أزمة الهوية الانفصالية.. اللبنانية

لبنان ينتفض

ما ترونه وما تشعرونه من ارهاصات الانهيار الاقتصادي، يبقى اقلّ وطأة وأخف حدّة من المشهد التالي عندما تبدل الشوارع من تموضعها في المدن وعندما تكثر صور المنتحرين والمقتولين والمسلحين والمتوفين بجلطة مالية او بسكتة مصرفية.
لماذا يستغرب اللبنانيون عدم تفاهمهم ولماذا يتعجبون عند كل اختلاف بينهم ولماذا يكثرون من الأسئلة عند كل تضارب وعند كل اشتباك بينهم على امور تافهة قبل اشتباكهم على امور عظيمة؟

ليست الأزمة في قادة سلطة واحزاب من الكاذبين واللصوص والمجرمين الذين يحاولون الارتقاء الى مرتبة ملائكة الموت كما ان الازمة ليست في حراك وفي انتفاضة يحاول فيها ثوريون ان يرتقوا لمرتبة ثوار منقذون لميت….

اقرأ أيضاً: الثورة اللبنانية في سياقها العالمي: حدود الاهتمام

الاختلاف في الرأي جميل، التعدد في الأراء رائع، الصراع الطبقي طبيعي، استغلال الرأسماليين للناس مفهوم، التباين بين الاديان والطوائف اعتيادي الا ان يكون اللبناني يعيش في ذاته، في قرارة نفسه، ازمة عميقة في الهوية الانفصالية، أزمة حذر تاريخي من الآخر الذي بينهما انهار من الدم والثأر والكراهية والذي اضطر للاندماج في العيش معه برغبة اجنبية وبمطلب محلي حماسي وغير منطقي عند انشاء لبنان الكبير بمآسيه دون تطهير الانفس من ترسبات الثأر والخوف لسبب أساسي لنواة نزعة الانفصالية في الهوية اللبنانية… المواطنون ليسوا  بمواطنين واللبنانيون ليسوا  بلبنانيين مهما صدح صوت فيروز وصباح ووديع الصافي ونصري شمس الدين ومهما كذب رجال الدين في دعواتهم للوحدة ومهما نافق السياسيون في أحاديثهم العلنية عن لبنان الواحد.

ليس هناك من وطن الا في الرجاء وليس هناك من لبنان الا في الامنيات.
ما نشاهده من نزاعات في السلطة ليس الا صراعات امارات طائفية ومن بينها امارة المال وما نشاهده في الساحات ليس الا امنيات  لآخر الثوريين الحالمين بولادة وطن من تاريخ 17 تشرين الاول 2019 وليس من 1920 عند تأسيس لبنان الكبير او عند الاستقلال سنة 1943 او عند الطائف سنة 1990.

اقرأ أيضاً: إيران… عسكرة الهوية العقائدية

اما بناء دولة عصرية نهائية او فلترحل كل جماعة الى إمارتها.
لم يتفقوا في السلم، لا بأس، ليتفقوا على الانفصال لربما يكون التفاوض اسهل وأشرف حقنا للدماء….

هؤلاء لا يريدون قيامة دولة ولا يؤمنون بوطن ،دولتهم عقاراتهم و وطنهم اموالهم وكفى…

السابق
جنود أمريكيون بقدرات خارقة بحلول 2050
التالي
حقوق النائب في الإستشارات المُلزِمة