هذه هي ميّزة الإنتفاضة…

انتفاضة لبنان
ثورة أم انتفاضة أم حراكاً، سمّها ما شئت، لا يهمّ. انتفض فيها أكثر أو أقلّ من مليون، أيضاً لا يهم. ولكنّها باعتراف وإجماع الجميع موجةٌ جماهيريّةٌ عارمة عابرةُ للطوائف شملت كلَّ أصقاع لبنان، فما الذي يميّزها؟ وهنا بيت القصيد.

الجوع وحده لا يكفي، البطالة أيضاً لا تقنع، ولا النظام الصحيّ إلخ، فلطالما كان الوضع كذلك ولم ينتفض أحد. حين كنت أنزل يوميّاً إلى الساحات، أوّل ما لفتني هو الأكثريّة الساحقة ممّن هم دون الثلاثين من العمر، كنت بين القلّة القليلة ممّن هم في سنّ الكهولة أو أكثر، واكتشفت أنّهم ليسوا مثلي عندما كنت في عمرهم، حين كنّا نتظاهر من أجل فيتنام ومصر عبد الناصر، ليسوا مسيّسين، ولا مطّلعين على كلّ ما يجري في العالم، ولا يهمّهم أصلاً. ونجحوا حيث جيلنا فشل، فبماذا تفوّقوا علينا؟

اقرأ أيضاً: الثورة لم تقل كلمتها الأخيرة.. «الحكومية»

الجواب الذي أقنعني أتاني في أواخر هذا الليل وكنت نائماً فنهضت لأعبّر عنه: إنّه الإنتماء للوطن! نحن لم نسأل حين سافرنا للدراسة في الخارج ثمّ العمل، وكنّا مستعدّين للهجرة مدى الحياة، وعلى قلبنا “متل السمنة عالعسل”، أمّا هم لا! كلّهم يحبّون العيش في لبنان، لا يريدون مغادرته، وحين يتحدّثون عن الهجرة تشعر بالغصّة في كلامهم، شغوفون ببلدهم، متعلّقون به، وأنا على يقين أنّ من لم يشارك الساحات مع رفاقه الشباب، لأسباب ليست موضوع النقاش الآن، كان قلبه ووجدانه معهم، أقول يقيناً لأنّي أعرف الكثير منهم، وشاهدت الفرحة في قلبهم لرفاقهم، والحسرة لأنّه لم لا يستطيعوا أن يكونوا معهم.

انتصارنا الكبير هو في هذا الجيل الجميل الرائع المنتمي المحبّ للبنان، وهو الذي يصنع اليوم لبنان الغد المشرق. 

السابق
عشرة قتلى في انفجار سيارة مفخخة بتل أبيض السورية
التالي
«خليها تخيس» صرخة العراقيين في وجه المنتجات الإيرانية