عندما يصيبوا الثورة بجهالة!

النبطية

بعد الإعتداءات الجسدية والترهيب الذي تعرض له المتظاهرون في جنوب لبنان منذ إندلاع الثورة وخاصة في صور والنبطية وبنت جبيل، وبعد عمليات الخطف والتنمر والإذلال الذي تعرض له بعض الشباب الذين تجرأوا على الزعيم، شهدت الأيام القليلة الماضية حملة جديدة – قديمة من الإرهاب الفكري طالت بعض الناشطين والناشطات الشيعة على خلفية موقفهم المؤيد للثورة ومساهمتهم فيها كل في مجاله البعيد كل البعد عن العنف.
فقد بدأت الحملة ضد الإعلامية ديما صادق على خلفية مواقفها المعلنة على حساباتها في فايسبوك وتويتر، ومن ثم طاولت الحملة الدكتورة منى فياض الأكاديمية المعروفة، وكذلك الأسير المحرر والمناضل الذي أمضى عشر سنوات من سني شبابه في سجون العدو الصهيوني أحمد إسماعيل، على خلفية إشتراكهما بمبادرة “بوسطة الثورة” التي إنطلقت من عكار والشمال إلى أنحاء الوطن تعبيرا عن الوحدة الوطنية وفي خطوة ترمز إلى إزالة صورة بوسطة عين الرمانة بما هي رمز لبداية الحرب الأهلية من أذهان اللبنانيين.

اقرأ أيضاً: انتفاضة لبنان تحت المجهر الأميركي الأوروبي مجدداً

الحملة التي إنطلقت ضد هذه الأسماء لم تواجه الرأي بالرأي، ولم تواجه الفعل بفعل مضاد في إطار التحرك السلمي المكفول لكل الناس، ولكن كعادة هذه الحملات الواضح أنها غير فردية بل هي منظمة ومنسقة بطريقة كاد المريب أن يقول خذوني، لجأت في حالة الإعلامية ديما صادق إلى أساليب منحطة أخلاقيا وبعيدة كل البعد عن كل ما يمت للإنسانية بصلة سواء دينية أو حضارية أو آدمية، حيث لجأت هذه الحملات للبذاءة والسباب والشتائم والتحقير الشخصي والإيحاءات الجنسية ليس فقط بحق ديما نفسها التي عمموا رقم هاتفها على الأتباع في ما يسمى الذباب الإليكتروني كي يتصلوا بها بهدف الإساءة، بل وصلت الحقارة بهم أن إنتهكوا حرمة والدتها المسنة بكلام بذيء يندى له جبين كل بشري، وما يؤكد أن هذه الحملات منسقة ومنظمة هو أن بعض المواقع الإلكترونية المناطقية خاصة الجنوبية منها قد ساهمت في هذه الحملة عبر إعادة نشر تغريدات بذيئة ومسيئة بالشخصي لديما وعائلتها للمدعو جوزيف أبو فاضل وتركت المجال للمتابعين ببخ سموم حقدهم دون أدنى خجل أو إحترام لأعراض الناس في بيئة المفروض أنها متدينة وتحسب ألف حساب للأعراض ولكرامات الناس، لدرجة أنك تتعجب وتتساءل هل هذه هي حقا بيئتنا الجنوبية؟ وهل هؤلاء فعلا هم أشرف الناس؟ وهل هذه هي ثقافة الإسلام وثقافة المقاومة التي تحمي الأرض والعرض كما نسمع دائماً؟ وإلى أين نريد أخذ الناس والمجتمع؟ هذا عن ديما أما الدكتورة منى فياض والمناضل أحمد إسماعيل فقد كانت التهمة جاهزة ومعلبة كالعادة، وهي التخوين عبر الإتهام بالعمالة لإسرائيل وأميركا وعبر نسج حكايات وقصص مختلقة يرمونها بين الناس دون أدنى دليل حسي أو وقائع مثبتة مستغلين حماسة البعض وجهل البعض الآخر ممن لا يسمعون إلا صوت الزعيم وإعلامه الغبي الذي ساهم بترسيخ هذه الصورة عبر إعلامية تافهة جاهلة ذكرت أحمد إسماعيل بالإسم ونعتته بالعميل وهي التي لم تكن قد ولدت بعد عندما بدأ هذا المناضل مقاومته للإحتلال ، نقول جاهلة هذا إذا إفترضنا حسن النية ولكن الحقيقة أن سوء النية كان واضحا ونابعا من حقد على كل من تسول له نفسه الخروج عن منطق الزعيم وأقواله. والسؤال هنا.. إلى متى سيستمر هذا الإرهاب الفكري؟ وما هو الإرهاب إن لم يكن كل هذا الذي يحصل؟ وإلى هذا الحد بات الخوف من الثورة يدفعهم للتصرف بفظاظة تنم عن الضعف؟ صحيح أن هذه الحملات والتصرفات ليست جديدة ولا هي وليدة الخوف من الثورة، ولكن هذه المرة فاقت كل تصور وأسقطت عنها كل برقع كانت تحرص على الظهور به أمام الرأي العام وخاصة برقع الحياء والدين والضمير والأخلاق.

اقرأ أيضاً: بين سياسة عض الأصابع وصراخ البلد!

إن هذا الإرهاب الفكري والمجتمعي والسياسي المرفوض لن يمنع الناس والمناضلين منهم خاصة عن قول كلمة الحق، فالمناضل الذي إختار هذه الطريق لم يكن عنده وهم أن هذه الأطراف تؤمن بالديمقراطية والتعددية، وإن لم يكن يتصور أحد مدى ساديتها وضيق صدرها إلى هذا الحد. ولكن الناس بدأت بالتململ ليس لأنها غيرت رأيها السياسي، بل لأن معاناتها المعيشية في هذا البلد والتي يتحمل الثنائي الشيعي جزءا لا يستهان به من المسؤولية عنها، وكذلك هذه الإستهانة بكرامات الناس وآرائهم وهواجسهم هي التي جعلت وستجعل الناس تخرج من تحت عباءة هذا الثنائي إن عاجلا أم آجلاً إذا لم يستدرك الأمر بالسرعة اللازمة ويساهم مع غيره من فعاليات البلد بكل مسؤولية وإرادة حقيقية للتغيير عبر تغيير العقلية التي يدار بها البلد قبل فوات الأوان.

السابق
هل يعود العراق إلى الوصاية الدولية بعد قمع المحتجين؟
التالي
الضربات الإسرائيلية لسوريا تنذر بصراع شامل مع إيران