القضاء في غيبوبة والدولة غائبة..!

الشلل المستمر منذ أسابيع في القضاء يُكمل مشهد العجز الذي يهيمن على السلطة، ويُقوّض آخر حصون الدولة المتهالكة تحت ضغط الصراعات والخلافات بين أهل الحكم، وما ينتج عنها من ضعف وتسيّب في مختلف المرافق الحيوية.

انعدام فرص الحوار بين القضاة المضربين عن ممارسة مسؤولياتهم تجاه المتقاضين، والجهات المعنية، خاصة وزير العدل، يُبقي أبواب هذا المأزق مفتوحة على شتى الاحتمالات السلبية، ويزيد من تراكم الدعاوى، المتراكمة أصلاً في المحاكم، والتي تُعطل مصالح الناس، وتُطفّش المستثمرين.

اقرأ أيضاً: بعيداً من «نظريّة المؤامرة».. هل جرى الإيقاع بين الحريري وباسيل؟

ثمة إشكالية في الوضع القضائي، تزداد تعقيداً مع مرور الزمن، من دون أن تنجح العهود والحكومات المتعاقبة في إيجاد المعالجات المناسبة لها. لقد حصل القضاة في السنوات العشرين الأخيرة على سلسلة من الزيادات على الرواتب، ومجموعة مهمة من التقديمات المالية والاجتماعية، وصلت إلى حد حصول القاضي على راتب إضافي كل ثلاثة أشهر، فضلاً عن المنح والمساعدات التي يوفرها صندوق تعاضد القضاة، الذي تُقاس ميزانيته بمئات الملايين سنوياً.

ولكن كل هذه التقديمات والمميزات لم تكن كافية على ما يبدو لتحصين القضاء من شوائب الفساد، التي طفت مؤخراً على السطح، وتناقلت وقائعها وإشاعاتها مواقع التواصل، وأحاديث المنتديات، وأساءت إلى سمعة المؤسسة التي من المفترض أن تكون الأطهر والأكثر نقاوة ونظافة من مؤسسات وقطاعات الدولة الأخرى.

وفي الوقت الذي أشاحت فيه الدولة بنظرها عن ملفات الفساد في القضاء، جاءت الموازنة وما تضمنته من تخفيضات في بعض التقديمات للقضاة، لتقلب الطاولة رأساً على عقب بوجه السلطة العاجزة عن المحاسبة والحسم، ووجدت جرثومة الفساد في القضاء حمايتها المنشودة في الإضراب الحالي للقضاة، بحجة الدفاع عن مكتسباتهم المالية والاجتماعية!

الدولة عاجزة وغائبة عن مسؤولياتها، القضاء في غيبوبة، ومصالح الناس معطلة، ولا من يسأل من أهل الحل والربط !

السابق
لماذا تعد المرأة أنسب لرحلات الفضاء من الرجال؟
التالي
سينودس الكنيسة المارونية: عبدالساتر رئيساً لأساقفة بيروت والورشا معتمدا بطريركياً