مجموعة «زيت لفانوس أبي العلاء»… وجدانياتُ القَلَقِ

فانوس
يهِيمُ الشاعر العراقي عادل الصويري، هيماناً "مُضْنياً"، ما بين فضاءات الشكّ واليقين، في مجموعته الشعرية الجديدة، الصادرة حديثاً تحت عنوان: "زيت لفانوس أبي العلاء".

وهي التي يهيمن على كامل مضمونها ما نُطلق عليه تسمية “وجدانيات القلق” الوجودي، التي تفيض بها قصائد الصويري هنا. وتضم مجموعة “زيت لفانوس أبي العلاء”، (وهي من منشورات “دار الأمير” في بيروت، طبعة أولى 2019)، إحدى وثلاثين قصيدة، تنتمي جميعها،إلى ما يُعرف بـ”قصيدة التفعيلة”، ومن عناوينها: “هديل الأضداد”؛ “راقص في مياه الشك”؛ “نايات مغتربة”؛ و”مسبحةُ الخسارات”.
ولقد قدّم لهذه المجموعة مدير عام دار الأمير الدكتور محمد حسين بزي، بنص تحت عنوان: “بمثابة تقديم” يقول فيه: أن أقدّم للصديق العزيز الشاعر عادل الصويري ليس أمراً سهلاً، لا لأنه شاعر كبير فحسب، بل لأنني أحببته في عُجالة تيتمت بعد أيام قلائل عندما شرّفنا في لبنان/صيف 2018م، لكنها تناسلت بوجع الشعر وغربته وأصالته بعد أن تابعته في قصائد كان أخفاها عنا يومها، وهنا أعترف أنني استخدمت نباهتي وتتبعته حتى آخر رمق إبداع استطعت الوصول إليه في نصوصه الطارئة والطائرة في آن.

اقرأ أيضاً: مارغريت دوراس الدَّاعية إلى تدمير كل ما «يُدمِّر».. المعرفة

عادل الصويري لديه عدة منصات شعرية في القصيدة الواحدة، هذا الرجل المدهوش دائماً لا يهدأ إلا إذا ما كتب قصيدة تدهشك، بل أحياناً ترعبك من جزالة لغته الحاضرة حتى في أبسط نصوصه، يأخذك دائماً بحرقته إلى هياكل ناره المستحبة، ثم يعيدك مع نور ساطع شجاع كان تقصدّه في الخاتمة.. هذا ديدنه: الجهة المستحيلة دائماً.. الاقتحام الصعب للقلق الخصب.. الإيثارات الفطِنة التي تشكل لك وعياً جديداً بالشعر وقضاياه المعاصرة.
هذا الشاعر خطير، وحق للخطير أن يخاطر دائماً وإلا لم يكن الشعر.

ومن خطورته أنه في ديوانه الجديد الذي بين أيدينا الآن “زيت لفانوس أبي العلاء”، صرنا نحن بين يدي ديوانه وليس العكس… عادل الذي يباغتك مرة بعد أخرى بجمالياته المتدفقة من نص لآخر حتى تكاد لا تصحو من نشوتها؛ إلا وباغتك من جديد، او قل من عميق. عادل الصويري لقد مرضنا بك شاعراً، ولا شفانا الله منك.

اقرأ أيضاً: «أيتها الغجرية… ستمرضين» مرثيّة لـِ«طيفِ حبيبٍ»

ونقتطف من هذه المجموعة قصيدة “نايات مغترِبة”:
أنا بُحَّةٌ عجريَّةٌ
خَمْرٌ ومَدٌّ الضوءِ كاسُ
شيء مِنَ المنفى
وَمِنْ نَهَرٍ زوارِقُهُ النُعاسُ
يا أيها العَدَمِيُّ
رَتِّلْ محنتي فأنا ارتماسُ…
للظِلِّ في المَعنى،
سَراباً قَلْبُ أُغنِيتي يُداسُ
جِئتُ ابتكاراً للظِلالِ
وَخَوفِيَ الشَجَريُّ فاسُ
الريحُ تستلقي على حُلُمي
شظايا الريحِ ناسُ
جاسَتْ بِروحِيَ
والتَمَعْتُ فَجُرْحِيَ المَخْبوءُ ماسُ
غَسَقُ انتظاراتي،
ملامِحُهُ يُكَبِّلُها اليباسُ
لا ماءَ،
والغيمُ المُحالُ
تَعَطَّلَتْ فيهِ الحواسُ

السابق
لبنان على شفير الانهيار الإقتصادي.. والفقراء يزدادون فقراً!
التالي
سلامة يرمي الكرة في ملعب السياسيين: وضع لبنان صعب للغاية!