جعجع تعقيباً على كلام باسيل عن سوريا: على الحكومة إصدار موقف

سمير جعجع

بعد مطالبة وزير الخارجية جبران باسيل بضرورة عودة سوريا الى الجامعة العربية وحضورها للإجتماعات، شدد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع على أنه “يبدو أن البعض يسعى إلى توريطنا بمشاكل سياسية خارجية، إذ في الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب في الجامعة العربية الذي دعت إليه مصر على خلفية العملية العسكرية التركية شمال شرق سوريا، قال وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل حيث كان من المفترض أن يكون ممثلا للبنان، ألم يحن الوقت لعودة سوريا إلى أحضان الجامعة العربية؟ وهو سؤال تأكيدي أكثر منه تلميحا إلى أنه حان الوقت لتعود سوريا إلى الجامعة العربية. أولا، وزير الخارجية لا يملك الحق باتخاذ موقف بهذا الحجم من دون العودة إلى مجلس الوزراء، والأخير لم يتخذ يوما قرارا في هذا الشأن لا سلبا ولا ايجابا لذا أتمنى على الحكومة في أول اجتماع لها الذي سيعقد الإثنين إصدار موقف يؤكد أن ما قاله باسيل ينم عن موقفه الشخصي وليس موقفها كحكومة لبنانية”.

إقرأ أيضاً: جعجع من كندا يطالب بإسلحة «إيمانية»: الوضع في لبنان صعب

وسأل جعجع عن “أي سوريا يطالب باسيل؟”، مشيرا إلى أنه “عمليا يطالب بعودة بشار الأسد لا سوريا. في الوقت الحاضر لا وجود لسوريا، إنما إيران بالدرجة الأولى، وروسيا، وتركيا، وأميركا. عندما يطالب بعودة الأسد الى الجامعة العربية، على وقع تطورات الأزمة السورية حيث تجتمع إيران وتركيا أو روسيا وأميركا، أو تركيا وروسيا، ويقررون مستقبل سوريا، في ظل غياب الأسد، لأن لا ثقل فعليا له، بل للأطراف، يعني أنه يطالب بإدخال إيران وروسيا وتركيا وأميركا إلى الجامعة، وجميعها ليست عربية”.

أضاف: “باسيل على علم بعقوبات مجلس الأمن في حال التعاطي مع الأسد، بالإضافة إلى العقوبات الأميركية وتلك الخاصة بالاتحاد الأوروبي. وبالتالي، لا أحد يعلم ما يقوم به باسيل”.

كلام جعجع جاء خلال عشاء أقامه مركز وينذرور في حزب “القوات اللبنانية” في ليمنتون على شرف رئيس “القوات” وعقيلته النائب ستريدا جعجع، في حضور: النائب في البرلمان الكندي ترايسي رامزي، رئيس وجمهور دير مار شربل وينذرور الأب نهرا سيف، الأب طوني فرح والأب حنا التيار، راعي كنيسة مار أنطونيوس المارونية ليمنتون، الأب نعمة الله عيد، راعي كنيسة مار بطرس المارونية وينذرور الأب شادي قطان، رئيس وعمدة النادي اللبناني في ليمنتون جو جورج، منسق كندا ميشال قاصوف ونائبه جان شمعون، ممثل عن مؤسسة بشير الجميل توفيق الهندي، مسؤول “تيار المستقبل” في وينذرور أحمد حسين ممثلاً بالسيد غسان هارون، مسؤول حزب “الكتائب اللبنانية” في وينذرور فيصل سعادة ممثلا بالسيدة كريستيان صليبي، منسق قطاع أوناريو في حزب “الكتائب اللبنانية” كميل سعادة، رئيس قسم ميشيغان طارق ماضي، رئيس قسم شيكاغو الياس بورجاس، رئيس مركز وينذرور في حزب “القوات” جورج رعد وحشد من الفاعليات الأهلية والإجتماعية ومناصري حزب “القوات اللبنانية”.

وأشار جعجع إلى أنه “ما إن أعيد فتح معبر البوكمال الحدودي بين سوريا والعراق، حتى اندفعت بعض الأطراف ممن لا يبالي بمستقبل لبنان الدولة ووضعه بل بنظام الأسد والأمة بمفهومها الواسع، إلى المطالبة بوجوب التعاطي مع النظام السوري لترتيب دخول الشاحنات اللبنانية إلى سوريا ومنها إلى معبر البوكمال”، مطالبا جعجع “الجميع بالتروي باعتبار أن كل الاتفاقات مبرمة بين لبنان وسوريا، من ضمنها نقل البضائع، بالإضافة إلى وجود سفراء بين البلدين في حال تحتاج الأمور إلى البحث، لذا يتوجب على لبنان الاقتداء ببعض الدول التي تتعامل عبر السفراء في حال هناك ما يستلزم توضيحاً. وإذا اقتضت الحاجة للتدخل على مستوى أكبر، فهناك الخط الساخن وهو المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، يمكن اللجوء إليه باعتبار المديرية مؤسسة في الدولة”.

ورأى أن “بعض الناس تحاول استغلال الفرص لتعويم بشار الأسد، حتى ولو على حساب لبنان من ناحية العقوبات والمواقف الدولية والعربية بما يتعلق بالنظام السوري”، وقال: “يتحدث البعض عن استقواء سوريا باعتبار لبنان ضعيفا، مبررين الأمر أنه في حال لم نقم بعلاقات سياسية مع النظام ينتقم الأخير منا ويوقف عمل الشاحنات اللبنانية إلى سوريا، لكن هؤلاء لا يستطيعون التصرف حيال الأمر من خلال المعاملة بالمثل عبر وقف عمل الشاحنات السورية إلى لبنان، معطيا مثالا على ذلك قصة الدجاجة والنمس”.

وسأل: “من يحتاج إلى الآخر، نحن أم النظام؟ هل يرسل إلينا المساعدات بالأطنان؟”. لا أفهم سبب هذه الطريقة بالتعاطي مع الأسد لكنها نية البعض الذين يصطادون الحجج لفتح طريق مع الأسد لتقوية أوضاعهم السياسية الداخلية انطلاقا من ضعفهم الشعبي في الوقت الحاضر”.

أما على صعيد الوضع الداخلي اللبناني، أكد جعجع أن “الوضع في لبنان صعب جدا، وتحدثنا عن دوركم لإنقاذه. وبالإضافة إلى هذا الوضع، وعوض عن انكباب المسؤولين على البحث عن حلول لتجنيب البلد صعوبات أكبر، للأسف يعملون على رفع المسؤولية عن أنفسهم وكأن الوضع الذي وصلنا إليه وليد نفسه. بعض المسؤولين يتحدثون عن الأسباب المعيشية والمالية والاقتصادية التي وصلنا إليها على أن لا دخل لهم بها، وهي نتيجة عقود من الممارسات الاقتصادية والمالية السيئة”.

أضاف: “إن الترسبات موجودة في كل دول العالم جراء السياسات السابقة، لكن كل مسؤول جديد عليه أن يراقب ويعمل جاهدا لتحسين هذه الترسبات والأوضاع، ولا يأتي للقول إنه لا دخل له بما يحصل وأنها نتيجة السابقين. وهذا ما يجري في لبنان اليوم”.

واعتبر جعجع أن “الممارسات ذاتها، في هذه الأعوام الثلاثة الماضية، لا تزال كما هي اليوم، بل في بعض الأوقات أسوأ، إن من الناحية الزبائنية، أو على صعيد إدارة الدولة كمزرعة، أو من ناحية الصفقات وعدم وجود خطط، وكهرباء، ومياه، وطرقات، وبالتالي، يتوجب على المسؤولين الذين يضيعون وقتهم في تبرير أنفسهم، بأن ما يحصل هو نتيجة الرؤساء والحكومات والأجيال السابقة، التركيز، والمبادرة إلى التحسين”.

وكان قد استهل جعجع كلمته بالإشارة إلى أننا “تأكدنا من شعار قوات إلى أقاصي الأرض عندما جئنا إلى كندا، “ومش هينة تكون قوات”، شاكراً “باسم زوجتي النائب ستريدا جعجع وباسمي لا على حضوركم فقط بل على العاطفة واللقاء اللذين غمرتمونا بهما، متمنيا أن تبقوا كذلك تجاه لبنان”.

ورحب جعجع بالحضور “وبكل من جاء إلى هنا قاطعا مسافات طويلة أو قصيرة ليكون هنا معنا. وأرحب برجال الدين الموجودين بيننا والوجهاء والأصدقاء والحلفاء الذين نختلف معهم أحيانا ونتفق معهم أحيانا أخرى وهم كل من حزب الكتائب اللبنانية وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي حتى ولو أنهم ليسوا موجودين معنا اليوم”.

وتوجه جعجع إلى أهالي منطقة بشري، مستأذنا الحاضرين من زحلة، وعين الرمانة، والبقاعين الغربي والشرقي، وجميع المناطق اللبنانية، قائلا: “هذه هي القوات وهكذا ستبقى. وما الحب إلا للحبيب الأول، لذلك سأسمح لنفسي بالتوجه في الحديث الى أهالي منطقتي بشري، وهو يصح على جميع المناطق اللبنانية، خصوصا الشمالية، زغرتا، والكورة، والبترون، وعكار، والضنية وغيرها. أنتم بالذات تقع على عاتقكم مسؤولية أكثر من غيركم لأنكم أحفاد المقدمين والفرسان والمقاومين في التاريخ، لهذا السبب بقيت منطقتنا حرة لأن أهلها لم يرضوا إلا أن يتشبثوا بمعتقداتهم وايمانهم ومبادئهم وحريتهم. من هذا المنطلق، انتقلت البطريركية المارونية إلى وادي قنوبين بعدما كانت تتراوح بين جبيل والبترون. المسؤولية الملقاة على أكتافكم لأنكم جئتم من منطقة تحمل هذا الكم من التراث والزخم الروحي. يكفي وادي قنوبين وهو تاريخ في الروحانية، تحديدا المسيحية المارونية، ويكفي أن لدى هذه المنطقة أكبر القديسين وهو القديس شربل من بقاعكفرا”.

أضاف: “عليكم مسؤولية لأنكم تنتمون إلى منطقة تحتضن أكبر المفكرين والفلاسفة وهو جبران خليل جبران. أنتم لا تحملون على كاهلكم تاريخا وتراثا فقط، اذ في الوقت الحاضر أصبحت منطقة بشري قبلة أنظار كل اللبنانيين لأنه منذ أن تسملت القوات المسؤولية في المنطقة أحدثت انقلابا شاملا على جميع الأصعدة. اليوم إذا أردنا التحدث عن جمهورية قوية في لبنان نتحدث عن منطقة بشري التي تتمتع بالنظام والقانون المتبعين في المنطقة. في الوقت عينه، شهدت المنطقة في السنوات العشر الأخيرة فورة إنمائية استثنائية لم تشهدها أي منطقة أخرى، ان على صعيد البنى التحتية أو في ما يتعلق بتقديم المنطقة للعالم، خصوصا من خلال مهرجانات الأرز الدولية التي استؤنفت منذ خمس سنوات، وتمكنت من تبوؤ الصدارة بين جميع المهرجانات اللبنانية القيمة. وذلك بفضل القوات اللبنانية، ونائبي المنطقة وهما حاليا النائبان ستريدا جعجع وجوزيف اسحق”.

وتابع جعجع: “كل هذا التراث والفكر والقداسة والوضع الحالي للمنطقة يضع على أكتافكم مسؤولية كبيرة”، مفندا كيفية تحمل هذه المسؤولية. “أولا، تخونون أنفسكم إن لم يتابع كل منكم أينما وجد وحيث هو ما يحصل في منطقته. قرية كل فرد منكم هي والدته ووالده وعائلته وأسلافه وجدوده الذين تعبوا كثيرا ليورثونا هذه القرية والأرض، لا يمكننا تركها لمجرد أن الظروف ضاقت بنا. تغربتم قسرا لكن ذلك لا يعني ألا نعتني ونلاحق ما يجري مع أهلنا وأجدادنا والأجيال السابقة الذين تعبوا في هذه الأرض لنتمكن من الوصول إلى ما نحن عليه اليوم”.

وطالب جعجع أهالي بشري “بأن تقفوا مع الحق، ما يعني أننا سنكون إلى جانب كل من يعمل لمصلحة المنطقة، وسنخالف كل من يسيء إليها في منطقة بشري. الانسان من دون موقف لا قيمة له. وبعد المتابعة والوقوف الى جانب الحق، يتوجب عليكم التنفيذ والتصرف، وأنتم تحديدا هنا، من خلال تسجيل أبنائكم، اذ من غير المقبول أن يكون أولادكم، إن من طرزا، أو حصرون، أو برقاشة، وحدشيت، وبقاعكفرا، وبقرحالون، وبلة، وقنات، وبزعون، أو من أي منطقة، ألا يسجل أولادكم، نرفض أن يكون الجيل الأول الذي جاء إلى هنا فقط لبنانيا وبقية الأجيال غير لبنانية. اضطررتم أن تهاجروا لكن ذلك لا يسمح لكم بالتخلي عن لبنانيتكم، لأنكم بذلك تخونون أنفسكم وأهلكم وأجدادكم الذين تعبوا في هذه الأرض ولا يجب التخلي عنها بهذه السهولة. عليكم التضحية والذهاب الى لبنان لتحضير الوثائق اللازمة لتأمين هويات لهم وجوازات سفر لبنانية، قد لا يعودون الى لبنان لكن يجب تسجيلهم، نحن بأمس الحاجة لكل فرد منكم ومن أبنائكم وأحفادكم، أن يسجلوا في لبنان”.

وأردف: “يمكننا اعتبار الانتخابات النيابية العام 2022 تجربة، اذ لم يكن لدينا الثقة بأنه يمكنكم الاقتراع هنا، وحصل لغط حول هذا الأمر. اليوم، جميعكم تأكدتم من إمكانية التصويت، وبالتالي يتوجب على كل فرد منا، ومنذ هذه اللحظة، أن يحضر الأوراق اللازمة وحين تفتح مهلة التسجيل يكون جاهزا. ومن يريد الذهاب الى لبنان للاقتراع فليفعل، وهو بذلك يزور منزله وأهله وناسه ويصوت في الوقت عينه. ومن لا يستطيع الذهاب الى لبنان عليه أن يسجل اسمه ويقترع في المكان الموجود فيه أو الأقرب اليه. ويجب أن تضعوا أصواتكم في الصناديق لأنكم بذلك ترفعون شأن وطنكم”.

وأشار جعجع إلى أنه “لا يمكننا لوم اللبنانيين في الداخل لأنهم يرزحون تحت مئات الأزمات، وأحيانا تحت الترهيب والترغيب. أنتم هنا لا تخضعون لكل ذلك، ولستم بحاجة إلى خدمات أحد، لذلك أنتم أكثر من يمكنه إعطاء صوت حر، تعودنا في لبنان على الكلام وفي نهاية اليوم يعود كل واحد إلى منزله من دون اتخاذ أي اجراء. وهذا ما نريد تغييره من خلالكم، جل ما نطلبه التسجيل، وتجهيز أوراقكم حتى يحين وقت الانتخابات، ويصوت كل واحد منكم تبعا لضميره. نحن نطرح لكن في نهاية المطاف، تملكون كامل الحرية للاختيار، وإذا وجدتم أن هناك من هو أفضل لا مشكلة لدينا لكن صوتوا، لأنكم بهذه الطريقة، ومن حيث أنتم، ومن دون جهد كبير، تساهمون ببناء وطنكم”.

ولفت إلى أنكم “تشتكون مما آلت إليه الأوضاع في لبنان لكن يمكننا من هنا التصرف، على الرغم من كل مشاكل هذا البلد، أؤكد لكم أنه من خلال صوتكم يمكنكم تغيير الوضع الحالي، من صفر إلى مئة. صوتنا سابقا وهذه النتيجة، لكن إذا صوتنا بشكل آخر ستختلف النتيجة تماما. المطلوب منكم متابعة أعمال كل فريق في لبنان، لأن السياسيين شطار في الكلام، يتحدثون اليوم عن مكافحة الفساد ويريدون القيام بأمور كثيرة من أجل البلد. وعندما تستمع إليهم تتساءل عن هوية الفاسد، اذ يتهيأ لك أنه قد يكون من ألاسكا أو من بلد آخر. لذا عليكم متابعة الأحداث، وصوتوا لمن تريدون، وبذلك تقومون بواجبكم على أفضل ما يكون، وتكونون أمينيين على تاريخكم وأجدادكم”.

وتوجه في الختام إلى الحضور قائلا: “أنتم أولاد الأرز ولا يمكنكم إلا أن تكونوا أولاد الأرز”، مذكرا إياهم بشهداء المنطقة، مشيرا إلى كل من “الشهيد طوني وردان من منطقة حدشيت، والشهيد دانيال القبوط من برقاشة، والشهيد فوزي الشويفاتي من بلة، هؤلاء الشهداء إلى جانب آلاف الشهداء الذين استشهدوا على طريق القضية وضحوا بحياتهم من أجلها. لذلك أطلب منكم عدم الاستسهال في التوجه إلى القنصليات والسفارات لتسجيل أنفسكم وأولادكم من أجل القضية، على أمل أن يغير صوتكم الوضع في لبنان ويضع القضية اللبنانية حيث يجب أن تكون عوض عن بقائها في الوحل كما هي في الوقت الحاضر، وعلى أمل الملتقى. عاشت الجالية اللبنانية في كندا، عاشت القوات اللبنانية ليحيا لبنان”.

السابق
طهران-الرياض: وساطات متلاحقة
التالي
الفيلم المغربي «رُحل» يفوز بجوائز مهرجان الإسكندرية السينمائي