ساعات حاسمة امام الحكومة… هل بات خيار الاستقالة على الطاولة؟

بعدما أقفل النائب طلال أرسلان الباب امام أي مبادرة جديدة لمعالجة نتائج وذيول حادثة قبرشمون – البساتين، معتذراً من الرؤساء الثلاثة عن قبول أي مبادرة قبل الإقرار بعقد جلسة لمجلس الوزراء “يتم فيها التصويت على إحالة الجريمة إلى المجلس العدلي، ولو خسرنا”، فتح رئيس الحكومة سعد الحريري أملاً جديداً بامكانية ايجاد حلّ للأزمة الحكومة، بعدما انطلق بمشاورات جديدة من عين التينة، حيث التقى الرئيس نبيه بري، الى لقائه رؤساء الحكومة السابقين: نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، والوزير وائل أبو فاعور موفداً من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لمعالجة الأزمة الناشئة عن حادثة الجبل، قد تؤدي إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء مطلع الأسبوع المقبل.

لقاء بري – الحريري

وبدا لقاء بري والحريري بمثابة خرق للمشهد السياسي المأزوم سياسياً وحكومياً. وعلى رغم امتناع الحريري عن الادلاء بأي تصريح عقب اللقاء، كشفت مصادر عين التينة لـ”النهار” ان اللقاء تمحور على الموضوع الحكومي، وان جهود الحلحلة مستمرة. ومع رفض مصادر اطلعت على فحوى اللقاء كشف أي معلومات تتصل بالنقاش، وصفت اللقاء بأنه مهم، متوقفة في الشكل عند الصورة الموزعة له والتي ضمت الرئيسين بري والحريري على كنبة واحدة، لافتة الى انها من المرات النادرة التي يجالس فيها بري زواره بهذا الشكل. وأكدت ان اجواء اللقاء تشي بأن المعالجات لم تتعطل أو تتوقف، بل هي قائمة ومستمرة، مشيرة الى أن امكانات التوصل الى عقد جلسة حكومية كبيرة، من غير ان تستبعد ان يبادر الحريري الى الدعوة الى جلسة قريباً.

وأكدت مصادر وزارية لـ”اللواء” ان الرئيس الحريري لا يزال على موقفه الرافض لإبقاء جلسات الحكومة “رهينة” لدى بعض الأطراف السياسية بسبب تمسكها ببعض المطالب الخاصة، مشيرة إلى ان الحريري لا يزال يبذل كل الجهود الممكنة للوصول الى تفاهمات مشتركة بين جميع الأطراف لاستئناف الجلسات الحكومية، وهي نقلت عنه تفاؤله بالوصول إلى حل قريب للموضوع على رغم إجهاض كل الحلول التي طرحت في السابق.

واعتبرت مصادر السراي لـ”اللواء” ان اللقاء يؤسّس لفتح ثغرة في جدار الأزمة، وبالتالي فان الساعات المقبلة حاسمة لجهة تمكن رئيس الحكومة من ترجمة نياته المتكررة بالرغبة في عقد جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل.

في المقابل، نفت مصادر مطلعة لـ”الديار” ان يكون رئيس الحكومة قد طلب الى بري التدخل لدى حزب الله لمنح “ضمانات” لجنبلاط، واشارت الى ان “خطوط” الاتصال بين “بيت الوسط” والحزب مفتوحة ولا تحتاج العلاقة الى “وسيط”.

الاتصالات مستمرة

وتوقعت المصادر الوزارية لـ”اللواء” ان يشهد الأسبوع الحالي المزيد من الاتصالات والمشاورات من أجل تسهيل عقد جلسة لمجلس الوزراء في مطلع الأسبوع المقبل على أبعد تقدير، مشيرة إلى انه في حال لم تجتمع الحكومة، فإن البلد يكون قد دخل في أزمة حقيقية، خصوصاً وان بداية الثلث الثاني من الشهر المقبل سيصادف عطلة عيد الأضحى، وفي الخامس عشر منه ستكون هناك عطلة عيد انتقال السيدة العذراء، مما يعني ان هناك عدداً من الوزراء سيكونون في عطلة خارج البلاد، وكذلك ربما الرئيس الحريري.

وفي هذا الاطار، أشارت اوساط سياسية مطلعة على موقف رئيس الحكومة لـ”الديار” الى انه بات على قناعة بان حزب الله لا يقف وراء “تعطيل الحكومة” ولا وراء تمسك النائب طلال ارسلان في ملف احالة حادثة قبرشمون – البساتين على المجلس العدلي، وهو ايضا لا يوافق النائب السابق وليد جنبلاط على تقديره للاحداث وافتراض وجود ابعاد اقليمية من خارج الحدود وراء استهدافه..

ووفقا لتلك الاوساط، اكد الحريري امام من التقاهم بالامس، ومن بينهم رؤساء الحكومات السابقين، بان الحزب لا “يلعب” دورا سلبيا، على رغم “عتبه” لعدم تدخله “ايجابيا” مع “خلدة”، وبحسب الحريري لا يقف الحزب في الاصل وراء فكرة الاحالة الى “المجلس العدلي”، بل كان الحزب مع “مخرج” المحكمة العسكرية وشجع عليه، اذا كان يرضي ارسلان ويؤمن بالتالي عودة الحكومة الى الاجتماع، لكن استمرار “سلبية” “ميرنا الشالوحي” والتراجع غير المبرر لبعبدا عن الحل الذي ابتكره الوزير سليم جريصاتي، يطرح اكثر من “علامة استفهام” في “السراي الكبير” خصوصا ان عون سبق وابلغ رئيس مجلس النواب نبيه بري والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم رعايته للمبادرة؟.

تناسل الأزمات في وجه الحكومة

وفي هذا السياق، استغربت مصادر وزارية توقيت تفجير عدد من الملفات في وجه الحكومة ورئيسها، منذ انفجار أزمة حادثة البساتين، وهي لا تستبعد ان تكون كل هذه الملفات مترابطة ببعضها، بما في ذلك تفجير ملف النفايات أخيراً في وجه الحكومة، وصولاً إلى الملف الذي استحوذ على اهتمام سياسي نهاية الأسبوع الماضي، والمقصود هنا قانون الموازنة.
الحريري أمام قرار الاستقالة

وفيما كثُر الكلام عن إمكان تقديم استقالته بسبب تكبيله بالشروط، تؤكّد مصادر الحريري أن “لا أساس من الصحة لأي كلام عن الاستقالة”، وذلك في مقابل حديث عن ضغط تمارسه القوات اللبنانية عليه، من أجل أن يكون حاسماً في خياراته، من باب أنّه “الأقوى”، ولا بديل له في موقع رئاسة الحكومة أو في زعامة طائفته. الهدف من كلّ ذلك وقف سيل “التنازلات” التي تعتبر “القوات” أنّ الحريري يُبالغ في تقديمها إلى التيار الوطني الحر وفريق 8 آذار السياسي. ولكن هل وصل الأمر إلى حدّ تقديم نصيحة قواتية للحريري باتخاذ مواقف صلبة، حتى ولو أدّى ذلك إلى استقالة الحكومة؟

ليست القوات اللبنانية وحدها من يُحاول إقناع الحريري بأنّه “ليس ضعيفاً”، ولكنّ المشكلة أنّه “هو غير مُصدّق”، بحسب مصادر قريبة من معراب لـ”الأخبار”. ورئيس الحكومة ليس، حتى الساعة، في وارد تقديم استقالته، لعدم رغبته في خسارة امتيازات يُتيحها له موقعه. لذلك، واحد من الخيارات التي “نؤيد رئيس الحكومة بها، هي رمي الطابة في ملعب الفريق الثاني، ويبقى مداوماً في السراي الحكومي، لا مستقيلاً ولا معتكفاً”، كما تقول مصادر القوات اللبنانية، موضحةً أنّه “لم ننصح الحريري بأن يفرط التركيبة الوزارية، فقضية البساتين تستدعي حلاً هادئاً، لأنّ الأمر كاد يؤدي إلى فتنة”. لا يُلغي ذلك أنّ “القوات” تعتبر “منطقياً وجوب أنّ يتخذ الحريري قرارات حازمة مهما كلّف الأمر، لأنّ البلد بحاجة إلى مواقف وليس مسايرات. والفريق الثاني، كلّما قدّم الحريري تنازلاً، يطلب تنازلاً جديداً”.

اقرأ أيضاً: برّي عرض الأوضاع مع الحريري والجراح وشدياق: لإشراك المرأة في كل ما يصنع حياة الدولة والمجتمع

السابق
مقاتلة من طراز «إف-35» إسرائيلية قصفت مواقع في العراق قبل 10 أيام
التالي
«حزب الله» لم يحسم مرشحه لخلافة نائب «أزمة الاقتحام»