الإصلاح على طريقة إميل لحود: أبشر أيها الفاسد

اميل لحود
حين أطل عهد الرئيس إميل لحود في العام 1998 استبشر معظم اللبنانيين خيراً بالقضاء على الفساد في السلطة السياسية والإدارة فماذا تحقق من إصلاح؟

لقد نظر اللبنانيون بتفاؤل الى ما يمكن أن ينجزه هذا الرئيس القادم من المؤسسة العسكرية، ومن خارج الطبقة السياسية التي كانت مضللة بما يسمى الترويكا الرئاسية، والتي أوغلت في استنزاف الدولة والخزينة بالديون والفساد، وعلى رغم الرعاية السورية لهذه الترويكا، ووصاية المنظومة الأمنية والسياسية الأسدية لها، وللمحاصصة والفساد والافساد، حاول اللبنانيون ان يتغاضوا عن فكرة أن النظام السوري هو نفسه من جاء بالرئيس لحود الى قيادة الجيش ثم الى الرئاسة الأولى – تأملوا واهمين كما تبين لاحقاً – أن الرئيس لحود سينجز عملية اصلاح جدية في الدولة ومؤسساتها.
لكن حساب البيدر لم يطابق حساب الحقل، فما فعله الرئيس لحود آنذاك هو في قيامه بحملة شعواء على الرئيس رفيق الحريري، فطرد من طرد من مدراء عامون في الإدارة، وزجّ في السجون بعضهم وشُنّت حملات سياسية وامنية على الرئيس رفيق الحريري، وكاد وزير المالية آنذاك فؤاد السنيورة أن يزجّ في السجن، ولكن لم يتحقق له ذلك. قد يكون ما فعله الرئيس لحود وفريقه الحاكم آنذاك كان يمكن أن يكون مصيباً، ولكن عندما نظر اللبنانيون الى أن أبرز من كانوا في الفريق الإصلاحي للرئيس لحود هو الوزير ميشال المر، وشاهدوا كيف أن سيف الإصلاح لم يطل احداً من اتباع الرئيس بري أو سليمان فرنجية أو غيرهم من القيادات الحاكمة والمسددة من “المقاومة” ومن النظام الأمني السوري، خاب ظنهم، لأنهم أدركوا أن ما يجري ليس سوى تصفية حسابات سياسية، ما لبثت أن انقلبت على أصحابها، بل رسخت الفساد وجذرته واعادت الاعتبار مجددا لسلطة المحاصصة. وخرج المتهمون من سجونهم أبرياء باحكام قضائية وضاع الإصلاح وتبدد، باسم محاربة الفساد.

اقرأ أيضاً: حتى في محاربة الفساد… الأمر لحزب الله!

ما يدركه أي لبناني اليوم عاصر تلك المرحلة أو اطلع على نتائجها، أن محاربة الفساد وإنجاز عملية الإصلاح، لا يمكن أن تتمان في تكرار نفس التجربة وبنفس الروحية الكيدية، فضلا أن أي عملية اصلاح تتطلب رؤية علمية ومنهجية تقوم بها جهات متخصصة ومحايدة، ولا تكون انتقائية في الملفات، ووتطلب قبل ذلك الثقة بالاجهزة الرقابية، والثقة باستقلالية القضاء، وسوى ذلك هو محل شك طالما أن السلطة الحاكمة في البلد اليوم، أي حزب الله، اختار خصمه السياسي الرئيس فؤاد السنيورة ليضعه على مشرحة المحاسبة، والكل يعلم أن القضاء وأجهزة الرقابة مشكوك في استقلاليتها عن السلطة السياسية الحاكمة.
اذا لم يكن هناك خطة وطنية وعلمية وسياسية للإصلاح، يصبح فتح الملفات الاستنسابي، امرا لا يمكن أن يؤدي الى الإصلاح، بل الى مزيد من ترسيخ الفساد، باعتبار أن أحدا لن يثق بأن حزب الله الذي يصوب على الرئيس السنيورة، يفعل ذلك لاسباب إصلاحية، فيما لو نظر الى الأقربين فسيجد الكثير من المفسدين والفاسدين، وأن يبدأ من الاقربين لاصلاح الحال هو ألاولى والاقرب للتقوى، هذا اذا كنا نظن به خيرا على صعيد الحرص على الدستور والقانون والمال العام.

السابق
ماذا عن المستشفى التركي في صيدا؟
التالي
المحاصصة شابت انتخاب مجلس محاكمة الرؤساء… فما قصة المقعد السابع؟