قيادات دينية.. لا مع الحق ولا مع الرعيّة

التظاهرات في لبنان

فورا وبعد اندلاع الثورة السلمية بدأ السؤال عن دور القيادات الدينية الرسمية ورأيها، هذه القيادات التى تحمل رسالة الصلاح وتصويب المجتمع ودعوته على الأقل إلى الإبتعاد عن: الكذب، السرقة، الظلم، القناعة بالخبز كفاف يومنا، و إعانة الفقير عبر نفوذها وريع أوقافها.

إقرأ أيضاً: أسبوعان لـ«التكنوقراط» و6 أشهر لانتخابات «الحراك»

رغم وضوح تقصيرها في دورها تاريخيا ولا زالت، ومع اهتمامها بالمصالح الخاصة والمحيطين بها وإنفاقها على الحجر دون البشر، كان اللبنانيون الثائرون على منظومة الفساد وأدواتها ينتظرون منهم موقفا مؤيدا ظنوه سيصبّ في مصلحة حراكهم، لأنهم لا خيارا دينيّا لهم الا:بالوقوف مع الشعب الصادق في التعبير عن ألمه ضد الكاذب المراوغ المتسلط عليهم، أو مع الشعب المنهوب الذي تمّت سرقته بعد تخديره بمخدرات ساهموا هم كقيادات دينية في صنعها ضد السارق المحترف الذي يُرشي حراس الهيكل، أو مع المظلوم في وجه مصّاصي دمائهم وتالفي أعصابهم وأعمارهم، أو مع الجائعين الذين لا يجدون خبزهم كفاف يومهم في وجه المُتخمين المُترفين أَكَلَةِ لحوم البشر بعد أن أكلوا البيئة بشجرها وحجرها، أو مع الفقير في وجه من استغلّ الأوقافَ والمشاعات تمكينا لأنيابه في أجساد المُنهكين… فخاب انتظارهم واكتشف اللبنانيون الجائعون للخبز والكرامة كم كانوا على وهم ، فقياداتهم الدينية الرسمية ليست مع الله الا شكلا، ولا تحمل الدين الا سُلطةً، أما مضمونا فآلهتهم على الأرض، ودينهم طقوس غلب عليها قول الحق اجترارا ليس حقيقة ، يتنعّمون بسلطتهم التي أمدّهم بها إيمان الناس وصدقهم، ويستحسنون الفساد ولا نعرف إن كانوا ينتبهون أن الفساد هو ارادة إبليس وليس ارادة الله ، وإلا لكانوا أشاروا بالبنان ولو مرّة وقالوا: هذا فاسد أو مُقصر.. بدلا من أن يُسخروا هالتهم لوضع خطّ أحمر أمام رئيس سارق، او بدلا من دعوات الإلتفاف حول رئيس فاسد وكاذب وعاجز كما قرأت في “النهار”، او لتغطية رئيس كسّر أرقاما قياسية بألاعيبه وثرواته، أو غيرهم مما لا يختلف اثنان على ثرائهم غير المشروع بفضل استغلال السلطة.

وحجّتكم في ذلك -سُحقا لها من حجّة شيطانية- انكم تحافظون على حصص طوائفكم. كلا لقد انفضح ما كنتم تقولون وتفعلون، فلا أنتم مع الله ولا أنتم مع الرعيّة.

قلت اليوم ما لا يجرؤ غيري على قوله، قلته بصفتي ملتزم دينيا، استباقا كي لا يقوله علماني فيُحوّلوا الثورة وكأنها ضد رجال الدين، قلته كي يقرؤوا مجددا “عاميّة أنطلياس” وظروفها ونتائجها ، وينتبهوا أن ظروف وإمكانيات اليوم هي أفضل بكثير من ظروف وإمكانيات الفلاحين يومها. وقلته ليعلم رؤساء لبنان من اليوم فصاعدا أن ما يحميهم ليس دعم طوائفهم ولا الخطوط الحمر الزائفة من رؤساء هذه الطوائف، يحميهم فقط اخلاصهم الوطني لكل لبنان.

أما القيادات الدينية الرسمية فيحميهم أن يكونوا مع الله والحق أو مع الرعيّة.

السابق
هزّة أرضية تضرب بنت جبيل والجوار
التالي
«بوسطة» الحراك انطلقت.. من عكار الى كل المناطق!