هل أطلقتْ «الإغارة على الضاحية» معركة صواريخ «حزب الله» الدقيقة؟

مدفع "غوستاف" الثقيل وصاروخ من صواريخه.

لم تغادر بيروت دائرةَ «الأعصابِ المشدودةِ» إلى الحَدَث الذي دَهَمها «في غفلةٍ» من الأجندةِ الداخليةِ لـ«السلطات المحلية الرسمية» وأشاع مَخاوِفَ من أن يكون «أول غيثِ» الترجمة «المتفجّرة» لواقع «الأوعيةِ المتّصلةِ» بين لبنان و«قوس النار» في المنطقة الذي ترتبط البلاد بأخطر «حلقاته» المتمثّلة بالمواجهة بين الولايات المتحدة واسرائيل وبين إيران وأذرعها وفي مقدّمها «حزب الله».

ففي اليوم الخامس على «عمليةِ المُسيَّرتيْن» الاسرائيليتين في قلْب الضاحية الجنوبية ضدّ «هدفٍ حيوي» لـ«حزب الله» بعيد الإغارة على عقربا السورية وما تخلّلها مِن مقتل اثنيْن من عناصره، تستمرّ «حربُ الأعصاب» في أوجها بين الطرفين اللذين يتبادلان «الرسائل النفسية» تحت عنوان «الردّ الآن وربما غداً» الذي يرفعه الحزب من موقع «المعتدى عليه» في عقر داره.

اقرأ أيضاً: إسرائيل تخترق الدائرة الضيّقة لحزب الله اللبناني

وفي موازاة حرْص لبنان الرسمي، الذي وفّر الغطاء لردّ «حزب الله» الحتمي راسِماً استراتيجية دفاعٍ غير مسبوقة عن الحزب كـ«جِسْمٍ مُقَرِّر» في الحرب والسلم، على محاولةِ «هنْدسةِ» ضماناتٍ دوليةٍ بأن تكتفي تل أبيب بـ«تَلقّي الردّ» فيكون «تعادُل الضربة بضربة»، برزتْ في الساعات الماضية اندفاعةٌ من اسرائيل تُلاقي التقارير التي تتحدّث عن تحذيرات تبلّغها لبنان من مغبّة سوء تقدير ردّ فعلها حيال «انتقام» الحزب، وهو ما تَرافَقَ مع اعترافها المباشر وعبر تسريبات في صحافتها وإعلام غربي بـ«عملية الضاحية» و «هدفها الذي أصيب» المرتبط بتطوير الصواريخ الدقيقة وآلية التنفيذ.

وبدا من خلال الإقرار الإسرائيلي باستهداف مشروع الصواريخ الدقيقة لـ«حزب الله» في لبنان، أنها أطلقتْ علناً مساراً جديداً تتولى فيه «المواجهة بنفسها» بعدما كانت وجّهتْ سلسلة من الإنذارات الى لبنان الرسمي عبر الأميركيين والفرنسيين كان آخرها ما كُشف عن ان ديفيد ساترفيلد أثار قضية الصواريخ الدقيقة في معرض زياراته التمهيدية لإطلاق مفاوضات في شان النزاع الحدودي البحري والبري بين لبنان واسرائيل، وهو الأمر الذي يفسر وصْف الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله ما حصل في الضاحية بأنه «خطير جداً جداً جداً»، ويجعل الردّ «الموعود» أبعد من مجرّد إعادة العمل بقواعد الاشتباك المعهودة بل أقرب إلى قطْع الطريق على بدء استهداف «السلاح الاستراتيجي» للحزب.

وأعقبتْ الاندفاعة الاسرائيلية ما نقلْته «رويترز» عن مصدر أمني «إقليمي» من أن «رسالة إسرائيل إلى حزب الله كبيرة وهي: استمِرّوا في التصنيع وسنستمرّ في ضربكم»، قبل ان يجيب لدى سؤاله عما سيحدث إذا عَمَدَ «حزب الله» إلى التصعيد بعد الردّ: «أتصوّر أن إسرائيل ستصعّد بعد ذلك ضرباتها وستقضي على هذه القدرة تماماً. تفاصيل هذه المواقع معروفة. الكرة في ملعب حزب الله».

ورغم «صمود» الاقتناعِ لدى أوساط عدة بأن لا اسرائيل ولا «حزب الله» ومن خلفه إيران يرغبان في تفجير «حرب يا قاتل يا مقتول»، إلا أنه لم يكن ممكناً الجزم، بحسب مصادر متابعة في بيروت، بما إذا كانت هذه التسربياتُ هي من ضمن محاولةِ تل أبيب إحداث «تَوازُن ردْع» لدفْع «حزب الله» إلى ردّ «مدوْزن» لا «يُجْبِرُها» على «التعقيب»، أم أنّها ولا سيما في الشقّ المتّصل بكيفية التنفيذ تنطوي على «استفزازٍ» للحزب لجرّه إلى «ضربة خارج الصحن» المحسوب تترتّب عليها «سيناريوات جاهزة»، وسط توقّف هذه الأوساط عند التطور «الحمّال أوجه» الذي شكّله إغلاق الجيش الاسرائيلي المجال الجوي أمام الطائرات المدنية لمسافة ستة كيلومترات من الحدود مع لبنان، الأمر الذي اعتُبر في إطار إعطاء إشارة بأن الباب مفتوح أمام فرضيات مختلفة «للردّ على الردّ» لا تقتصر على البرّ.

وكان لافتاً في سياق متصل، مضي اسرائيل في استراتيجية «الاختفاء» عن الخطّ الحدودي عبر الامتناع عن أي حركةِ عسكرية راجلة ولا مؤللة وصولاً إلى تفادي سحْب آلية عسكرية متوقفة منذ ثلاثة ايام، رُجِّح انها معطلة، أسفل موقع المطلّة مقابل بلدة كفركلا، وسط إشارة «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية الرسمية إلى «أن قوات العدو استقدمت دمية على شكل انسان ووضعتْها داخل الآلية العسكرية للتضليل».

في المقابل، بقي «حزب الله» على استراتيجية «ترْك العدو في أعلى درجات الاستنفار» رافِعاً منسوبَ لعبة «حرْق الأعصاب» على وقع تقديراتٍ لا يمكن الاعتدادُ بها حول «توقيت الردّ» ولا حتى جغرافيته، في ظلّ اعتبار المصادر المتابعة أن البقعة التي ستكون مسرح الردّ هي أحد العناصر التي تحدّد إذا كان الاسرائيلي يمكن أن «يبلع» الضربةَ أم لا، فإذا كانت في مزارع شبعا المحتلة أو داخل الأراضي اللبنانية (ضد هدف اسرائيلي) فإن «تمريرها» يصبح أسهل ولو أسفرت عن سقوط عدد قليل من القتلى، وإن كان ليس محسوماً أن ذلك (بالنسبة الى «حزب الله») سيشكل رادعاً كافياً يعيد العمل بقواعد الاشتباك وفق السائد منذ 2006.

وإذ استوقف هذه المصادر تقاطُع التسريبات بعد ظهر أمس عن مداهمات ينفّذها «حزب الله» في الضاحية وتوقيفات يقوم بها على خلفية «عملية المسيرَّتين»، ما اعتُبر مؤشراً إلى «خرْقٍ مُحْتَمَلٍ» في بيئته ساعد على العملية، فإنّ إطلاقَ الجيش اللبناني مساء الأربعاء النار على طائرة استطلاع اسرائيلية مُسَيّرة من دون طيّار خرقتْ الأجواء اللبنانية فوق أحد مراكزه عند نقطة العديسة الحدودية شكّل تطوراً بالغ الدلالات وإن كان ليس مؤثّراً في مسار قرار «حزب الله» بالردّ على اسرائيل.

السابق
إعلامي ينشر قصة خطيرة.. «محسوبكن ضحية الـvalet parking»!
التالي
الجيش الإسرائيلي يصعد الحرب النفسية ضد «حزب الله»