ساترفيلد: ترسيم حدود أم رسائل سياسية؟.. حزب الله «يلتزم الصمت»

دايفيد ساترفيلد
يبدو أن نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ساترفيلد سيختم مهامه في هذا المنصب بحل أزمة الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة التي تعود الى سنوات طويلة، حيث أن زياراته المكوكية بين لبنان والأراضي المحتلة في الأيام السابقة بدأت توحي بأن الملف يأخذ منحى جدي، وأن رحلة الوساطة الأميركية لحله قابلة للترجمة على أرض الواقع.

المسعى الأميركي هذا ليس بجديد، لكن الوساطات الأميركية السابقة منذ سنة 2012 لم تصل الى هذا الحد من الجدية، ولكن السبب حينها لم يكن تراخي أميركي بالتعامل مع الملف بل بسبب رفض لبنان حينها التسوية التي كانت مطروحة باعطاء اسرائيل الحق بـ40% من المساحة المتنازع عليها والتي تقدر بـ860 كلم مربع، أما اليوم فلبنان هو من طلب هذه الوساطة من أميركا في الفترة الاخيرة، وهو من عاد ووافق على التسوية القديمة، وهذا ما يفسر وجود ساترفيلد المستمر بين لبنان والقدس المحتلة.

فقبل حوالي الأسبوعين، وخلال لقاء رئيس الجمهورية ميشال عون مع ساترفيلد، أبلغ عون الموفد الأميركي بالموافقة على الوساطة الأميركية لترسيم الحدود البرية والبحرية، بشكل متواز ومتكامل. كما الموافقة على إحياء اللجنة الرباعية. أما في ما يخص الفائدة الأميركية من هذا العمل رغم عدم مشاركتها بالتنقيب، فقد يكون مثلاً بهدف إنشاء شركة قابضة ، تعمل على شراء المنتوجات النفطية من لبنان وكذلك من إسرائيل، لتصبح هذه المنتوجات ملكها، وهي القادرة على التحكم بتسويقها، من دون أي علاقة مباشرة بين لبنان وإسرائيل.

اقرأ أيضاً: ساترفيلد في لبنان لترسيم الحدود.. وهذه هي المكاسب الإقتصادية

هذا من الجانب الإقتصادي، أما سياسياً فالأهداف الأميركية من شأنها أن توقف أي تقدم، أو أن تشرع بالتنفيذ بحسب “اللهجة” التي ستتبع، فإذا دخل حزب الله وسلاحه بالعملية كشرط على لبنان، فسنكون أمام عراقيل كثيرة ستمنع إكمال ما تم بحثه والوصول اليه، أما إذا اقتصر الأمر على حل نزاع قائم يخدم اسرائيل ولبنان معاً، فلن يكون هناك من عراقيل جوهرية تذكر، خصوصاً أن عون لم يكن ليتحرك بهذا الملف دون معرفة مسبقة عن رأي حزب الله بالموضوع، إضافة الى أن الزيارات المستمرة تحصل بين ساترفيلد ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة سعد الحريري، وبالتالي لبنان الرسمي بقبول جميع الأطراف هو من يحرك ركود هذا الملف.

لا شك أن العودة الأميركية القوية الى لبنان لا يمكن فصلها عن التطورات السياسية في المنطقة ككل، خصوصاً بعد الفترة مليئة بالتحذيرات والضغوط المستمرة، التي دفعت ببعض المسؤولين اللبنانيين الى القبول مجدداً بالوساطة الأميركية كنوع من إظهار جانب لبناني إيجابي يخفف من حدة الخطاب الأميركي تجاهه، وبالتالي يبعد المخاطر التي كانت لتظهر مع تغيير طريقة تعاطي أميركا مع لبنان.

ما هي رسائل ساترفيلد؟

في هذا الشأن، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي لقمان سليم، في حديث لجنوبية، أن زيارات ساترفيلد المتكررة ليست لها علاقة فعلية بملف ترسيم الحدود البحرية والبرية، وأشار الى أن المبعوث الأميركي يأتي لإيصال رسائل واضحة للحكومة اللبنانية، لكنه بحاجة الى سبب لمجيئه، والسبب الذي يحفظ وجه ماء الجميع هو الحديث عن ترسيم الحدود.

وعن إشاعة جو ايجابي عن الملف، قال سليم: “هذا جزء من حركة أميركية أوسع، ولكن لا أظن أنه باللحظة التي يتم بها اعادة ترسيم الحدود في المنطقة ستميز أميركا لبنان بهذا الشكل الذي يروج له، بالتالي فان ما يحصل مرتبط بالوضع الإقليمي أكثر منه بالوضع اللبناني الحدودي”.

وعن الرسائل التي قد يكون نقلها ساترفيلد الى لبنان، قال: “بكل وضوح يقول الجانب الأميركي أن أي استخدام للبنان من ناحية جغرافيته أو لجهة ادارة مؤسساته وغيرها ضد المصالح الأميركية في المنطق، فان نتائجه لن تكون جيدة بالنسبة لنا”.

موقف حزب الله

من جانب آخر، اعتبر عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل مصطفى علوش، في حديث لجنوبية، أن ترجمة ملف الحدود على أرض الواقع وارد حدوثه، ذلك لأنه مطلب لبناني بالأساس وبالتالي لن يكون المعرقل، وهذا الحراك ليس بجديد بل بدأ بالتفعيل منذ سنة ونصف.

اقرأ أيضاً: ساترفيلد في لبنان: «حزب الله» يؤجلّ «مؤقتاً» لبنانية مزارع شبعا؟

وأشار “حينها لم نصل الى نتيجة مرضية، انما اليوم يبدو أنه قد نصل لذلك، مضيفاً: “هناك اعتداء اسرائيلي مبني على نظرية معينة بما يخص الحدود البحرية لم يوافق لبنان عليها سابقاً، أما اليوم فعلينا أن نتابع كيفية الوصول الى حل لذلك”.

أما عن موقف حزب الله “غير المعرقل” لحد الآن للمفاوضات قال علوش: “لبنان لا يقوم بمفاوضات مباشرة مع اسرائيل، وحزب الله هو رائد بالمفاوضات غير المباشرة مع العدو عندما كان يحرر الأسرى ويستلم جثامين مقاتليه وغيرها، بالتالي لا يمكنه الإعتراض على أمر هو يقوم به”.

وعن امكانية دخول مسألة سلاح الحزب بملف ترسيم الحدود، أكد علوش “منطقياً لا يمكن حل مسألة السلاح عبر هذا الملف، وحزب الله ينفذ بالنهاية مشروع الولي الفقيه، بالتالي بالنسبة له سواء ترسمت الحدود أم لم ترسم أو اذا كانت مزارع شبعا لبنانية أم غير لبنانية، أو حتى اذا اسرائيل معتدية أم غير معتدية، فكل ما يهمه هو تنفيذ مشروع ولاية الفقيه”.

السابق
موضة العهد: شعار مكافحة الفساد!
التالي
سلاسل دهب: حكاية شامية بنكهة أفلام ديزني