الأصغرُ بين اللذين ربَّاهم السيِّد علي الأمين

السيد علي الأمين

عندما قرأتُ خبراً مفادُهُ أنَّ حدثاً جرى وتمَّ تداولُهُ وتروِيجُهُ عبرَ وسائل الفضاءِ الإعلامي وشَبكاتِ التواصلِ الإجتماعي، مُعتبراً البعضُ بمُخيِّلتِه أنه صيدٌ ثمينٌ ومادةٌ دَسِمةٌ يُوحُونَ من خلالِه أنهم وحدهم حُماةٌ للديار، وأنَّ مُخالِفَهم الرأيَ تُكتَبُ بحقهِ أفظعُ المناشيرِ والأخبار…
وبينما كنتُ أتابعُ تعليقاتِ المُعلِّقين ومنشوراتِ الناشرين استوقَفَني إسمُ مُعلِّقٍ وهو طالبُ علمٍ إسمُهُ:(….)
وهذه التسميةُ عندنا تُعتَبرُ بمثابةِ أمانةٍ تُلقى على عاتقِ حامِلها لأنها تَحمِلُ في طيَّاتِ حروفِها أروعَ المعاني وأنبلَ الثمار. لأنَّ أبرزَ معانيها: المَحْمَدة يعني: محمودُ الخصالِ ومُرضيُّ الأفعال…

اقرأ أيضاً: السيد علي الأمين.. تاريخ ناصع عصي على «الإصطياد الرخيص»

ولكنْ بعد تصفُحي لمنشوراتِكَ المُرَّقمةِ واحدةً بعدَ واحدة وفتشتُ في زوايا عبائرِها وجدتُ أنّ الإسمَ بعيدٌ عن المُسمى وخليٌّ مُفتقرٌ لمعنى المَحمَدةِ والمحموديَّةِ والخِصاليِّة، ووجدتُ من خلالِ كلماتِك المُقمَّشةِ المُلتقطةِ من الوهميَّةِ أنك مذمومُ الخصالِ.. ولستَ حَسَنَ الأفعال.. ولا تُعقَدُ على أمثالِك الآمال.. ولن تُوَّفقَ لإدارة أجيال.. وواهمٌ أنك ترتقي بها سُفُوحَ الجبال..واعلَمْ .. أنَّ الإمتحانَ قادمٌ لا محالَ يا صاحب المقَال..
ولا تنسَ هناك بينَنا آجال.. ترمينا بحفرةِ البهتةِ والسؤال .. أنْ ماذا قدمّتَ من صالحِ الأعمال..
فهل صالحُ الأعمال (يا طالبَ العلمِ) هو شتمٌ وذمٌ وبهتان؟ أم أنها فتنةٌ وافتراءٌ دائم؟

إنما هي نميمةٌ تتنقلُّ بها عبرَ عالَمِكَ الإفتراضي الذي فيه زاويةٌ مُعدَّةٌ لنوعيّّاتِ أمثالِك وأقرانِك كي تجعلَها مَنَّصةً ومادةً تحريضيَّةً بينَ أبناءِ بلدتِك المؤمنيِن الصابرين اللذين معظمُهم عمِلوا  ويعملون جاهدين لتبقى الفتنةُ نائمةً ..
فبينما انت عمِلتَ وتعملُ جاهداً نتيجةَ الجَهالةِ والجهلِ فيك لتُعيدَ كرَّةَ الفتنةِ من جديد.. ولم تُصغِِ جيِّداً إلى كلام بيئَتنا (الفتنةُ نائمةٌ ولعن اللهُ من أيقظها ).. ومُنطَلَقُ تحريضِك عنوانُهُ (كانت صورة) التُقطتْ للأمين العلاَّمة السيد علي الأمين ومناسبتُها : أثناء مشاركتِه في مؤتمرٍ عالمي جامعٍ بدولةِ البحرين لعددٍكبيرٍ من شخصياتٍ ووفودٍ من مختَلف الأديان ومختلف الأقطار والبلدان يُعنى بوحدة الكلمة والعيش المُشترك..

وبعد الإنتهاء من المؤتمر صُودِفَ وجودُ رجلِ دينٍ يهودي (حاخام)بين المُؤتمرين ولم يعلمْ أحدٌ من المشاركيين بحضوره حتى سفيري لبنان وفلسطين اللذان كانا حاضِرَين في المؤتمر..
وبعد ذلك صرَّح السيد موَّضِحاً الإلتباسَ الذي حصل، نافياً أن يكون على علمٍ بحضورِ هذا الرجلِ
قائلاً:  لم يتمْ معه أيُ لقاءٍ أو حوارٍ أو إجتماع ولا جِلسةً خاصة ولا عامَّة ..
بينما انت وأمثالُك اختلَقتم وصنَعتُم خلفيَّةً على مقاسِ برمجتِكم وفبركاتكم المعهودةِ المعروفة مُنتهجِين فنَّ الإتهامَ مُتجهين مباشرةً نحو العَمَالةِ والتطبيعِ مع العدو الإسرائيلي الغاصب المحتل، بالرغمِ أنَّ ذاتَ المشهد غير المُتعمَّد وغير المقصود حدثَ مع كثيريين من مسؤولين معروفين وشخصيَّاتٍ ومُفكريين وصحافيين، ومرَّ  الحدثُ مرورَ الكرامِ عندكم من دون تشهيرٍ وإشاعةٍ واختلاق .. إلا السيد علي الأمين لماذا ؟!

فيا ناشرَ المناشير اذا انت حقاً تسعى لكي تكونَ طالبَ علمٍ يجبُ عليك أن تعرفَ أنَّ هناك معايرَ وموازين وضوابطَ وضعَتْها الشريعةُ السمحاء للذين يُريدون أن يكونوا طلَبةً للعلومِ وأمرَتْهُم أن يعتمدوا ركيزةً في تحقيقِ ونجاحِ مشروعِهم وهي ركيزةُ الأخلاقِ، وأولُ جانحةٍ يجب أنْ تُسْقَلَ بالأخلاق هي نفسُ طالبِ العلم.. لأنَّ النفسَ إذا طابتْ وهُذبّتْ سلكتْ مَسلَكَها باقي الجوانح ِوالجوارح..
لذلك (عليك نفسَكَ هذبّها… فإنْ مَلَكتْ إيمانَهُ النفسُ… عاشَ الدهرَ مذموما)
لأنَّ الأخلاقَ إذا تهدّمتْ وانعدمتْ تَذْهبُ معها القِيَمُ وتندثرُ فيها المبادئُ وتَحِلُّ مكَانَها الفتنةُ والتحريضُ والإثم والعدوان..

ومن الشروطِ أيضاً والتي ينبغي أنْ تتوَّفرَ بطالبِ العلم: الأمانة العلمية باتباعِ الدليلِ وصدقِ الحديث ومُقتضى أمانة العلم هنا إذا أردتَ أنْ تعرفَ السيد علي الأمين جيِّداً عليك أولاً أنْ تَطرُقَ أبوابَ التاريخِ فتُجيبُك فيه المصادرُ والمراجعُ  عن سِعَةِ فَهمهِ ومكنونِ علمهِ وغزارةِ فكرِه، بدءاً من نَجَفِ الأمير.. مروراً  بقُمِّ الأبيِّ .. وصولاً إلى بيروتَ وجبلِ عامل.. وإذا أردتَ مزيداً بإمكانِك طَرقِ وجدانِ ضميرِ بعضِ أساتذةِ أساتذتِك اللذين ربَّاهُم السيد وعلمَّهُم وخرَّجَهم على يديهِ حتى أصبحَ جُلُّهم قيادات في الصفوفِ الأُولى، لعلَّ أحدَهم يُنبئْكَ عن نُصحِهِ الحكيمِ لهم، وحَذرِهِ الدائمِ من الإنجرارِ  والوقوعِ في الفِتَنِ خصوصاً عندما أطلَّتْ برأسِها وأرادتْ ذبحَ الأُخوَّةِ في الدين الواحدِ والوطنِ الواحد…وأنَّ واحدَهم يُخبِرُك أيضاً كيف ترجمَ السيد فِكرَهُ في مقاومة العدّو الإسرائيلي الطامعِ بأرضِنا ووطنِنا.. أو إذهبْ إلى جارتِك القريبةِ الشاهدةِ وادي الحُجير تُجيِبُك إذا حاكيتَها.. أو إلى جارتِك البعيدةِ  شموس الضاحيةِ هناك سَلْها.. كيف كانت توجيهاتُ السيِّد لطلاّبهِ المقاومين.. وكيف كان مشهدُهُ بالصلاةِ والسجودِ بهم والدعاءِ لهم بكلماتِ جَدِهِ الإمامِ علي ابن الحسين زينِ العابدين (ع).. أو صَلاتُهُ على الشهداءِ الشرفاءِ اللذين حتماً سيكونونَ غداً خيرَ الشاهدِين.

فنحن اليومَ نوّجِهُ أسَفاً وسؤالاً لسماحةِ الأمين العام عندما أشارَ بخطابِه الأخير مُنبِّهاً من الأخبار المُفبركةِ والمركَّبةِ والمُلَّفقةِ ولا تستندُ إلى مصادرَ صحيحةِ ويجبُ التحققُ منها لأنَّ غرضَها التحريض والفتنة والإنقسام
فهل يا سماحةَ الأمين العام أنَّ ما جرى ويجري مع أُستاذِك السيد علي الأمين الذي هو أحدُ أعضاء مجلس حُكماء المسلمين برأسةِ شيخِ الأزهر حول نشاطاتِهِ ومُشاركاتِهِ في المؤتمراتِ الدوليِّةِ والعَاَلميِّةِ بصفتِهِ العِلميَّةِ والفكريَّة المُعتدلة، والتي عُنوانُها و تفاصِيلُها وحدةُ المسلمين وتثبيت المشترك في العيش المشترك بين كافة الأديان…

وأنت تعلم يا سماحة الأمين العام تمامَ العلم وأدقِ التفاصيل أنَّ حضورَ السيد علي الأمين في هذه المؤتمرات لا يخرجُ عن تلك العناوين وعن تلك الأُطرِ الدينية الجامعة..
وإذا كان الأمرُ كذلك فلماذا كل هذه الحمَلات وبثِ الإشاعاتِ المُغرضَِةِ ضدهُ ؟!… أليستْ مفبركةً ؟ أليست ملَّفقةً ؟ أليست مزيداً في التضيقِ عليه وعُزلتِه؟ أو أنَّ الفِكرَ يجب أنْ يبقى محبوساً عندَكم وفي صناديقِ سراديبِكم؟!!…
ولا يسعُني إلا أن أقولَ لطالبِ العلمِ هذا، إنّ إسمَكَ المعنيَّ الصفاتِ والمواصفاتِ يُحتِّمُ على حَمَلتِهِ أنْ يحفظوه ويصونُه
فعُدْ إلى موازين دورِك واتقِ الله في منشوراتِك التحريضيِّةِ المستمرةِ…

اقرأ أيضاً: آية الله السيد علي الأمين وتمثيله للشيعة في المؤتمرات الفكرية الدولية

واعلمْ أنه لطالما تراكمتْ الفبركاتُ والتحريضات زادتِ الوقفاتُ بين يدي ربِّ الأراضيين والسماوات..
ويذكِّرُنا دائماً أميرُ المؤمنين ومولى المتقين علي بن ابي طالب(ع) في كلماته:
ما الدهرُ إلا يَقَظةٌ ونومُ…
وليلةٌ بينهما ويومُ…
يعيشُ قومٌ ويموتُ قومُ…
والدهرُ قاضٍ ما عليه لومُ…
⁃ وكُلَّما كثُرَ الظلم والإفتراء بحقِ سيِّدٍ وعليٍّ حفيدٍ لعلي والزهراء(ع)… حتماً سيشكوكم محمدٌ(ص) يومَ العقابِ وساعةَ الحساب.

(كلمة حق من أحد تلامذة السيد الأمين)

السابق
«القوات» تُثبّت موقفها.. لم «نَبلف» الحريري
التالي
باسيل «يتعفف» حكومياً و«يغازل» الحراك: حصتنا كلها لك!