بعد تبرئة الحاج.. المحكمة العسكرية تحت المجهر

المحكمة العسكرية
ما زال الحكم الأخير بقضية الفنان المسرحي زياد عيتاني، والذي قضى بإبطال المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد الركن حسين عبدالله التعقبات عن المقدم سوزان الحاج لـ"عدم توافر عناصر جرمية"، يتفاعل حتى اليوم، حيث وصلت ردود الفعل الى التشكيك بمصداقية المحكمة العسكرية والمطالبة بإغلاقها.

إلا أن ما كان لافتاً اليوم هو طلب القاضي هاني الحجار من رئيس الحكومة سعد الحريري نقله من المحكمة العسكرية، الذي اطلع بدوره من الأول على الأسباب التي دفعته لهذا الطلب. وقالت أوساط الحريري أن الرئيس سيطلب عند عودته من المعنيين اجراء مناقشة شفافة ومسؤولة للحيثيات التي وردت في الطلب الذي يفترض تعميم مضمونه كي يتسنى للجميع الاطلاع على ما يجري في المحكمة العسكرية، لأن “سياسة ورقة التين لم تعُد تنفع”.
هذه الرسالة قد تخبئ الكثير، فهي تعني بأن الأمور قد وصلت الى حد لا يمكن السكوت عنه في أرجاء المحكمة، وبانتظار الكشف عن ما يدور بعيداً عن منظور المواطنين، استطاعت قضية “الحاج-عيتاني” أن تتحول الى قضية رأي عام، قد يضعها البعض في إطار “صراع الأجهزة” وتصفية الحسابات، وهو ما يفسر تزامن الحكم مع الحملة التي يتعرض لها اللواء عماد عثمان، والتلميحات “الباسيلية” بوضع ملفه على الطاولة.

اقرأ أيضاً: مسرحية العدالة في لبنان تتفوق على كوميديا عيتاني

ومن التعليقات السياسية على الحكم ودور المحكمة العسكرية به، أكد الوزير السابق أشرف ريفي أن “أننا لم نُفاجأ بالحكم الذي صدر عن المحكمة العسكرية في قضية فبركة تهمة العمالة للفنان زياد عيتاني، فهذه المحكمة وعلى الرغم من وجود قضاة وضباط نقدِّر عملهم، أثبتت مرة جديدة أنها أداة بيد السلطة، والحكم الذي صدر بالتبرئة ومنع المحاكمة عن المتورطين في جريمة بشعة دفع ثمنها عيتاني، وربما يدفع ثمنها اي مواطن في كرامته وأمنه”.
وأشار ريفي إلى أن “الأدلة القاطعة على التورط في تركيب ملف العمالة، كان يمكن أن تدفع أي جالس على قوس العدالة الى أن ترتجف يده أو ضميره قبل صدور حكمه، لكن للأسف يتكرر مشهد إنتهاك العدالة، ويدفع الأبرياء الثمن الأغلى، فيما لبنان تتشوه صورته أمام العالم، بفعل أحكام قضائية لا تصدر الا في الدول البوليسية”، مشددًا على “أنني واجهتُ كوزير للعدل الحكم المخفف على ميشال سماحة الصادر عن المحكمة العسكرية، ونعيتُ للشعب اللبناني هذه المحكمة، ومن جديد أنعيها اليوم، على أمل إنقاذ العدالة”.
من جهة أخرى، اعتبرت مصادر مستقبلية لـ”جنوبية” أن هذا الحكم وهذه الحملات المشبوهة الأخيرة أتت نتاج فتح المستقبل لملفات فساد تطالهم، إلا أنها لن توقفنا عن ما بدأناه، ولن نسمح بالمساس بأمن الناس وكرامات الرموز الوطنية، وعلى من يجاهر بوجوب المحافظة على نزاهة القضاء عليه أن يكف يده عنه أولاً.

بو صعب يتدخل.. والحريري يرد
في فصل جديد من فصول قضية “الحاج-عيتاني”، وبعد “صمت القبور” من قبل أطراف الرئاسة الأولى وحلفائهم على الحكم الأخير، ظهر كلام مفاده أن الوزير الياس بو صعب كان أحد رموز العهد الذين تدخلوا بهذه القضية للضغط والوصول الى هذه الخواتيم.
ورغم نفيه هذا النوع من الضغط وتبنيه فكرة أنه تدخل لوقف ضغوطات “شعبة المعلومات” بالتحقيق، غامزاً من قناة تيار المستقبل، المستهدف الأول بالحملة على قوى الأمن واللواء عثمان وبالتالي شعبة المعلومات، رد أمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري، الذي يقود سفينة “صد الهجمات” على الفريق الأزرق مؤخراً، قائلاً: “وزير الدفاع يقول انه قصد المحكمة العسكرية لوقف ضغوط ضباط شعبة المعلومات على رئيس المحكمة. أي هرطقة هذه يا صاحب المعالي؟ وأي عاقل أو غير عاقل يمكن أن يصدق هذه الادعاء المضحك؟”.

اقرأ أيضاً: كلام باسيل الفتنوي ينسف التسوية الرئاسية

مضيفاً: “لقد وضعت نفسك يا معالي وزير الدفاع في قفص الاتهام .. انت متهم بتخريب مسار قضائي وتغطية ممارسات قاض متهور والاساءة لكرامة ضباط لبنانيين ومؤسسة أمنية تقوم بدورها في كشف اوكار العمالة والارهاب والعفن الكامن في زوايا الدولة”.
هذه الفجوة التي تتسع بين قطبي التسوية الرئاسية، لا تنذر بأن شيئاً سينجز وأن عملاً سيكتمل، بعد عودة نغمة التصريحات النارية بين الطرفين، وعندما نسمع أحد مهندسي هذه التسوية الوزير نهاد المشنوق يقول بأنه علينا اليوم إعادة النظر بها، نعلم أن الأمور كما هي اليوم تذهب بنا وبالمؤسسات وبالدولة وبالإقتصاد الى المجهول.. فهل من هدنة منتظرة؟ أم أن قلب الطاولة بات قريب؟

السابق
مكانة نتنياهو تهتز… و48 في المائة يريدون رئيس حكومة جديداً
التالي
متطوعات «زادُنا» تكرّم مجموعة من العائلات بإفطار رمضاني