بعد سماعه المواقف الأميركية، أعلن الحريري عن ملامح التعاطي الأميركي المقبل، وأطلق مواقفاً تتعلق بعدة ملفات، لا سيما مسألة بترسيم الحدود، وتطبيق القرارات الدولية، كالقرار 1701 ودعوته للالتزام التام به بهدف تسيير عمليات التنقيب عن النفط، وغيرها من القضايا. وبعد طرح الجانب الأميركي ملف الاستراتيجية الدفاعية مع الحريري، أتى رد عون سريعاً الذي اعتبر أن هناك تغييراً في مناطق النفوذ ومواقعه، وفي الظروف والمرتكزات التي كانت تدفعه إلى الدعوة إلى طاولة حوار تبحث في الاستراتيجية الدفاعية.
ردود الأفعال التي تلت كلام الرئيس عون، استدعت صدور توضيح عن القصر الجمهوري حول ما قاله، حيث اعتبر البيان التوضيحي أنه كان توصيفاً للواقع الذي استجد بعد عشر سنوات على طرح هذا الموضوع، خلال جلسات مؤتمر الحوار الوطني، لاسيما التطورات العسكرية التي شهدها الجوار اللبناني خلال الأعوام الماضية والتي تفرض مقاربة جديدة لموضوع الاستراتيجية الدفاعية، تأخذ في الاعتبار هذه التطورات، خصوصاً بعد دخول دول كبرى وتنظيمات إرهابية في الحروب التي شهدتها دول عدة مجاورة للبنان، ما أحدث تغييرات في الأهداف والاستراتيجيات لا بد من أخذها في الاعتبار.
اقرأ أيضاً: وهم «الإستراتيجية الدفاعية» في ظل فقدان السيادة
وعلّق عضو تكتل لبنان القوي النائب ألان عون على كلام الرئيس عون، مشيراً الى أن المعطيات المحيطة بنا تغيرت وقد حصلت حروب عديدة في منطقتنا ولكن حكماً نحن بحاجة لاستراتيجية دفاعية وهناك ضرورة لتحديثات عليها.
وفي قراءة سياسية للمواقف الصادرة بهذا الشأن، قال الصحفي والمحلل السياسي نوفل ضو، في حديث لجنوبية، أن موقف رئيس الجمهورية ميشال عون هو محاولة لتكريس وجود سلاح حزب الله بالوقت المطلوب فيه الغاء هذا السلاح وإنهاء دوره، فاليوم هناك محادثات تقوم بها الدولة اللبنانية مع اسرائيل بواسطة الأمم المتحدة وبرعاية أميركية بشأن ترسيم الحدود الجنوبية، والواضح أنه مع هذه المفاوضات لم يعد هناك لزوماً لوجود السلاح، فالواضح أن رئيس الجمهورية يسعى لترسيخ دور جديد لهذا السلاح على المستوى الإقليمي كمثل منطق الترويج بأن الحزب لديه دور بمكافحة الإرهاب وغيرها من القضايا.
ورأى ضوّ بأن أخطر ما في كلام عون هو تحويله للاستراتيجية الدفاعية من استراتيجية لإخضاع حزب الله لمنطق الدولة، الى استراتيجية تخضع الدولة لسلاح حزب الله. وهذا الكلام يجعل من الإستراتيجية الدفاعية أداة بيد حزب الله علماً بأن أي إستراتيجية دفاعية لا يجوز أن تتناقض مع 3 عناوين أساسية وهي الدستور اللبناني، قانون الدفاع الوطني، وقرارات مجلس الأمن الدولي، وأي تناقض دستوري يطالها يجعلها عرضة للإسقاط.
ولكن هل كان عون يرد على الحريري؟ برأي الصحافي نوفل ضو أن لا تباينات جدية داخل أطراف السلطة، وهذا مجرد توزيع أدوار، وعندما يقوم أحد من الفرقاء بإسقاط هذه التسوية عندها نتحدث عن تباينات. أما عن الإمتعاض العوني فهو من الجانب الأميركي وليس من الحريري كونهم يتعاملون مع الحريري بشكل مغاير.
اقرأ أيضاً: حديث الرئيس عن «الإستراتيجية الدفاعية»: ردّ سياسي أم ردّ إعتبار؟
وقال: “نحن نتمنى أن يتم الحديث مع رئيس الجمهورية بموضوع الإستراتيجية الدفاعية من قبل الجميع بدءّا من السيد حسن نصرالله”. مشيراً الى أنه لا يعلم اذا كان كلامه طلب منه بعد اجتماعات واشنطن أم هو كان مجتهد كفاية ليقوم بالدور المطلوب منه، فهو جزء من حلف واضح مع حزب الله. مضيفاً: “رغم كل هذا الكلام لن يتمكنوا من وضع استراتيجية تجعل الدولة بإمرة حزب الله بشكل كامل لأن هناك مقاومة جدية لذلك”.
وفي الختام اشاد الصحافي نوفل ضوّ بكلام رئيس حزب الكتائب سامي الجميل عن خطاب نصرالله الذي شجب فيه هيمنة حزب الله على قرار السلم والحرب في لبنان، وتهديد اسرائيل بالصواريخ الدقيقة التي استوردها من ايران، مؤكدا ضوّ بأننا لم نسمع هذا السقف من الكلام منذ 3 سنوات.