العودة الى سوريا.. «ندّية» لا «يندى لها الجبين»!

سليمان فرنجية جبران باسيل
يبرز تساؤل في خضم الدعوات المتزاحمة الى باب النظام السوري، لماذا يلزم عتاة الممانعة والمقاومة اللبنانيين بهذه الدونية أمام النظام السوري؟ لن نتطرق الى الجرائم التي ارتكبها هذا النظام ضد شعبه، لا الى القتل او السجن والتدمير ولا التهجير الذي ارتكبه، ولا الى الجرائم المثبتة من قبل هذا النظام ضد اللبنانيين، لا سيما تلك التي تكشفت من تفجير المسجدين في طرابلس الى ما كشفه ميشال سماحة بالصوت والصورة، وهذا غيض من فيض.

رموز الممانعة والمقاومة من السيد حسن نصرالله الى الوزير جبران باسيل والوزير السابق سليمان فرنجية، هم من أبرز من يتقدم المشهد هذه الأيام للدعوة الى الذهاب الى سورية، فيما رئيس الحكومة سعد الحريري لا يعارض هذا الانفتاح على الأقل ان لم نقل انه مؤيد له. مع التأكيد على أن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين مستمرة ولم تقطع، والتنسيق قائم على المستوى الأمني ولم يتوقف، حتى في أحلك ظروف النظام السوري.

اقرأ أيضاً: إعادة النازحين على متن الكرسي الرئاسي؟

ومن نافل القول، أن مدير عام الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم هو أحد أبرز المكلفين في هذا التنسيق وليس الوحيد. أيضاً ليس هذا جوهر الموضوع، بل ما يحزّ في النفس وما يمسّ كرامة اللبنانيين ودولتهم، هو أن عتاة المقاومة والممانعة في لبنان، من رؤساء وزعماء ووزراء ونواب ومسؤولين حزبيين، يصرّون على أن لبنان لا يستحق ان يخاطب الدولة السورية بندّية، وأنه “لا يستحق” ترجمة “الانتصارات الإلهية” التي حققها على العدوّ ولا يزال، الى حال من الاعتداد الوطني حين يتعلق الأمر بمخاطبة النظام السوري وبشار الأسد، بل دائما هناك خطاب مسيطر، تنزيه للنظام السوري من ايّ خطأ تجاه لبنان، بحرص شديد وغير مفهوم لا سياسيا ولا أخلاقيا ولا وطنياً، خطاب مقاوم وممانع يرسخ في وعي اللبنانيين وانصار الممانعة والمقاومة تحديدا، أن لبنان هو المرتكب، وأن اللبنانيين اساؤوا للنظام السوري، وهم من عليهم أن يبادروا الى الاعتذار لما ارتكبوا تجاه نظام الأسد، لذا يجب ان يذهبوا بدون شروط ولا أي مساءلة، بل صاغرين ومتمسحين على اعتاب النظام، علّه يعفو عنهم.

ما فعله حزب الله من أجل نظام الأسد، سواء، ما قدم من دماء ومن تضحيات في سبيله -وهذا ما يقرّ به السوريون انفسهم سواء كانوا من داخل النظام أو من المعارضين او المعادين له – هو رصيد لكن لمن يجيّره حزب الله للبنان أم للأسد؟ واستضافة اللاجئين السوريين في لبنان، هل هي محل شكر النظام السوري للبنان ام هي جريمة لبنانية ارتكبت بحق النظام السوري، وتتطلب استجداء النظام وطلب الغفران منه؟

اللجوء او النزوح السوري في خطاب الممانعة والمقاومة، مسؤولية لبنانية الى حدّ الجريمة وليست مسؤولية سورية بالدرجة الأولى. هذا الفريق الممانع والمقاوم، اذا أحسنّا النوايا في منطلقاته الوطنية لمساهماته في الحرب السورية، كان حريّا به ان يقول بالفم الملآن، أن مساهمتنا في انقاذ نظام الأسد لم تذهب سدى ولن. وان تقف مكوناته امام نظام الأسد كمكونات لبنانية لا كإيرانية، ويقولوا بكل اعتداد هذا ما قدمناه لك من عون انت تعرف أهميته اكثر من غيرك، فماذا ستبادل وطننا ودولتنا لبنان؟

بالطبع لن يقفوا هذه الوقفة لأن لبنان ليس الأصل، ولكن يعلم الجميع ايضاً، ان لا نظام الأسد مقتنع بما يقولون (اذا قالوا) ولا في وارد أن يتعامل بندّية، ذلك ان في الغرفة السوداء مع القيادة الإيرانية هناك سوق البيع والشراء، هناك القرار وما على المسؤولين اللبنانيين الاّ أن يلتزموا بتعليمات قائد فيلق القدس، الملتزم بفتاوى ولي الفقيه الذي يقرر هو ما عليهم فعله على هذه الأرض. أمّا لبنان أوالدولة اللبنانية، فلن يسمح له ان يكون اعلى رتبة من الدويلة بل دونها، والندّية اللبنانية تجاه سوريا هي من الكبائر، لأن تحققها يجعل من لبنان دولة فعلية، وهو ما لا ينبغي ان يتحقق في منطق الممانعة والمقاومة، هذا المنطق الذي لا ينتج الا تبعية واستلحاقاً لشعوب ودول، ودوما باسم المقاومة والانتصارات الإلهية ما فوق الكونية.

في اللقاء الذي جمع امين عام حزب الله ورئيس تيار المردة قبل يومين، تمّ التأكيد “على موقفهما المعروف بضرورة عودة العلاقات بين لبنان وسوريا الى وضعها الطبيعي”، مؤكدين “ضرورة الحوار المباشر والرسمي مع الحكومة السورية خاصة في مجالين هامين هما الاستفادة من الفرصة الكبيرة التي يتيحها إعادة افتتاح معبر البوكمال لتعزيز الصادرات اللبنانية عبر سوريا إلى العراق والعمل المشترك مع الحكومة السورية في مسألة عودة النازحين السوريين إلى بلادهم وتخفيف الأعباء الإقتصادية والإجتماعية الكبيرة على لبنان”.

اقرأ أيضاً: ..زحفاً زحفاً نحو الأسد!

كنا نتمنى أن يتضمن البيان ولو إشارة الى سوريا فيها نوع من الثقة الوطنية اللبنانية، التي تشير الى ان التضحيات اللبنانية التي قدمت في وجه المؤامرة الكونية على الأسد (اكثر من عشرة الاف ضحية قدمها اللبنانيون المقاومون دفاعا عن سوريا) لا نريد مقابلها مرفأ على الساحل السوري كما نالت ايران وكما فازت روسيا أيضا وبالكثير من الامتيازات الأخرى التي حصل عليها البلدان، بل نريد ان يبادر القائد بشار الأسد الى القيام بخطوة تجاه لبنان، تنم عن تقدير تضحيات اللبنانيين الوطنيين من المقاومة والممانعة في دعم سوريا. مبادرة واحدة تقنع بعض اللبنانيين البسطاء او من أصحاب النوايا السيئة، أن القيادة السورية وفيّة للدولة اللبنانية وليس لأزلامها في لبنان فحسب.

مقتضى الكرامة اللبنانية والشرف الوطني، ان يكون اللبناني منحازا للبنانيته في الخطاب والسلوك، فكيف اذا كان هذا اللبناني هو الحاكم بأمر لبنان، الدولة والكيان. يريد اللبنانيون ندّية مع النظام.. لا “يندى لها الجبين” اللبناني.

السابق
اجتماع ليلي بين «حزب الله» و«التقدمي الاشتراكي».. وهذا ما تم البحث فيه
التالي
جنبلاط يؤكد دعمه للحريري: كفانا حرائق متنقلة!