يبدو ان هذا الضابط برتبة عميد واثق الخطوة يمشي ملكا في ردهات المطار وبين المكاتب الأمنية، رجل المخابرات لا تحول الحواجز حتى في أروقة مطار رفيق الحريري الدولي، دون تنقله السلس المرفق بتحيات من هم دونه رتبة في السلك، ليس هذا فحسب فالرجل كان تلقى تكليفاً، بحسب معلومات موثوقة، من وزير الخارجية اللبنانية بهذه المهمة، بل من صهر رئيس البلاد، ومن ينال شرف هذا التكليف، يصبح الاستئذان من قيادته في الجيش من قبيل لزوم ما لا يلزم، أو تهوين من شأن التكليف الذي لا راد له بظن الظابط الذي يدرك أن صاحب التكليف بيده الحل والربط.
باختصار تجاوز الضابط قيادة الجيش، لذا هو رهن التحقيق كما أعلن من قبل المؤسسة العسكرية. ولعل هذا ما جعل المؤسسة العسكرية ولا سيما في الجهاز الذي يتولى فيه موقعا متقدماً في الجنوب، في حال من الارباك، بل الاستياء الذي نتج عن مظهر من مظاهر التهاون والاختراق السياسي للمؤسسة العسكرية، ذلك أن الضرر الذي يطال المؤسسة العسكرية من الصعب معالجته والتخلص من اثاره، بخلاف رجل السياسة الذي يستطيع أن يتعامل مع الأضرار إلى حد تحويلها إلى مكسب.
اقرأ أيضاً: قضية العميل فاخوري تتفاعل.. وكرة الدعاوى تتدحرج
القصة ليست شخص الفاخوري المحكوم وجرم ضابط تجاوز قيادته العسكرية، بل الحكاية هي في أذن الجرة التي تمثل لبنان الدولة، فثمة من يقول للبنانيين كل يوم، أنا القانون وانا القرار وانا الدولة، وأنا من يضع أذن الجرة أو مقوَد الدولة.
من حسن حظ اللبنانيين أن الجيش لم يزل مؤسسة، وعلى رأسه قيادة لم تحد عن لبنانية يتطلع كل اللبنانيين اليها، وعلى رغم الأذى الذي طال المؤسسة العسكرية من سلوك ظابط وقع ضحية الاستتباع السياسي، فإن نظام المؤسسة وانضباطيتها، وقواعد الاثابة والعقاب كفيلة بإعادة الأمور إلى نصابها الذي اهتز جراء نزوة ضابط واستعلاء سياسي “مدلل”.