هكذا بدا العراق في عيون لبنانية

علم العراق

يتشابه الوضع اللبناني مع العراقي لناحية الفساد المستشري ولكن لبنان “ثقيل الهمة”، يشاهد العراق المنتفض فقط. يحاول أن يفهم ما يحصل، ليجري مقارنة بين مأزقين، بين أملين، وبين مصيرين.

إقرأ أيضاً: تجارة الجنس في العراق.. اليكم ما يجري

كلاهما يذهب إلى صناديق الاقتراع “غير المطابقة للآمال”. كلاهما يواجه “وضعا دقيقا”. كلاهما حائر بمفاهيم افتراضية للوطنية وللعمالة. كلاهما يعاني الشح والحرمان والبطالة والفقر. كلاهما يرى صور قاسم سليماني، وهو يقود “الانتصارات الإلهية”، مع “حزب الله” هنا و”الحشد الشعبي” هناك، ضد “الأعداء الشيطانيين”، الذين وإن احتفلنا بالانتصار عليهم، فإنهم يستمرون أشباحا للاستغلال “الأبدي”.

العراقيون، بعزمهم، قادرون أن يصنعوا أمّة
كلاهما يرى الفاسدين متسيّدين، وفي أبراجهم العاجية محميين. كلاهما تائه بين الساعين إلى إصلاح بالحناجر وبين المتشدقين بإصلاح بالنيات. وكلاهما مدرك أنه محكوم بالدخول في نفق لا يخرج منه أحد حيّا إلا بمعجزة.

ولكن لماذا شعب لبنان يبدو خمولا، ثقيل الهمّة، غارقا في الثرثرة، وعاجزا عن النهوض، في حين ينتفض العراقيون، بين فترة وفترة، ويرفعون الصوت عاليا، ويستقطبون اهتمام العالم إلى معاناتهم واستغلالهم وبطالتهم وفقرهم وجوعهم؟

ولماذا “الإيرانية” عند شيعة العراق ليست عروبة وليست مرجعية مقدسة، وتاليا فهي قابلة للنقد والمعارضة والرفض والطرد؟

هل أن إشكالية “الخمول” اللبناني تكمن في أن “الوكيل الإيراني” المتمثل بـ”حزب الله” أعنف من الحرمان وموجع أكثر من الفقر وأكثر بطشا من البطالة، ومانع للتعددية المنتجة للجرأة الميدانية؟

أم أن الاحترافية في سحب الناس من المواطنية إلى الطائفية، تفرض قواعدها، بحيث تصبح “الإيرانية” في خدمة “الشيعة” حتى لا تغلبها “السعودية” التي يفترض نظريا أنها في خدمة “السنة”، كما كان قد افترض يوما أن “الفرنسية” في خدمة “الموارنة”؟

وهل يعني ذلك أن الحرص على “التفوّق الطائفي” في لبنان يتقدّم على بناء المستقبل وطرد الجوع وقهر الحرمان، وتاليا يمكن أن ينام الموارنة على أنين بطونهم لئلا يضعف “قويهم”، ويحمل الشيعة جراحهم لئلا يتزعزع “سيّدهم”، ويصمت السنة على مآسيهم لئلا يندثر “زعيمهم”، و…هكذا دواليك بالنسبة لكل ما بقي في مزهرية الطوائف في لبنان؟

العراقيون، بغالبية شيعية حاسمة، ينتفضون على “الإيرانية”، وهم يرون عن كثب ويلاتها المباشرة عليهم.

اللبنانيون يراقبونهم بكثير من “الإعجاب” عند فريق، وبكثير من “التعجب” عند فريق آخر.

“المعجبون” يحلمون أن تنتقل العدوى إلى لبنانهم، و”المتعجبون” يخشون ذلك.

والغريب أن “المعجب” و”المتعجب” كلاهما مهدّد بمستقبل وطنه وبلقمة عيشه وبشبح الانهيار.

لماذا شعب لبنان يبدو خمولا، ثقيل الهمّة، عاجزا عن النهوض، في حين ينتفض العراقيون
ولكنّ الفريقين لا يتطلعان إلى ما يحصل في العراق من منطلق اجتماعي وحياتي ووطني بل من منطلق سياسي بحت. الجوع ليس عدوهم بل العضلات السياسية المهيمنة.

ولعله في هذه النقطة بالذات يكمن الفارق الكبير بين شعب “همّته ثقيلة” وبين آخر قادر أن ينتفض وأن يثور وأن يحاول استنقاذ ذاته.

وبهذا المعنى، وحتى إشعار آخر، مبروك لقاسم سليماني “انتصاراته المستمرة”، بدم أبناء لبنان، منذ حزيران 2006 حتى اليوم، ومبروك للعراقيين همّتهم، سواء انتصرت انتفاضتهم هذه المرة، أم انتكست مرة جديدة، كما يتوقع كثيرون.

العراقيون، بعزمهم، قادرون أن يصنعوا أمّة. اللبنانيون، بثقل همّتهم، طموحهم، هو أن تعود فتتعافى… المزرعة!

السابق
تجارة الجنس في العراق.. اليكم ما يجري
التالي
إعتقال صحافية روسية في إيران.. تتجسس لصالح إسرائيل!