إزالة آثار معركة السلطان يعقوب

معركة السلطان يعقوب
...في كل مرة كان يثار فيها النقاش حول دور النظام السوري في لبنان و"إنجازاته" في مواجهة المؤامرة الصهيونية - الإمبريالية على لبنان.

كانت أبواق هذا النظام من اللبنانيين تتخذ من معركة السلطان يعقوب أيام الإجتياح الصهيوني للبنان عام 1982 دليلاً على “مقاومة” وتصدي هذا النظام وقواته للإجتياح والمؤامرة. وبغض النظر عن كل تفاصيل المعركة وحيثياتها ومدى تقصد النظام السوري خوض هذه المعركة أو أنها فرضت عليه وكان لا بد بالتالي من التصدي، تبقى هذه المعركة من المعارك التي يتباهى بها أزلام هذا النظام حتى اليوم وهي معركة تكبد فيها العدو خسائر كان من بينها دبابة وإختفاء أثر عدد من الجنود.

اقرأ أيضاً: سوريا على توقيت ساعة كوهين

منذ حوالي السنتين فوجئنا بأن إسرائيل إستعادت هذه الدبابة عبر روسيا في غمرة الحرب الدائرة في سوريا دون أن ينبس النظام وأزلامه من الممانعين الأشاوس ببنت شفة وتجاهلوا الموضوع على طريقة “أعمل حالك ميت”. اليوم تعلن إسرائيل وهي على أبواب إنتخابات عامة مبكرة، وعشية زيارة نتنياهو إلى موسكو التي باتت وكأنها مكان سكنه الطبيعي من كثرة زياراته إليها، وفي الوقت الذي لم ينبس العالم بعد صفعة ترامب بإعترافه بضم الجولان السوري المحتل إلى إسرائيل بعد القدس، في هذه الأجواء تعلن إسرائيل عن إستعادة رفات أحد جنودها الذي إختفى أثره في معركة السلطان يعقوب عام 1982 أي بعد 37 عام وكأنها بذلك تخوض حرب إزالة آثار هذه المعركة الشهيرة، يساعدها في ذلك حليفها الروسي “بمونته على حليفه” السوري الذي هو بنظر أنصاره رأس حربة الممانعة والمقاومة والتصدي للمشروع الصهيوني الإمبريالي في المنطقة، والذي هو على ما يبدو يريد أيضا إزالة آثار معركة السلطان يعقوب من سجله عبر تمريرها دفعة على الحساب في معركته للبقاء في السلطة في زمن دفع الفواتير السياسية ثمنا لهذا البقاء.

في هذا المجال لا بد من الإشارة إلى ردة فعل هذا النظام وأتباعه على قرار ترامب بالإعتراف بضم الجولان لإسرائيل. بالنسبة للنظام فإن رد فعله كان كرد فعل أي دولة عربية أخرى، لدرجة أن هناك بعض المواقف الأوروبية والدولية تتخطى بكثير ولو على مستوى التنديد اللفظي مواقف هذا النظام وكأن الجولان تابعة لبلد آخر. أما ردة الفعل من أنصاره ومريديه وهي طبعاً برعايته أيضاً وتنم عن طريقة تفكيره العقيم والهش، فقد كانت ردة فعل كاريكاتورية تهريجية لا تتماشى مع قدسية الأرض التي يتغنون بها ليل نهار، وقد تجلت في “الإشتباك اللفظي” في برنامج تلفزيوني كان أحد طرفيه المغني علي الديك، وما أدراك ما علي الديك وعنترياته، وبصورة أكثر إيلاماً من فنان كبير مثل دريد لحام إختار في آخر العمر أن يتحول إلى مهرج ويرد على ترامب بطريقته بأن “يعطي” ولاية كاليفورنيا إلى المكسيك، وإكتملت الصورة البائسة لهذه الشريحة بإقامة أربعة من المحامين السوريين دعوى على ترامب وطلب إلقاء القبض عليه وأين؟ ليس في بروكسل ولا لاهاي بل أمام النائب العام في مدينة حلب التي حولها النظام إلى أنقاض.

كل هذه التصرفات ليست غريبة على من يعرف ويتابع “ثقافة” هذا النظام التي زرعها وعممها على أنصاره وأتباعه وهي ثقافة تضليلية للناس عبر اللعب على العواطف وإستغلال حسن طوية ووطنية الناس البسطاء الذين تثير حميتهم وحماسهم بضع كلمات لا تحرر ولا تغني من بؤس وظلم بإسم القضية والأرض. ويبقى السؤال.. هل سنصحو يوما ما على خبر إستعادة إسرائيل لجثة الجاسوس الشهير كوهين، سؤال لم يعد طرحه مستغرباً بعد كل الذي نرى ونسمع.

السابق
حزب الله يستولي على الحقوق الشرعية وأموال البلديات
التالي
رفات الجندي الإسرائيلي في سُلّم هزيمة المشروع الصهيوني وانتصار محور المقاومة!