لبنان يوشك على الانعزال عن أسواق الائتمان العالمية

دولارات

يبدو أن إعطاء الحكومة اللبنانية “المسكّنات” للأزمات المستعرة في البلد لن تجدي نفعاً، وعلى الرغم من الإيحاء أن أزمة شح الدولار في الأسواق  في طريقها إلى المعالجة ولو “بالتقنين” على مستوى السيولة، بحيث يظهر جلياً الارتكاب الفاضح بين أركان السلطة الحاكمة التي لا تريد إخبار اللبنانيين بما آلت إليه الأمور من فجاعة وويلات على جميع الأصعدة، حيث كشفت وكالة “بلومبيرغ” الأميركية أنّ لبنان الذي يوشك على الانعزال عن أسواق الائتمان العالمية ويعاني شحاً في الدولار توصل إلى طريقة جديدة للالتفاف حول الأزمة، إذ سيتيح للحكومة الاقتراض من دون اللجوء إلى احتياطي المصرف المركزي.

وفي التفاصيل أنّ المقرضين المحليين سيصرفون شهادات الإيداع بالدولار لدى المصرف المركزي لشراء جزء من إصدارات اليوروبوند التي ينوي لبنان طرحها بقيمة تصل إلى 3 مليارات دولار، بحسب ما نقلت الوكالة عن مصدر مطلع.

اقرأ أيضاً: منتجو الباطون: التزام تسديد الفواتير وفق جدول تركيب أسعار المحروقات

وأوضحت الوكالة، نقلاً عن المصدر نفسه، قوله إنّ “المركزي” سيشترك في بيع السندات، من دون أن يوفّر التمويل بشكل مباشر، على أن تُستخدم أموال المصارف المحلية لسداد جزء من السندات المقدرة قيمتها بـ1.5 مليار دولار والمستحقة في تشرين الثاني المقبل.

وفي تعليقها، رأت الوكالة أنّ هذه العملية تشتري الوقت للبنان لإيجاد مصادر تمويل جديدة، مستدركةً بأنّها تظهر في الوقت نفسه درجة المحدودية التي بلغتها خياراته.

في هذا الصدد، بيّنت الوكالة أنّ محاولات لبنان تأمين دعم مالي من الحلفاء الخليجيين باءت بالفشل حتى الآن، مضيفةً بأنّ وضع موارد لبنان المالية يزداد خطورة، في ظل الصعوبات التي تواجهها بيروت لجذب الودائع المصرفية.

الوكالة التي تطرّقت إلى أزمة الدولار، وضعت العملية الأخيرة في خانة الجهود الرامية إلى تحويل كلفة تمويل الحكومة من “المركزي” إلى وزارة المالية، في وقت تشح فيه العملات الصعبة المتدفقة إلى البلاد.

وفي هذا الإطار، ذكّرت الوكالة بحديث حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، مطلع الأسبوع الجاري في الإمارات، مشيرةً إلى أنّه أكدّ أنّ وزارة المالية اختارت 4 مصارف لتسويق هذا الإصدار”، بعدما سمح “المركزي” بتحويل شهادات الإيداع بالدولار إلى يوروبوند.

ولفتت الوكالة إلى أنّ سلامة قال إنّ معدل الفائدة سيقل عن 14%، وهي نسبة أقل من فوائد السوق الراهنة ولكن يجوز مقارنتها بها، بحسب ما كتبت. وأضافت الوكالة بأنّ متوسط العوائد المسجلة على السندات الدولارية تضاعف تقريباً منذ شباط الفائت ليقل عن 16%، أي أنّها دخلت منطقة الخطر؛ سبق لـ”بلومبيرغ” أنّ حذّرت في تقرير سابق من أنّه في حال أصدر لبنان ما يصل إلى ملياري دولار من اليوروبوند، فسيكون هذا أعلى إصدار من العملات الأجنبية من حيث العوائد المسجلة على السندات السيادية في التاريخ.

وفي تحليلها، تحدّثت الوكالة عن أدوات “الهندسة المالية” المعتمدة منذ 3 سنوات، مؤكدة أنّ هذه ليست المرة الأولى التي يُضطر فيها “المركزي” إلى “الابتكار”، وموضحةً أنّه يتُوقع أن تؤدي الخطوة التي كشفت عنها إلى زيادة إجمالي احتياطي العملات الأجنبية في “المركزي”.

في المقابل، حذّرت الوكالة من أنّ وضع احتياطي لبنان الصالح للاستعمال “لا يبدو سليماً جداً”، مشيرةً إلى أنّ وكالة “ستاندرد أند بورز” توقعت انخفاض الاحتياطي ليبلغ 19.2 مليار دولار بحلول نهاية العام 2019، بعدما قُدر بـ25.5 مليار دولار العام الفائت، ومنبهةً من أنّ تسارع وتيرة السحب من الاحتياطي واستمرار انخفاض تدفقات ودائع العملاء، استدعى الإنتباه إلى وجود خطر على “قدرة البلاد على الحفاظ على ربط العملة بالدولار”.

الوكالة التي ذكّرت بسداد لبنان سندات مستحقة تعدّت قيمته الـ3 مليار دولار هذا العام وبحديث سلامة عن استعداد لبنان لسندات دولية بقيمة 1.5 مليار دولار وبتعميم “المركزي” لتسهيل الحصول على الدولار لمستوردي الوقود والقمح والأدوية، حذّرت من ضغوط جديدة على صافي احتياطي “المركزي”.

من جهته، حذّر كبير الخبراء الاقتصاديين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مصرف “غولدمان ساكس”، فاوق سوسة، من أنّ “وصول (لبنان) إلى أسواق الرساميل العالمية بات محدوداً واضطر “مصرف لبنان المركزي” إلى التدخل لتمويل الأوراق المالية المستردة مؤخراً من احتياطي العملات الأجنبية”، مرجحاً “زيادة الضغوط على احتياطي العملات الأجنبية والسيولة”.

السابق
على خلفية التظاهرات.. السلطات تلاحق ناشطين عراقيين
التالي
«إعلاميون» يدينون إعتقال تركيا لمراسل العربية في سوريا