دولة الأركيلة

مجلس الوزراء
في كوكب المريخ دولة معروفة بـ"دولة الأركيلة".

أسوأ ما فيها أهل السياسة
وإلى “هذا الأسوأ”، يوجد دخلاء على صحافتها وإعلامها، دخلاء ودخيلون يزمرون ويطبلون للشنائع والقبائح، فيزينون السيئات ويبرجون الفساد، ويجعلون العمى بصرا وبصيرة.
لا يقول أهل السياسة في “دولة الأركيلة” قولا مأثورا
ماهرون في تحريك الغرائز
شاطرون في إثارة العصبيات
يتحدثون كثيرا ولا يعنون شيئا
وشعارهم: كثرة الكلام وفقدان المعنى
في “دولة الأركيلة” أكثر النواب “جلابيط” من دون ريش في أقفاص أحزابهم.
والوزراء، أغلبهم، عراة من الثقافة و”مزلطون” من المعرفة، ولا يجيدون إلا شد الشعر ونتفه ويجيدون بالمقدار نفسه استخدام ألسنة السفاهة الشاملة.
ذاك كل ما عندهم وجل ما لديهم
في “دولة الأركيلة”، من النادر أن يسمع الناس من وزير أو من نائب ما يحرك العقل فكرا وما يُرقص القلب نبضا وهياما بجمال الموقف وحكمة الكلمة.
في هذه الدولة يسمع الناس شتما وسبا
يسمعون فنا في الشتيمة وإبداعا في السباب

اقرأ أيضاً: كلا يا فخامة الرئيس

الناس يسمعون ولكنهم يسألون:
أين تعلم أهل السياسة في “دولة الأركيلة”؟
كيف حاز الوزراء والنواب على الشهادات العليا؟
لا يستطيع أحدهم تركيب جملة سياسية سليمة
لا هذا الوزير يعرف الفاعل ولا ذاك الوزير يعرف المفعول
يعجز الواحد منهم عن التعبير فيستعين برذالة الكلام
لا يخرج من أفواههم مفهموم
ولا يخرج من حلوقهم مصطلح
ولا يتأدبون بالقول ولا يتخلقون باللفظ الحسن
يعلمون الأجيال قلة الأخلاق
يعلمون الناشئة قلة الأدب
مبدعون في رذيلة الكلام وفنانون في فاحشة القول.
في دولة الأركيلة على كل زاوية سلطان يستأثر بالأرض والحيطان والقطط والدجاجات والصيصان وحوله جيش من الزعران.
حين تسأل دجاجة سلطانها عن حبيبات قمح أو شعير لسد جوعها، يشرئب عنقه ويقول: إن جاره السلطان الذي يحتمي بجيش من الزعران استأثر واحتكر القمح والطحين وأوعية العجين وما أبقى لجيرانه شيئا وبقية.
وحين يسأل صوص سلطانا آخر وراء حيط آخر عن قطرة ماء، لا روث فيها ولا كراهة، يتمنطق هذا السلطان ويقول : إن جاره السلطان الذي يحتمي بجيش من الزعران لم يترك مجرى نهر ولا رأس نبع إلا وأفلت إبله وأغنامه عليها.
وحين يطلب قط من سلطان ثالث وراء حيط ثالث أن يفعل ما يجعل ضياء القمر أو بعض أشعته يؤنس ليله البهيم والطويل، يتطووس هذا السلطان ويقول: إن جاره السلطان الذي يحتمي بجيش من الزعران، حجب الشمس وأنوارها، وما بيده حيلة، ولو طالبه بخيط شعاع أو شعبة ضوء، لهاج وماج ووقعت واقعة البسوس أو شقيقتها داحس والغبراء.
ماذا تفعل الدجاجة؟
ماذا يفعل الصوص؟
ماذا يفعل القط؟
أجمعوا على أن “الأركيلة” حل لهذا السقم ولهذا الزمن، فينفثون همومهم مع مائها وهوائها كما ينفثون دخانها، ولما اجتمعوا على أرض أوجاعهم وراحوا يبثون الأحزان وينفثون الدخان، جاء زعران السلطان الأول وأنزلوا عليهم رسما ماليا، لأنهم يدخنون “الأركيلة” وهي من الكماليات المبطلات في زمن الفاقة والحاجة، ثم جاء زعران السلطان الثاني وسطروا بحقهم ضبطا مضبوطا لأنهم يستخدمون الماء ويلوثون الهواء، وهما من المجال العام، وثم جاء زعران السلطان الثالث وأفتوا بعقابهم حبسا لأنهم لم يدفعوا سلفا ضريبة استمتاعهم بشمس النهار، فنور الشمس في “دولة الأركيلة” مجال عام مثل الهواء والماء، وكل مجال عام يستفيد منه العوام، عليه رسم وضريبة.
دفعت الدجاجة ما عليها من رسوم
دفع الصوص ما عليه من ضرائب
دفع القط ما عليه من “خوة” ومن “فتوة”
بعد حين ، هاتفت الدجاجة، الصوص والقط وقالت لهم: ما رأيكم لو تركنا كوكب المريخ و”دولة الأركيلة”، وهاجرنا الى كوكب زحل، فهناك لا ضرائب على “الأركيلة”، فسلطان كوكب زحل لا يرى في ضريبة “الأركيلة” تحسينا لمالية الدولة ولاخفضا للدين العام ولا إصلاحا للإقتصاد.
ابتسم الصوص وقال: في كوكب زحل كبار
ابتسم القط أيضا وقال: فعلا كبار
ابتسم الثلاثة وصاحوا: هيا الى كوكب زحل.

السابق
أهالي شهداء الجيش وقوى الأمن تقبلوا التعازي في طرابلس الشعار: ثمة يد خارجية
التالي
رسالة ماجستير لفلسطيني في قبرص.. 88% من اقتصاد «صيدا» سينهار مع رحيل الفلسطينيين