إلى محمود قماطي: هل تذكر هاشم السلمان؟

محمود قماطي
حسناً فعل نائب رئيس المجلس السياسي في حزب الله، ووزير الدولة محمود قماطي، بأن قال “لقد ولى عصر المليشيات والمناطق المغلقة”. قال ذلك غداة سقوط عنصرين من مرافقي الوزير صالح الغريب صرعى باطلاق نار مدان ومستنكر وغير مبرر.

حسناً فعل القيادي في حزب الله، بأن قال ما يتمناه كل لبناني طامح لأن يكون في دولة تساوي بين مواطنيها تحت سقف القانون، ودولة لا تُستباح سيادتها وقوانينها بالقوّة والاستئثار، وبمنطق الجزر الأمنية التي صارت مناطق ممتدة. ففي الضاحية لم تعد المنطقة الأمنية او الجزيرة هي منطقة “الشورى”، كما كان الحال قبل سنوات في بئر العبد، بل باتت تشمل الضاحية كلها وأكثر.
 
الأرجح أن الوزير قماطي يعتقد أن مكاتب الأحزاب اللبنانية في الضاحية ناشطة، ولا تتوقف عن عقد اللقاءات واستقطاب المحازبين، الأرجح أن قماطي يعتقد أن هذه الأحزاب وغيرها من مؤسسات وجمعيات مدنية خلقت في الضاحية الجنوبية حيوية سياسية وفكرية وثقافية وتنوع يصعب أن يستوعبها وليد جنبلاط، ولا بعض أبناء طرابلس الذين لم يستطيعوا تقبل أن يحاضر المستشار الثقافي الإيراني محمد شريعتمدار في أحد منابرها الثقافية قبل أسابيع، فعمد الأخير الى تأجيل الزيارة كتعبير مخفف عن الغاء النشاط.

اقرأ أيضاً: العلاقة بين «المستقبل» و«الاشتراكي»: خيبة «الشيخ» ويُتم «البيك»

يعلم أبناء الضاحية قبل غيرهم أن الدخول الى محمية الضاحية أو محميات ممتدة على طول الجنوب والبقاع، يتطلب من رجل الأمن الشرعي، أن يبلغ ما يسمى اللجنة الأمنية، كي يُسمح له بالقيام بمهمة القبض على ملاحق أو متّهم، لأخذ الإذن، وقد يُمنح وقد لا يُمنح أي بحسب تقدير “المصلحة”، والجملة السحرية هي “أمن المقاومة”. 
لما تزل قضية مقتل هاشم السلمان أمام السفارة الإيرانية في بيروت قبل نحو خمس سنوات، شاهداً على كيفية ارتكاب جريمة في وضح النهار، وفيها من شروط الوصول الى القاتل الكثير. تكفي الصُّور التي انتشرت في مسرح الجريمة. ولكن للمفارقة ملف هاشم السلمان القضائي لم يزل فارغاً، بلا تحقيق ولا محاكمات، لأننا في منطقة يُراعى فيها الدستور والقانون ولا مكان فيها لسلطة خارج سلطة الدولة.
طبعا لدى حزب الله الكثير ليباهي به بقية أقرانه من القوى والأحزاب اللبنانية. لكن من دون ربما أن ينتبه إلى ظاهرة “الأهالي”، التي ابتدعها في زمن لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، عبر منع المحققين من القيام بواجبهم القانوني على اطراف الضاحية الجنوبية، كتعبير ديمقراطي وقانوني ودستوري، سوف يستنسخها سواه ايضاً، في ممارسة فعل الإلغاء والاستئثار والمصادرة. لا بل “الأهالي” كانت الوسيلة التي يحقُّ لحزب الله اعتمادها في منع قوات اليونيفل في جنوب الليطاني من التنقل داخل منطقة وافق حزب الله نفسه، على ان تخضع لها عبر موافقته على القرار الدولي  1701.
 
طبعا حزب الله لم يتصدَّ للمرشح أحمد الأسعد في العام 2009 داخل بلدته الطيبة في قضاء مرجعيون، التي طرد منها، انما “الأهالي”، كذلك كاتب هذه السطور لم يتعرض لاعتداء جسدي بسبب محاولة رفع صورة له كمرشح في انتخابات العام 2018 من قبل حزب الله انما الأهالي، وهذا غيض من فيض لا يتسع المجال لتعداده..
بعين كبيرة، قال قماطي: “لا نقبل أن تكون هناك منطقة مغلقة على أي لبناني، ويحق لأي مواطن أو مسؤول، زيارة أي منطقة، كما أن حرية التعبير والرأي كفلها الدستور”. ونحن نشدّ على يده. 

السابق
شبكة 5G صارت جاهزة في مناطق أساسية من شنغهاي
التالي
حزب الله ورقة إيرانية تفقد جدواها الإقليمية