برامج «التوك شو» في لبنان: ماذا بعد؟!

توك شو
لم تستطع القنوات اللبنانية لغاية هذا اليوم، أن تجمع اللبنانيين على برنامج واحد طيلة الأسبوع، وإذ حدث ونال برنامج ما استحسان شريحة واسعة من الجمهور فقد يلعب الراتينغ على سحب البساط من تحته لصالح برامج أخرى، كاستبدال سهرة الخميس ببرنامج "لهون وبس" مع الممثل الكوميدي هشام حداد عوضاً عن "كلام الناس" مع الإعلامي مارسيل غانم.

ورغم أن الإعلام الخاص في لبنان ليس حديثاً كما في دول عربية مجاورة بدأت تتجه حديثا للإعلام الخاص، في حين بلغ عمر بعض القنوات اللبنانية ربع قرن، لكن التصابي في الإعلام يسود عددا من القنوات في بيروت، خاصة بعد تراجع الإنتاجات الضخمة وتحكم معايير المعلنين في طول موسم البرامج ومدتها وعدد حلقاتها. فتحول المشروع الإعلامي إلى برنامج مجدول قد يتأخر عدة شهور عن العرض وقد لا يبصر النور في النهاية.

إذاً لا جرأة تحملها القنوات اللبنانية للمراهنة على أسماء قوية في الإعلام من اجل صناعة محتوى برامجي مختلف، لتظهر في النهاية غالبية البرامج بلون واحد وتتوحد ماهيتها في يوم معين من الأسبوع حول منحى معين من البرامج فالاثنين للقضايا الاجتماعية والأربعاء للقضايا الإنسانية الأكثر اتساعاً وهكذا وصولاً للأحد مع حصة ضيقة من الترفيه إذا ما قيس ببرامج فنية وغنائية.

اقرأ أيضاً: من «نقشت» إلى «بلا تشفير»: برامج تُسَوِّقْ باللحم الحي!

غابت في السنوات الأخيرة، لصالح برامجح منخفضة التكلفة تدخل فيها القناة في تحدي استمرار البرنامج لأكثر من موسم واحد فقط. بذلك تفقد القنوات تدفق المشاهدين الذين يتحقق حين تحافظ على هوية برامجية ثابتة نسبياً ولفترة زمنية طويلة كما تفعل قنوات كبرى ك “أم بي سي” و”الجزيرة” ومؤخراً في القنوات المصرية التي انتقلت لنظام تدفق مريح مع المراهنة على عدة أسماء كبيرة في سماء الإعلام المصري، ما حول عدة أيام في الأسبوع إلى مواعيد ثابتة لمشاهدة محتوى منافس فيما بينه على صعيد الإعلام المحلي كبرنامج “الحكاية” مع عمرو أديب و”معكم” مع منى الشاذلي و”صاحبة السعادة” مع إسعاد يونس.

اقرأ أيضاً: البرامج الفضائحية موضة العصر

لبنانياً، القصة مختلفة إذ يتحكم الراتينغ بمضمون الحلقات ويسيّرها ويتحول المذيعين إلى روبوتات تكرر ذات الطلب في الحلقة عشرات المرات ليشارك الجمهور في هاشتاغ البرنامج ويتفاعلون على تويتر معه لزيادة راتينغ الحلقة، مع وسائل أخرى للجذب كجائزة معينة لصاحب أول تغريدة، أو السحب العشوائي لتغريدة معينة يفوز صاحبها بسفرة إلى بلد ما وغيرها من الوسائل التقليدية جداً لجذب الجمهور. مع الغاية الأهم في نظر مقدم البرنامج وهو أن تصل حلقته إلى “التريند” الأول في لبنان. بذلك فرضت وسائل التواصل الاجتماعي هيمنتها على محتوى التلفزيون، فراحت الشاشة الصغيرة تلهث خلف الشاشة الأصغر منها حجماً بأضعاف لاستقطاب المشاهد مرة أخرى ليعود لفتح التلفزيون، موضوعٌ مستفز، حديث عن العلمانية أو التطرف، عن الرقص أو الجنس. وهكذا يلعب الاستفزاز دوره في دفع المشاهد لفتح حسابه على تويتر والتغريد عن الحلقة ولو كانت التغريدة مثقلة بعشرات الكلمات النابية، فالمحصلة أنه زاد حجم التفاعل ورفع من جماهيرية الحلقة. وكأن جماهيرية الإعلام اليوم لم تعد في قوة البرنامج كصناعة أفكار او في قوة الإعلامي كمحاور بل في درجة استفزاز الموضوع للجمهور كي يناصره بشكل لحظي أو يهاجمه. وهذا ربما هو السبب الأبرز في تعثر صناعة البرامج في لبنان بإيجاد برامج دورية تحقق تفاعلا قويا ومستمرا، ليأتي ذلك على
أسماء كبيرة في الإعلام ضعفت هيبتها في حرب الراتينغ، وأسماء اخرى غابت عن الساحة لانها لم تدخل كطرف محارب في هذا النزاع الإلكتروني المقيت!!

السابق
أسبوع الحسم: حصة القوات لا تُمس.. وهذه هي صيغة حلّ «الوزير التشاوري»
التالي
العثور على جثة مواطن داخل منزله في حي الشراونة مصابة بطلق في الرأس من سلاح صيد