تركيا وتحدي المقاومة الكردية

الأكراد
القرار التاريخي بالاضراب عن الطعام الذي اتخذته ليلى كوفن احتجاجا على العزلة المفروضة على المفكر و القائد عبدالله أوجلان تحول مع الوقت إلى عمل شارك فيه الآلاف من المناضلين و المناضلات المعتقلات في سجون الدولة التركية .

قرار الاضراب عن الطعام الذي أخذ فيما بعد بعدا جديدا بعد أن تحول الى اضراب مفتوح عن الطعام حتى الموت وصل الى هدفه المنشود بكسر العزلة التي كانت مفروضة على القائد أوجلان في جزيرة عمرالي، وهذا ان اثبت شيئا يثبت مرة أخرى أنه لا يضيع حق وراءه مطالب.

حاولت الدولة التركية عن طريق فرض العزلة على القائد أوجلان القضاء على تأثيره السياسي، أو تجميده على الاقل، إلا أن الاحداث والزمن أثبتا بأن هذه السياسة فاشلة وأن القائد عبد الله أوجلان كمفكر وقائد ومنظر، عن طريق ما ذكره في كتبه و ما رسمه من استراتيجية وما بناه من ثقة بينه وبين الشعب، يملك قوة تأثير كبيرين لا يمكن تهميشهما.

لقد كان الكرد في بداية القرن الماضي يفتقدون الى قيادة سليمة، قيادة تدرس الواقع بشكل موضوعي وتمارس سياسة مبدعة. نعم يمكن أن يكون الكرد أكثر شعب عانى من قضية انعدام القيادة. كثيرون يمكن ان يدّعوا بأنهم قادة و أنهم رؤساء، لكن القليل منهم يمكنهم ان يقوموا بهذا الدور، تاريخياً، الشعوب التي حظيت بقادة حقيقين هي من نجحت في رسم مستقبلها وفق مشيئتها في حين أن الشعوب التي تفتقد هذا النموج من القادة تكون محكومة إما بالزوال أو بالعبودية. أن تكون صاحب فكر عائد لك، وشخصية تنتمي لجذورها و اصلها يعتبر أمر مهم للغاية.

اقرأ أيضاً: دوامة الشرق الاوسط

مشكلة القيادة هذه قضية اقليمية، فالقادة في الشرق الاوسط عموما هم ليسوا قادة لانهم لا يقودون بل يتم قيادتهم من قبل الآخرين، لذلك نرى بأن وجودهم هو عبئ على شعوبهم، و حالة التخبط التي نعيشها اليوم في هذه المنطقة هي نتيجة افتقاد المنطقة لقادة حقيقيين. لذلك ترى البعض يتملكه العجب حين يسمعون بأن ثمة مناضلون ومناضلات كرد اتخذوا قراراً بالاضراب عن الطعام حتى الموت حتى يتم رفع العزلة عن شخص في السجن. في حين أن القضية مختلفة تماما، فهناك اشخاص يتحولون الى شعب وشعوب تعبر عن نفسها في اشخاص، فهل يمكن ان نفصل غاندي عن قضية الشعب الهندي حينذاك أو ان نفصل مانديلا عن شعب جنوب افريقيا!
عندما تصبح القضية على هذا الشكل، تصبح أي ممارسة ظالمة ضد هؤلاء الاشخاص هي ممارسة ضد تلك الشعوب في نفس الوقت، فعمر المختار تحول الى ليبيا وتحولت ليبيا الى عمر المختار في وقت من الأوقات. لذلك عملية الاضراب عن الطعام هذه تعني بأن الكرد يقولون بأنه يمكن ان نعيش دون ماء ودون خبز ولكن لا يمكن أن نعيش دون هوية ودون قيادة. يمكن أن نضحي بأجسادنا ولكن لا يمكن التضحية بإرادة شخص تمثل شعبا بأكلمه.

مرة أخرى أدركت الدولة التركية بأنه من الصعب تهميش دور القائد أوجلان في ساحة الصراع السياسي والعسكري الدائرة في تركية والمنطقة. بأي هدف قامت بارسال المحاميين لمقابلة موكلهم يمكن ان يتم مناقشته مطولاً، لكن ما لا يمكن ان تنكره تركية هو أنه لا يمكن ممارسة السياسة في تركية دون أخذ القائد أوجلان بعين الاعتبار، لأنه بقوته الفكرية والشعبية يمكن ان يفشل حساباتهم وهذا ما تم إثباته أكثر من مناسبة، كان آخرها في انتخابات 31 آذار 2019.

السابق
 الحريري وصل الى جدة لترؤس وفد لبنان الى القمتين العربية والاسلامية
التالي
الجيش تسلم عربتي نجدة هبة من السلطات الأميركية