الحريري يقلّل من وطأة التحذيرات الأميركية

بدأ لبنان بالخروج من حال «انعدام الوزن» الذي شكّله الفراغ في السلطة على مدى نحو 9 أشهر. فالحكومةُ الجديدة التي وُلدت في لحظة تَقاطُع محلي – إقليمي ساهَمَ في الإفراج عنها، تسرّع الخطى لإكمال مشوارها الدستوري عبر إنجاز «المانيفست» السياسي الذي سيتضمّنه البيان الوزاري المتوقّع إنجازه الثلاثاء المقبل لتنال على أساسه ثقة البرلمان على الأرجح في الأسبوع نفسه.
ومع التقاط الصورة التذكارية أمس لحكومة الـ30 وزيراً بـ«نجماتها الأربع» (الوزيرات الأربع)، بدا واضحاً أن العنوان الاقتصادي – المالي يشكل الأولوية القصوى للورشة الحكومية التي يفترض أن تركّز على بدء آلية تنفيذ الإصلاحات التي اشترطها مؤتمر «سيدر» لصرف القروض والمساعدات (11 مليار دولار ونيف) الرامية إلى النهوض بالواقع اللبناني الذي ظهّرت الأزمة الحكومية الأخيرة أنه بات أكثر انكشافاً على «الاضطراب» المالي من أي وقت مضى.
وفيما لم يكن عابراً أن «أول الكلام» لرئيسيْ الجمهورية العماد ميشال عون والحكومة سعد الحريري (في الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء أمس وشكّل خلالها لجنة صوغ البيان الوزاري) ركّز على العنوان المالي والاقتصادي، وسط ارتياحٍ إلى التفاعل الإيجابي للأسواق المالية مع الانفراج الحكومي كما إلى التوقعات بإمكان أن تبادر دولتان خليجيتان إلى وضع وديعتين ماليتين في مصرف لبنان إحداهما بمليار دولار والأخرى بما يقلّ عن الأولى بقليل، فإن «درب الحكومة» لن يكون «مفروشاً» بالورود في ظلّ اتجاه الأنظار إلى تحدييْن، داخلي وخارجي.
فعلى الصعيد المحلي، ثمة رصْدٌ عن كثب لما إذا كانت «الحروب الصغيرة» التي رافقتْ مسار التأليف الشائك بين أكثر من طرف ستتحوّل «أشواكاً» في خاصرة الحكومة وعملها وإنتاجيّتها خصوصاً في ما يتعلّق بملفات – مفاتيح ذات صلة بـ«سيدر» و«القرارات الصعبة» المطلوبة (كما وصفها الحريري)، وربما بعناوين سياسية قد تفرض نفسها في ضوء التطورات الإقليمية وتوجب الخروج من «اللعب على الكلام» الذي سينطوي عليه البيان الوزاري الذي سـ«يستنسخ» تقريباً فقرات بيان الحكومة السابقة في ما خص «المقاومة» و«حزب الله» والموقف من الأزمة السورية من ضمن تفاهمات مسبقة على إنجاز هذا البيان بسرعة قياسية في إشارةٍ إلى قرارٍ بـ«تعويض» الوقت الطويل الذي استنزفتْه عملية التشكيل.
أما على الصعيد الخارجي، فإن الحكومة تبدو أمام «اختباراتٍ» غير سهلة ستخضع لها لجهة كيفية التوفيق بين تمدُّد نفوذ «حزب الله» داخلياً وبين الحفاظ على «بوليصة التأمين» العربية – الدولية لواقعه والتي يرتكز «مقياس» استمرارها على النأي بالنفس عن أزمات المنطقة وحروبها وعدم الانزلاق بالكامل إلى «الحضن الإيراني».
وإذا كان «معيار» النأي بالنفس أقلّه بالنسبة للأوروبيين والفرنسيين تحديداً يركّز على تفادي اندفاعة بيروت أو مسؤولين فيها الى التطبيع مع النظام السوري من خارج مسارٍ عربي ودولي متكامل، فإن منطلق اهتمام واشنطن بالواقع اللبناني والحكومة تحديداً ينطلق من «العين الحمراء» الأميركية على «حزب الله» من ضمن استراتيجيتها للتصدي لإيران وأنشطتها في المنطقة، وسط رصْد لتداعيات تولي الحزب للمرة الأولى حقيبة دسمة في لبنان، هي الصحة، في «زمن العقوبات الأميركية»، ولا سيما في ظلّ «ارتباطات» هذه الوزارة بمساعداتٍ واتفاقات مع الولايات المتحدة.
ولم تتوانَ واشنطن، التي رحّبت بتشكيل الحكومة عن إطلاق «إشارات تحذيرية» عبر خارجيّتها التي عبّرت عن القلق لكون «حزب الله»، «سيستمر في تولي مناصب وزارية وقد أجيز له تسمية وزير الصحة العامة»، داعية الى «ضمان ألا توافر موارد هذه الوزارات وخدماتها دعما لحزب الله»، آملة أن «يعمل جميع الأطراف على الحفاظ على التزامات لبنان الدولية، وسياسة النأي بالنفس عن النزاعات الإقليمية (…)».

إقرأ أيضاً: مجلة أميركية تكشف عن مصادر تمويل «حزب الله» وحجم ميزانيته

وأرخى الموقف الأميركي بثقله على «أول يوم عمل» للحكومة، حيث أكد الحريري رداً على سؤال حول موقفه من كلام واشنطن المتعلق بوزارة الصحة من «اننا تبلغناه منذ زمن وقد صدر في مناسبات عدة»، معتبراً ان هذا الموقف «لا يسبب إحراجاً وهو يندرج في إطار الكلام الذي يقولونه دائماً عن حزب الله، فلديهم قوانين صدرت في هذا الإطار ولا أظن أن حزب الله أو نحن أو أي أحد سيسخر وزارته لحساب حزبه السياسي. فالوزير هو وزير لكل لبنان ووزير الصحة قال ذلك في أول كلام له بعد تسلمه الوزارة»، مضيفاً: «إذا كانت الأمور واضحة وشفافة وسارت على الطرق التي نعمل بها في وزارة الصحة وفي كل الوزارات فلن يواجه أحد أي مشكلة».
وشدد عون على ضرورة التضامن «لتحقيق مشاريع عدة لها الأولوية»، مطمئناً الى«أن المرحلة المقبلة ستكون افضل بكثير لا سيما بما خص الوضع المالي»، داعياً لوجوب التنبه في الحديث عنه وأن يتولى ذلك أهل الاختصاص، بعدما كان نُقل عنه قوله «طمئنوا العرّافين والبصارين، الليرة لن تنخفض قيمتها والأزمة نفسية».

السابق
بالصورة: ابنة صدام حسين تكشف رسالة بخط يدّه تتحدث عن خطّة الموت!
التالي
السنيورة دعا حزب الله إلى التبصر والهدوء