ماذا بعد وضع الضريبة على تأشيرات المسافر اللبناني؟

مطار بيروت
قديماً قال ابن خلدون - واضع أسس علم الاجتماع القديم في مقدمته الشهيرة، هذه الأسس التي تُبتنى عليها أكثر النظم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الحديثة في الدول المعاصرة - قديماً قال : " إذا كثرت الجباية شارفت الدولة على النهاية "، وهذا الواقع المرير قد ينطبق على وضع الدولة اللبنانية في المرحلة الراهنة، فهي تقترب تدريجياً من مرحلة فرض الضريبة المطلقة التي تنذر بالانهيار العام بعدما طالت الضرائب كل شيء عبر نظام الضريبة على القيمة المضافة الذي أقرته منذ قرابة العقدين من الزمن!

وكان من آخر الضرائب المفروضة الضريبة على سفر اللبنانيين من خلال تحديد مبالغ من المال لا بد من جبايتها تبعاً للمسافة التي سيقطعها المسافر  وتتراوح معدلات هذه الضريبة بين الخمسين ألف ليرة والثلاث مئة ألف ليرة لبنانية حسب درجة المسافر في الطائرة وحسب نوعية الطائرة خاصة أو عامة، وهذا الإجراء القانوني بحسب الخبراء والمراقبين سوف يحد من حركة المسافرين اللبنانيين بين لبنان والعالم ، لأن السواد الأعظم من هؤلاء هم من الطبقة الضعيفة والمحدودة الدخل، فالبعض يظن أن اللبنانيين المنتشرين في القارات الخمس كلهم مرتاحون لوضعهم المادي في حين خمس وسبعون بالمئة من هؤلاء هم من محدودي الدخل.

اقرأ أيضاً: «الطبلة» التي هزّت إيمان النبطية

 فمن باب المثال خمس وسبعون بالمئة من المنتشرين في إفريقيا عاجزون عن العودة إلى لبنان لعدم وجود قدرة مالية لديهم لشراء بيوت في لبنان لإيواء عوائلهم، وما حال اللبنانيين المنتشرين في دول الخليج بأشفى من حال من هم في إفريقيا، فأكثر اللبنانيين في بلاد الخليج يصرفون ما يكسبونه بسبب غلاء المعيشة هناك، وقليل منهم يتمكن من ادخار شيء لتطوير نمط معاشه أو تأمين معيشة بديلة في لبنان، وخير شاهد على ذلك حال أكثر من تم صرفهم من العمل في دول الخليج لأسباب لا تخفى، فنرى أكثر هؤلاء عادوا إلى لبنان عاطلين عن العمل غير قادرين على تأمين أبسط مقومات المعاش لهم ولعيالهم، أما المنتشرون في أوروپا وأمريكا فالسواد الأعظم منهم يعيشون على رواتب الدول التي يقيمون فيها.

فإذا كان من النادر أن يتمكن السواد الأعظم من اللبنانيين المنتشرين من زيارة بلدهم لبنان في الوضعية السابقة فمع الأنظمة الضريبية الجديدة سيكون ذلك أندر.

هذا وقد أصدرت المديرية العامة للطيران المدني تعميماً برقم 2/25 الى جميع شركات الطيران العاملة في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، وجاء في التعميم ما يلي: ” يطلب من جميع شركات الطيران العاملة في مطار رفيق الدولي – بيروت اخذ العلم بالتعديل التي اقره مجلس النواب اللبناني بموجب القانون رقم 143 تاريخ 31 تموز 2019 على القانون رقم 64تاريخ 2017/10/20 ،حيث بات يفرض على المسافرين بطريق الجو على الرحلات التي تتعدى مسافتها 900 كلم كوجهة نهائية (بدل 1250 كلم في القانون السابق) لدى مغادرتهم الاراضي اللبنانية رسم خروج قدره:

– 50000 ل.ل. (خمسون الف ليرة لبنانية) على كل مسافر من الدرجة السياحية

– 110000 ل.ل (مئة وعشرة الاف ليرة لبنانية)على كل مسافر من درجة رجال الأعمال .

– 150000 ل.ل (ماية وخمسون الف ليرة لبنانية)على كل مسافر من الدرجة الاولى.

– 300000 ل.ل (ثلاثماية الف ليرة لبنانية) على كل مسافر على متن طائرة خاصة.

اقرأ أيضاً: الفقراء في لبنان يزدادون فقرا… والحدّ الأدنى الى هبوط!

واهم المطارات التي تقع ضمن مسافة  900 كلم على سبيل المثال لا الحصر هي:

مطارات سوريا والاردن وتركيا باستثناء مطار اسطنبول ومطارات بغداد والنجف واربيل، في العراق، ومطارات القاهرة، وشرم الشيخ، والإسكندرية في مصر”.

فهل هكذا تكون سياسة تشجيع اللبنانيين المنتشرين على العودة إلى الديار هذه السياسة التي كثر حديث وزارة الخارجية عنها في المواسم الانتخابية في السنوات الأخيرة؟ والذي يظهر هو أن اللبنانيين في العالم في وادٍ والدولة اللبنانية وقراراتها الضريبية في وادٍ آخر!

ولكن على من تقرع مزاميرك يا داود!

السابق
لا هجوم من حركة فتح أو أي فصيل كان على معاقل الإرهابي بلال العرقوب
التالي
الإنسحاب الإماراتي من اليمن: مدخل للحوار السعودي-الإيراني؟