كافية في الأسواق من مادتي المازوت والبنزين أيضاً، محذرة من استغلال هذا الظرف من قبل بعض المستفيدين لتخزين هاتين المادتين.

السابق
السيّد يكشف كواليس تشكيل الحكومة بعد مقتل سليماني.. هل يعتذر دياب؟
التالي
الميليشيات تقتل صحافياً ومصوراً في البصرة.. وإتهامات بحق «حزب الله» العراقي!