كله حكي

مواطنو اسرائيل يستحقون سماع الحقيقة عن غزة بدلاً من الثرثرة التافهة.

يمكن للمرء أن يخدع بعض الجمهور، بعض الوقت. ولكن لا يمكن له أن يبيع كل الجمهور بضاعة مستعملة كل الوقت. عندما يكون رئيس الوزراء في اوكرانيا “انا اعمل على معركة واسعة في غزة” فان من شأنه ان ينشأ الانطباع بانه يوجد في ذروة عصف أدمغة مع رئيس الاركان على خطط حربية في القطاع صباح غد. غير أن الحديث يدور عن ثرثرة. نتنياهو لا يعمل على أي شيء يمكنه أن يغير جوهريا الوضع الامني في قطاع غزة. وحتى الاحاديث في حاشية رئيس الوزراء عن أن اسرائيل تعمل على تشجيع الهجرة من القطاع هي نوع من الاستخفاف بذكاء مواطني اسرائيل. فالامر الوحيد الذي يمكنه أن يؤثر على الهجرة من القطاع هو فتح الحدود بين غزة ومصر لتصبح معبرا حرا. هذا ما يحصل، منذ اشهر طويلة، الى “التشجيع” الاسرائيلي. ولكن اذا كان ممكنا ان يباع للاسرائيليين وهم آخر عن تدخل عبقري من الحكومة في ديمغرافيا القطاع – فلمَ لا.

اقرأ أيضاً: نصرالله يتراجع عن إزالة إسرائيل من الوجود

بخلاف الاحاطة المهينة التي عنيت بمساعي الحكومة في المنطقة، فان للاحاطة الامنية بالذات اقدام صلبة. فمنذ نهاية تموز أنهى الجيش التدريبات والاستعدادات لمعركة عسكرية تستهدف المس بشكل جدي بالذراع العسكري لحماس. والفكرة التي تقف خلف المخططات التي عرضت على القيادة السياسية هي تنفيذ الخطوات العسكرية دون أن تكون حاجة للبقاء على مدى الزمن في القطاع. هكذا بحيث أن الذريعة المركزية التي منعت، ظاهرا، حتى الان كل عمل ذي مغزى قد نزعت.

لا يمكن للجيش أن يضمن ان تنفذ المعركة دون ضحايا. في الطرفين سيكون مصابون وسيقع ضرر محيطي ذو مغزى، ولا سيما في داخل القطاع. معقول جدا الافتراض باننا لو لم نكن في فترة انتخابات، لكانت ساعة الرمل نحو تغيير في الوضع الامني في غلاف غزة بدأت تنفد منذ نهاية تموز. إذن لعل رئيس الوزراء لا يؤمن بقدرة الجيش على جلب البضاعة. ربما، برأيه، التوقيت غير مناسب لان حماس لم توفر بعد الاستفزاز الذي يبرر في الرأي العام الاسرائيلي والعالمي مواجهة نازفة. هذا شرعي ايضا. ولكن ما يقف امامنا هو ذر رماد في العيون.

في غزة توجد الان لعبة اسمها “شبان عديمو الراحة”. صيغة مريحة تبنتها حماس واسرائيل، كل طرف لاسبابه. فقد اطلقت حماس الصواريخ في نهاية الاسبوع بحيث أنه كانت لاسرائيل امكانية لاعتراضها، او على الاقل للفهم بان اطلاق الصواريخ كان موجها نحو اراض مفتوحة. وعندما توجه المصريون لحماس وطلبوا وقف التسللات – اعتقلوا مسلحين كانوا في الطريق. في كل مرة تكون فيها الاموال القطرية توشك على الدخول الى القطاع، تطلق حماس نحو اسرائيل مظهرا من عدم الرضى عن الوضع ولكنها تحتفظ بلمسة كي تتمكن اسرائيل من ان تصرف النظر جانبا. التجلد شرعي، ولكن لماذا نحتاج لان نتعاطى مع الجمهور في اسرائيل وكأنه قطيع من الحمقى.

السابق
مصدر في «المستقبل»: علينا انتظار موقف عون من زيارة واشنطن
التالي
في ذكرى حرب تموز: كيف انتصر حزب الله وهُزم لبنان؟