اوروبا على خطى بريطانيا :الى أين سيأخذ «حزب الله» لبنان؟

احمد عياش

الغضب مستمر في  مناطق النفوذ الايراني من بيروت الى طهران بعد القرار البريطاني بتصنيف “حزب الله” بجناحيّه العسكري والسياسي “إرهابيا”.وبدا ان ذكر إسم الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله كفيل بمعاقبة من ينطق به عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تعود إمرتها الى العالم الغربي.كيف سيتحمل لبنان نتائج هذا العقاب الغربي على طرف يمسك بمقاليد الامور في هذا البلد؟

أحدث النتائج التي تترتب على التصنيف البريطاني ل”حزب الله” نقلته وكالة الانباء الاسلامية الايرانية(ارنا) من طهران حيث نقلت عن مساعد رئيس مجلس الشورى الاسلامي للشؤون الدولية حسين امير عبد اللهيان قوله ان تطبيق  Instagram  للتواصل الاجتماعي “قام بحذف مدونته حول الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ، وحذره في حال تكرار نقضه لقوانين شبكة التواصل الاجتماعي سيقوم بحجب حسابه الشخصي في هذا الموقع.”

وفق معلومات من اوساط ديبلوماسية ل”النهار” ، ان لبنان تبلّغ على المستوى الرسمي إشعارا من لندن قبل إعلان الخارجية البريطانية القرار الجديد بشأن تصنيف “حزب الله” الذي أصبح ساري المفعول بعد مصادقة مجلس العموم عليه. وفي الوقت نفسه ،حرصت الحكومة البريطانية على التأكيد للجهات الرسمية في لبنان انها ما زالت حريصة على العلاقات المتينة بين البلديّن على المستويات كافة  بالرغم من القرار الخاص بهذا الحزب.لكن السؤال الذي لا يزال موضع متابعة على المستوى الرسمي:كيف سيتم الفصل بين العقوبة البريطانية بحق هذا التنظيم وبين مضي العلاقات بين البلديّن في المسار الطبيعي؟

لو يبقى الامر محصورا ببريطانيا ،التي سارع “حزب الله” وحلفاؤه في لبنان والمنطقة الى إتهامها  بالخضوع للاملاءات الاميركية، لكان ضرره محدودا.لكن الاوساط الديبلوماسية تتحدث بثقة ان سائر الدول الاوروبية ستخذو حذو بريطانيا في المرحلة المقبلة، مشيرة الى ان الاتجاه العام الذي إرتسم في مؤتمر وارسو الاخير هو معاقبة إيران وأذرعتها في المنطقة، ومن بينها “حزب الله”.غير ان هذه الاوساط إستغربت عدم تمييز الحزب بين موقف بريطاني إندفع بعد وارسو لمعاقبة إيران وأذرعتها ،وبين مواقف اوروبية وتحديدا الموقف الفرنسي الذي يسعى الى التمييز بينه وبين موقف واشنطن من خلال الحرص على التعامل مع الواقع اللبناني من منطلق علاقات تاريخية تؤكد دفء هذه العلاقات على الدوام حتى ولو كان لبنان يعاني من ثقل المشروع الايراني.وتساءلت هذه الاوساط عن الحكمة من وراء هجوم “حزب الله” غير المباشر على مهمة منسق مؤتمر “سيدر” السفير بيار دوكين، المكلف من الرئاسة الفرنسية متابعة تنفيذ قرارات المؤتمر الذي حضر الى لبنان في مهمة غايتها الحث بقوة على قيام لبنان بما يتوجب عليه من خطوات كيف يستفيد من فرصة المؤتمر.فهل من مصلحة الحزب وراعيه الاقليمي ،إيران، إقفال النافذة الاوروبية ،شبه الوحيدة ، التي تهب منها علاقات طيبة في زمن العقوبات الاميركية التي تذهب الى تشدد لا سابق له؟

ربما تتغير الصورة بعض الشيء في ضوء المعلومات المتوافرة حول التطور المثير الذي شهدته طهران في الايام الماضية والذي تمثل بإستقالة وزير الخارجية محمد جواد ظريف الذي عاد في وقت لاحق عنها.ووفق هذه المعلومات، لا يقتصر سبب إستقالة الوزير الايراني على تجاهله خلال زيارة رئيس النظام السوري بشار الاسد الاخيرة للعاصمة الايرانية ، وهي إستقالة  بدت كستارة على الدوافع الحقيقة وراء إقدام ظريف على خطوة فريدة من نوعها في الواقع السياسي الايراني.وهذه الدوافع،كما علمت “النهار” ،ترتبط بدور وزير الخارجية الايراني في إطار مشروع حل اوروبي يعمل على حل النزاع الاميركي-الايراني .ولفتت مصادر المعلومات الى ان هناك إرتياب في اوساط المحافظين الايرانيين حيال هذا المشروع ما إنسحب ضغوطا على ظريف نفسه.ويكفي هنا العودة الى المقال الذي نشرته صحيفة “كيهان” غداة إستقالة ظريف ،لتبيّن كم هي الهوة واسعة بين دعاة إيجاد الحلول وبين الساعين الى التشدد حفاظا على القبضة القوية لنظام المرشد.

تحت عنوان “ما هكذا الظن بك يا ظريف” كتب حسين شريعتمداري في 27 شباط الماضي في كيهان يقول :”…ان سجل وزارة الخارجية خلال ترؤس ظريف لم يكن مرضيا، إذ يمكن الاشارة الى واحدة من اهم امثلتها ،التوقيع على الاتفاق النووي الكارثي.”

من المأزق في طهران الى المأزق في بيروت.فبالرغم من الغبار الكثيف الذي لم ينجل بعد إنطلاق “حزب الله” في حملة مكافحة الفساد ،وفق الطريقة التي أدار بها الامور الناب حسن فضل الله ،هناك معضلة حقيقية تتربص بلبنان تتعلق بحظر التعامل الغربي مع ثلاث وزارات يديرها الحزب حاليا وفي مقدمها وزارة الصحة. حتى ان الرواتب التي سيتقاضاها وزراء الحزب الثلاثة يجب ألا تأتي اليهم مباشرة من القطاع المصرفي كي لا يدفع القطاع ثمن تعامله مع من يصنفه الغرب “إرهابيا”.ولا يبقى في هذه الحالة من حل سوى التعامل نقديا مع رواتب وزراء الحزب، كما هو معتمد حاليا في التعامل مع الكثير من المؤسسات ذات الصلة بإيران وحلفائها.

إقرأ أيضاً: اوروبا تلتحق بأميركا وتطالب بخروج ايران من سوريا

ما لم يظهر حل للاشتباك الاميركي –الايراني ، كل الاحتمالات واردة بما فيها العودة الى زمن الحمام الزاجل ، إذا ما حرم عبد اللهيان من وسائل التواصل الاجتماعي ، وكذلك العودة الى زمن المقايضات العينية ،إذا ما قطعت صلة “حزب الله” بالقطاع المصرفي.لكن الخشية هي في سلوك الحزب الذي قد يأخذ لبنان الى المجهول ولو كان هذا المجهول العصر الحجري!

السابق
هذا ما طلبته احلام من جمهورها قبيل حفلها في الرياض!
التالي
تسريب فكرة رامز جلال في رمضان وأحد المشاركين في إعداد البرنامج يرد!