رغبات ومشاعر…

التفتيش المركزي
رغبة تجتاحني، فكرة تتملكني، شعور لا يفارقني، نيّة تدفعني، ثأر يحركني، لا بدّ ان اركض واركض بقوة في اتجاه الزعيم الذي جعلني مسخرة بين الشعوب والاوطان والأمم، لأركل رأسه بقدمي، ولأهرب من بعدها من مرافقيه ومن حراسه ومن جلادي عصابة حزبه وتياره وتنظيمه ومن منظمي حفلات اعراس بنيه واعراس ابناء ضباط الامن، مانعي الشغبِِ.

أكبت أحاسيسي، أضبط تهوّري، أمنع بعنف انطلاقة عدوانيتي، لا بدّ لي أن أتحرك من مكاني، أن أغادر الصفّ الذي أقف فيه منتظراً دوري وأن اركض واركض بقوة لألكم وجه حاكم المصرف الذي يتصرف بأموال الناس، لألكمه بيدي  ولأهرب من موظفيه ومن حراس عرس نجله المختلف عن اعراس ابناء الحيّ في مدينتي وعن اعراس ابناء بلدتي.
أسبّح ربي، أحمده، استغفره بأدب، أهذّب أخلاقي،اساير لوعتي، اواسي حزني، لا بدّ لي ان اركض واركض بقوة لأشدّ الواعظ بالدين والمرشد للطائفة، الحامي اتباعه اللصوص من الخضوع للقوانين والعقاب، لأشدّه  من لحيته لأسقطه ارضاً من الألم ولأهرب من المؤمنين ومن المتدينين ومن المواطنين ومن الملحدين ومن كل المرضى النفسيين ومن سيارات موكبه التي لن تحميه من القدر مهما ارتفع الدعاء.

اقرأ أيضاً: جلسات الموازنة تتواصل .. الأوراق الاصلاحية تسقط بالجملة

اتدرب على تخفيف حدّة انفعالاتي، أمارس كل انواع الرياضة لأفرّغ احتقان غضبي، لا بدّ لي أن أقوم من مقعدي في صالة الندوة وأن اركض وأركض بقوة من خلف مدير التفتيش المركزي ومن خلف مدير ديوان المحاسبة ومن خلف كبير القضاة وأن أصفعهم الواحد بعد الآخر على رقابهم من الخلف ولأهرب بأتجاه السجن بإرادتي ولأقفل باب الزنزانة بيدي ولأجلس في العتمة لوحدي  في انتظار من يأتي ليفك قيدي، أنا اليائس من بطولاتي، أنا المخصي بين البشر، انا الحامل نعشي على كتفي باحثا لنفسي عن حفرة لا تليق بجسدي ولا تناسب افكاري ولا تسع حبي لوطني، عن حفرة ليس لها قعر، أبقى ساقطاً فيها الى الأبد، أنا الصابر على خمولي، أنا المتعب من غبائي، أنا الجبان، أنا التعيس، انا الممنوع عن رغباتي العاطفية المقموعة، انا الشعب، أنا شعبي…..

* طبيب نفسي

السابق
السيد محمد حسن الأمين: الإسلام جاء ليحرر الدين من الدين
التالي
الصحافة السورية: برنامج بليق لا يليق بنا!