عائدون إلى الساحات..

بحّ صوتي من كتاباتي،مَسّت روحي العفاريت،في المدينة تحبو العتمة، ترصد النور، تكمن للعصافير، وحش المال لا يستسلم، وحش المال لا تقوى عليه طلاب جامعات وتلامذة مدارس وأمهات وشبان مسالمين، وحش المال في بلادي لا تقوى عليه سنونو الربيع.

في هذا الصباح مشى الشارع على جسدي، عَبر الغاضبون بعصيّهم  وبتوترهم، هرب الحالمون بأفكارهم براياتهم الحمر والسود والبيض، كنت  الشاهد الوحيد على المجزرة، على موت اقلام وجرح دفاتر وسحل كتب وصلب نبي وخيانة امام وبقر بطون الانتفاضة، كنت وصرت الطريق.

أشعل من أضأت له عمري شمعة، من نظم له جاري الشاعر ملاحماً، من انشدنا لحريّته عند ابواب المدارس لحن الحرية ليحيا سعيداً، اشعل خيمتي، اشعلها ونادى بحياة أسماء أعرفها وأحترمها الا اني ما عدت أفهم عليها، مزّق بعصاه ميثاق الأخوة بالقهر، اخوتي برضاعة الفقر والإذلال والتعتير، ركل بقدمه بيان تحرّر العبيد، صار حذاء المعتدي بيننا أجدى من كل الدواوين، قادر بحذائه أن يخطّ على الجدار روايات التاريخ…

اقرأ أيضاً: من كسب من استقالة الحريري ومن الذي خسر؟

حملت خيامي المحروقة فوق ظهري، خبأت أسماء التلامذة والطلاب والمنتفضين بين أشجار الساحات، علّقت مشاريعهم الثورية على الأغصان لعلها تضيء في عيد الميلاد القادم كل الشوارع المظلمة، ضبضبت الأرواح المتكسرة والأنفس الهائمة والأجساد المترنحة في كيس من خشّ ورفعته على كتفي كالمتسول كبرياء وكرامة ومضيت.

هل كانوا وكنا عملاء مأجورين من حيث لا ندري، أم أننا لناهبي البلاد خدماً وعبيداً…

ناداني طفل متسوّل، يسالني لمن اترك المدينة والشوارع والساحات، أرضيته بإبتسامة وكفكفت دمعي وأخفيتها ليبقى قوياً من بعدي، حالماً بالحرية وبالأمل وبالمجد، همست له بأذنه:
أيها البطل القائد، إنتظرنا، إننا عائدون.

السابق
طريق البقاع الجنوب الدولية سالكة.. لا أتربة ولا خيم في الطريق
التالي
هكذا علّقت الخارجية الأميركية على استقالة الحريري