«الغارديان» تنشر تحقيقاً عن إيجابية مقتل سليماني بالنسبة لإيران!

تشييع قاسم سليماني

لم يمر خبر مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني بغارة أميركية قرب مطار بغداد، مرور الكرام، إذ أشعل الشارع الإيراني وكذلك الأمر العالم. فبعد أسابيع على التظاهرات الشعبية في إيران الرافضة للنظام الحاكم، وحّد مقتل سليماني الشارع، وحقق للإيرانيون ما لم يستطيعوا تحقيقه بالمفاوضات، فكيف حصل ذلك؟

نشرت صحيفة “الغارديان” مقالا لدينا إسفندياري، تقول فيه إن اغتيال البطل القومي وحد حكومة إيران المنقسمة وشعبها المنهك واليائس.

إقرأ أيضاً: إغتيال سليماني «يكسر ضلع» نصرالله!

وتبدأ إسفندياري مقالها، بالقول إنه “بالنسبة للإيرانيين فإن اغتيال قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، كان مفاجأة عميقة، فقد كان سليماني أحد أكثر الرجال تأثيرا ونفوذا في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وكان لديه نفوذ أكثر من الرئيس، وكان يتحدث إلى الفصائل جميعها، ولديه خط مباشر مع المرشد الأعلى”.

وتجد الكاتبة أن “الأهم من ذلك هو أنه كانت له شعبية بين عامة الناس، فأظهر استطلاع تم إجراؤه عندما كانت المعركة محتدمة ضد تنظيم الدولة، بأن 73% من الإيرانيين ينظرون إليه بإيجابية، ومع ذلك فإن الجماهير الكبيرة التي خرجت للشارع في المدن في أنحاء إيران فاقت التوقعات”.

وترى إسفندياري أنه “من ناحية أخرى فإن مظاهر الوحدة ليست مفاجئة، فإيران -كغيرها من البلدان- بلد وطنية وفخورة، ويميل شعبها إلى التخلي عن خلافاتهم عندما يواجهون عدوا خارجيا”.

وتشير الكاتبة إلى أن “سليماني أشرف على السياسات الإقليمية لإيران، ولذلك كان يعد أنه قضى حياته في خدمة بلده، وعندما اقترب تنظيم الدولة من الحدود الإيرانية بعد أن سيطر على مساحات واسعة من العراق عام 2014، شكل فيلق القدس رأس الحربة للقضاء على التنظيم، وكان يمثل البلد الوحيد الذي كان مستعدا لنشر قوات برية لمكافحة التنظيم وتدميره”.

وتلفت إسفندياري إلى أنه في الوقت الذي نظر فيه الكثيرون في المنطقة لسليماني على أنه شخصية مثيرة جدا للجدل على أقل تقدير، فإن عددا كبيرا من الإيرانيين والأكراد والعراقيين نظروا إليه على أنه كان أساسيا في وقف تنظيم الدولة عند حده.

وتنوه الكاتبة إلى أن “شعبيته في إيران تخطت خطوط الفصائل السياسية، وكسب بطولة المعارك هو أحد طرق كسب الشرعية، وهذا ما ثبت في موته كما ثبت أثناء حياته، ويعد الإيرانيون قتل أحد أكبر المسؤولين لديهم انتهاكا لسيادتهم، حيث كان التأثير واضحا في تجمعهم حول الراية”.

وتقول إسفندياري إن “هذا لا يعني أن الإيرانيين كلهم كانوا يقبلون بأفعال سليماني في الخارج، وفي الواقع فإن الناس اشتكوا لسنوات حول مدى انشغال الحكومة في النشاطات الخارجية، في وقت تتراجع فيه الأوضاع الداخلية، وفي 2018 ترددت هتافات (لا لغزة ولا للبنان.. أعطي حياتي لإيران) و(اتركوا سوريا وفكروا فينا)، (ليس لأول مرة) في مظاهرات في أنحاء إيران، وعندما أصبحت الأوضاع الاقتصادية سيئة بسبب العقوبات، قبل اتفاقية 2015 النووية واليوم، يجد الإيرانيون صعوبة في فهم إهدار الحكام للمال في المنطقة خارج إيران بدلا من داخلها”.

وتفيد الكاتبة بأن “الشعب يشعر بالضغط بسبب حملة ترامب (الضغط الأقصى) مع غياب احتمال التحسن، وتضاف إلى ذلك حالة الاستياء العامة، ما أدى إلى مظاهرات كبيرة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، وفاجأت هذه المظاهرات الحكومة، لكن ذلك لم يمنعها من القيام بسحق تلك المظاهرات، وفرض حظر على استخدام الإنترنت لمدة خمسة أيام”.

وتشير إسفندياري إلى أن “ذلك الرد، كما هو متوقع، زاد من حالة الاستياء، لكن اغتيال ترامب لسليماني، جعل ذلك يأخذ أولوية أقل، وبدلا من ذلك تبنى الإيرانيون مقاربة (الشيطان الذي تعرفه أفضل)، واتحدوا على مدى الطيف حتى لدرجة الوقوف خلف حكومتهم لأجل منع المزيد من الاعتداء الأمريكي”.

وتبين الكاتبة أن “هذا يعني أنه بالرغم من أن خسارة سليماني تعد صفعة كبيرة لإيران، إلا أن الضربة الأمريكية كانت بشكل ما هدية للحكومة الإيرانية، ولم تكن لتحلم في أن تحقق مثل هذه الوحدة في أوقات صعبة”.

وتؤكد إسفندياري أن “الاغتيال أدى إلى توحيد النخبة المنقسمة، على الأقل في الوقت الحالي، فقد تحدثت الزعامات المحافظة والإصلاحية بصوت واحد، من المرشد الأعلى الذي تعهد بالرد، إلى المرشح الرئاسي السابق عن الحركة الخضراء، مهدي خروبي، الذي لا يزال خاضعا للإقامة الجبرية، والذي أعرب عن تعازيه، وحتى أن وزير الخارجية السابق في عهد الشاه، أردشير زاهدي، وصف سليماني بأنه (جندي شريف ووطني وكان ابن إيران)”.

وتلفت الكاتبة إلى أن “انسحاب أمريكا من الاتفاقية النووية أدى إلى إجبار المعتدلين على التشدد في مواقفهم، فمثلا لم يكن بإمكان إدارة روحاني أن تؤيد الحوار مع أمريكا، وبدلا من ذلك كانت تدعو بحذر للحوار بشرط رفع العقوبات مسبقا، واليوم حتى هذا أصبح صعبا، فمن في المؤسسة السياسية مستعد لأن يستهلك رصيده السياسي في الدعوة للتقارب مع أمريكا بعد ما فعلته، والأهم بعد مستوى الحزن العام الذي ساد البلد؟ والجواب سهل: لا أحد”.

وتجد إسفندياري أنه “من خلال قتله سليماني، فإن ترامب استطاع أن ينجز ما لم يظن أحد من النخبة الإيرانية أن إنجازه ممكن: فقد وحد الشعب الإيراني المحطم والمرهق واليائس في مظاهرات عكست تلك الوحدة”.

وتختم الكاتبة مقالها بالقول: “مع أن هذه المشاهد بعيدة البعد كله من أن تكون إعلان دعم للجمهورية الإسلامية، إلا أنها رسالة مهمة للعالم: الإيرانيون سيقفون مع حكومتهم في وجه أي تهديدات خارجية”.

السابق
بيلوسي تنتقد ترامب: عرّض جنودنا للخطر.. وسنصوت للحد من أعماله العسكرية!
التالي
ترامب يعلن فرضه عقوبات جديدة على إيران.. ماذا عن الطائرة الأوكرانية؟