«التجمع اللبناني»: التحركات التي يقودها وزير الخارجية بدعم مباشر من حزب الله، ترمي إلى تغيير المعادلات السياسية السائدة

ناقش “التجمع اللبناني” التطورات وأصدر البيان التالي:

1 – تطل الذكرى المئوية الأولى للبنان الكبير والبلد يتدحرج إلى أسفل، ليس بسبب الأحداث الخطيرة في المنطقة فقط، وإنما خصوصاً بسبب تردي أوضاعه كافة نتيجة وقوعه في قبضة مجموعة حاكمة لم يعرف لبنان مثيلاً لها في وضاعتها وانشغالها بتحقيق المكاسب المالية والشخصية على حساب استقرار البلد ولقمة عيش مواطنيه! ما يهم هذه المجموعة، التي رهنت الوطن لإيران، هو تصفية حسابات صغيرة موروثة من الحرب الأهلية، وتحديداً حروب الإلغاء المتنقلة على الساحة المسيحية وحروب الجبل، وبالتحديد مع الزعامة الجنبلاطية!! وكأن هذه المجموعة تريد أن تجعل من نفسها نسخة كاريكاتورية عن بعض رموز الحرب الأهلية التي طوى صفحتها اللبنانيون مع اتفاق الطائف!

واليوم منذ الأحداث التي جرت في قبرشمون يعيش البلد أزمة حكومية، قد تتحول أزمة حكم، نتيجة إقحام مؤسسات الدولة الأمنية والقضائية في تنفيذ أهداف النظام السوري بالانقلاب على معادلة شعبية راسخة تقوم على التوازن، فبدلاً من النأي بالنفس عن الحرب السورية التي أكد عليها البيان الوزاري، يدفع بعض المسؤولين اللبنانيين، بلبنان كي يكون جزءاً من معادلة الصراع على النفوذ داخل سوريا المحتلة!

إن التحركات التي يقودها وزير الخارجية صهر الرئيس، بدعم مباشر من حزب الله، ترمي إلى تغيير المعادلات السياسية السائدة في البلد وتهميش اتفاق الطائف وما نتج عنه، كما توجه ضربة للحياة السياسية والديموقراطية بوهم استسهال الوصول إلى معادلة جديدة قد تؤدي إلى خراب لبنان!

2 – إن غياب الحس بالمسؤولية هو السمة الغالبة على هذه التحركات مما يستدعي تكتل القوى المعارضة لها.. ولا شك بأننا مع التجربة المرة التي مررنا بها بتنا لا نستطيع التعويل على التناقضات داخل الطبقة المتحاصصة نفسها، وإن كنا نتمنى أن تؤدي إلى كبح جماح الاندفاعة الهوجاء لباسيل، في هذه المرحلة الخطيرة التي يمر بها لبنان والمنطقة..

لهذا فإننا لن نألوا جهداً في السعي لقيام تكتل شعبي معارض يكون رافعة من أجل إنقاذ البلد من حالة التهور التي يجري دفعه إليها تنفيذاً لأجندات ذاتية وخارجية،وسياسية معينة، ترى في الخراب وفي تغذية العنصرية ضد اللاجيء السوري المهيض الجناح، وفي تعبئة الغرائز الطائفية والمذهبية الطريق الوحيد للاطباق على مقدرات البلد.. ومن هنا يمد “التجمع اللبناني” يده إلى قوى المعارضة الحقيقية والمستقلة، من أجل العمل على بناء الإطار اللازم لعملية الانقاذ التي صارت في غاية الإلحاح خوفاً من وقوع لبنان في قبضة فاشية جديدة مرتبطة بقوى دينية تشبهها في عدائها للديموقراطية والانفتاح!

اقرأ أيضاً: قرار تقشفي للواء عثمان في المديرية العامة لقوى الامن الداخلي

3 – مع تدهور الوضع السياسي تزداد الأوضاع الاقتصادية والمالية تأزماً، ولعلّ هذا ما ترمي إليه القوى التي تعمل على إنتاج الأزمات في البلد، فالخراب هو أقصر طريق لوضع اليد على البلد.. وتقف الحكومة عاجزة عن الوفاء بوعودها في الاصلاح المالي وفي دفع عجلة الاقتصاد وتستمر في محاصرة اللبنانيين وتكبيلهم بالضرائب.. ويعود هذا في المقام الأول إلى غياب الحس بالمسؤولية عند النهابين القابضين على زمام الأمور في البلد.

إن الجشع وغياب المحاسبة، تهدد بأن تؤدي بالبلد إلى الافلاس! والانهيار الاقتصادي، إذا ما حصل، قد يؤدي إلى انهيار في منظومة القيم الوطنية وحينها تصبح أبواب البلد مفتوحة على المجهول.. ومن هنا علينا الاستعجال ببناء رافعة المعارضة الوطنية كي تكون البديل عن طبقة المحاصصة الطائفية التي صار ارتباطها بأرصدتها المصرفية في الخارج هو ما يحكم تصرفاتها..

وتأتي العقوبات الأميركية لتطال نائبين من حزب الله (رعد وشري) والمسؤول الأمني وفيق صفا، لتضع لبنان في عين العاصفة، فهذه العقوبات قد تطال غداً مسؤولين آخرين من حزب الله وحلفائه، والجديد أنها دعت الحكومة لقطع العلاقات معه. إن الخطر المتأت من هذه العقوبات أنها لأول مرة تصوب على العلاقة بين حزب الله والسلطة اللبنانية، ما قد ينطوي على مخاطر مستقبلية كبيرة، قد تعرض لبنان لمخاطر غير مسبوقة، هذا مع العلم أن هذه العقوبات تتعلق بجهة تمثل المصالح الايرانية داخل لبنان وكل محاولات الإيحاء أن هذه القضية وطنية وتطال الهوية والسيادة أمر خارج السياق. إن الخوف كبير من أن تطال العقوبات المؤسسات المالية والمصرفية ما سيعرض الاقتصاد اللبناني لأخطار كبيرة، وهذا الوضع لا يعفي السلطة السياسية من أن تضع بعين الاعتبار الشأن اللبناني العام قبل أي أمر آخر.

4 – في هذه اللحظة يتطلع اللبنانيون بأمل وتعاطف شديد إلى الشعبين السوداني والجزائري في انتفاضتهما المستمرة ضد النظامين الفاسدين في بلديهما التي استطاعا الإطاحة برموزها الرئيسية وما زالا مستمرين في النضال من أجل تحقيق المكاسب على طريق إحداث تغيير عميق في بنية السلطة في البلدين وقيام سلطة مدنية تعيد بناء الدولة ومؤسساتها على أسس ديموقراطية سليمة..

لقد وصل السودانيون إلى مرحلة مفصلية في تاريخهم المعاصر، وقد نجحت الثورة السلمية اللاعنفية في فرض اسقاط البشير واسقاط انقلاب القصر، وأرغمت الموجة الثورية الثالثة يوم 30 يونيوالمجلس الانتقالي على التراجع عن محاولات الانفراد بالسطة متخذا من جهات وصولية من عملاء نظام البشير واجهة له، ولعبت الوساطة الأفريقية – الأثيوبية دوراً إيجابياً في وضع السودان على طريق الأمل بقيام سلطة انتقالية تعبر بالبلاد إلى بر الأمان.

إن الشعب اللبناني، الذي امتاز عن سواه من شعوب المنطقة، بنجاحه في بناء حالة من الديموقراطية التعددية تحترم الحق في الخلاف، وحرية الرأي، يعلم تمام العلم أن التمسك بوجه لبنان الديموقراطي هو مكسب لا يمكن التفريط به في وجه الهجمة المتكالبة للطارئين على مغانم الحكم والمحاصصة الطائفية..كما أنهم يدركون أن الدفاع عن الدولة ومؤسساتها، في وجه الدويلة المسلحة، هو الطريق الوحيد لبقاء الوطن واجتياز هذه المرحلة الحساسة التي يمر بها لبنان والمنطقة..

السابق
لقاء وطني لبناني فلسطيني في طرابلس في الذكرى الثانية لرحيل عبدالمجيد الرافعي
التالي
أدرعي لنصرالله: العقوبات فوّتتك بأزمة مالية من قاع الدست.. فش مصاري!